شدني شريط فيديو على "تيكتوك"، لمهاجر مغربي أنقذ جزائريا من الغرق، في دولة أوربية، وتضمن حوارا بين الاثنين، إذ تحدث المنقذ عن خطورة المكان وخلوه من الناس، وكيف أفلح في تخليص الجزائري من موت محقق، كما تضمن أيضا رد الجزائري، معترفا بالجميل، مثنيا على الشاب المغربي، الذي وجه رسالة إلى الجزائريين مفادها أننا "خاوة خاوة"... لم أتوقف عند الشريط فقط، بل قررت أن أدخل إلى خانة التعليقات لأجس نبض من شاهدوه، وكيف تفاعلوا معه، فوجدت المعلقين من البلدين الجارين منقسمين، بين من يشيد بالفعل، ويعتبره من شيم المغاربة، وبين من يربط السياسة العدائية للبلد الجار ويسقطها على من كاد يموت غرقا، بل وجدت تعليقات من أشقاء يزينون "بروفايلاتهم" براية البلد الشقيق، بعيدة عن الموضوع، تغوص في مواضيع تزيد في الفرقة والغل والعداوة. ذكرني هذا الموقف، بجهود المغرب في سبيل استقلال البلد الجار، وكيف دافع المغفور له محمد الخامس في الأمم المتحدة عن استقلاله، وخطاب وجدة في شتنبر 1956، الذي ألح فيه على إيجاد حل سلمي وعادل للقضية الجزائرية. لقد بذل الراحل الغالي والنفيس طيلة حكمه من أجل حرية الأشقاء في الجزائر، وبعده جلالة المغفور له الحسن الثاني، الذي سار على الدرب نفسه، إضافة إلى ما قدمه المغرب من مال ورجال وسلاح منذ انطلاق الثورة في 1956. عند استقلال الجزائر، زارها الراحل الحسن الثاني، في مارس 1963، حاملا هدايا ضمنها أسلحة، ووثقت كاميرا مصور الملوك الثلاثة، محمد مرادجي، الحدث، بصور إحداها استعرضت مدرعات وجمعت الملك الراحل بالرئيس الجزائري بن بلة، وبومدين، الذي كان حينها وزيرا للدفاع ونائبا للرئيس. وضمن المحاور التي نوقشت في تلك الزيارة، مسألة الحدود، وفق اتفاق سابق جمع المملكة مع الحكومة المؤقتة التي قادها فرحات عباس، وتمسك بن بلة خلال مفاتحته من قبل الملك الراحل بتأجيل المسالة إلى حين بناء مؤسسات الدولة، لكن الأمر لم يكن كذلك، بل كانت أطماع، بضم الأراضي المغربية المقتطعة من قبل فرنسا زمان حكمها للجزائر، وهو ما تأكد بعد ذلك فعليا، ليستمر مسلسل الانقلاب على الاتفاقات، وتبدأ الحروب قبل أن تحتضن تندوف عصابة "بوليساريو"، برعاية من الجزائر وليبيا. هكذا إذن، أدارت الجزائر ظهرها لما قدمته المملكة من تضحيات في سبيل الاستقلال، وسلاح لبناء الدولة والذود عنها، قبل أن تستعمل السلاح نفسه ضد من أهداه لها، وهو ما يذكرني بالقول المأثور: علمته الرماية فلما اشتد ساعده رماني... المصطفى صفر للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma