تمريرها بطرق ماكرة إلى مكتب دراسات يسيطر على الأخضر واليابس اهتزت جهة الرباط سلا القنيطرة، أخيرا، على وقع هجمة شرسة من قبل مكتب دراسات شهير بالعاصمة، وجد المجال خصبا للهيمنة والاستحواذ على أغلب الصفقات الدسمة، التي أسالت الكثير من المداد وواكبتها احتجاجات كبرى. وأرغم رئيس مجلس معروف على التراجع إلى الوراء، والاحتفاظ بهذه الصفقات بالرفوف في انتظار المجهول، ويجهل إلى حد الآن مصير هذه الصفقات والجهات التي ستستفيد منها. وحطم رؤساء جماعات، رمت بهم أمواج الانتخابات الجماعية لـ 8 شتنبر 2021، الرقم القياسي في تفويت صفقات مشبوهة لأصحاب مكاتب دراسات، البعض منهم يخصص نسبة من الأرباح لمنتخبين كبار. وكلما اتخذت وزارة الداخلية إجراءات وتدابير لتحسين أداء الجماعات المحلية، وتصحيح أخطائها، من خلال وضع ترسانة من القوانين والإجراءات، بهدف تقويض هامش هدر المال العام والتلاعب بمصالح المواطنين، كلما تفتقت عبقرية المنتخبين في "النصب والاحتيال"، وتمرير الصفقات بطرق أكثر مكرا. وبعد فشل مكتب الدراسات المحظوظ في نيل "كعكة" مجلس قريب من الرباط، زحف نحو الضواحي، فكان الموعد هذه المرة مع غنيمة دسمة بالجماعة "المليارديرية"، التي فاز بها بالدراسة، فيما رست صفقة إنجاز المشروع على مقاولة تربطها علاقة وطيدة بمكتب الدراسات نفسه، في واحدة من أضخم الصفقات التي عرفتها الجماعة، التي يرأسها رئيس مقرب من وزير سابق، فاقت ميزانيتها ستة ملايير. ولم تقف أطماع هذا اللوبي المصلحي عند هذا الحد، بل توسعت لتشمل جماعة قروية مجاورة لسيدي قاسم، إذ استفاد مرة أخرى مكتب الدراسات المحظوظ من صفقة دراسة شبكة الماء الصالح للشرب، وصفقة دراسة تهيئة مركز بأثمنة خيالية، وهي أثمنة باهظة جدا، وتفوق بكثير أثمنة السوق، ويكفي فقط مقارنتها بأثمنة تطهير وتهيئة مراكز جماعات مجاورة. وتأتي هذه "المجازر" التي ترتكب في حق المال العام، تزامنا مع ما نبهت إليه سلطات الوصاية، واستأثرت باهتمام المشرع وأفرد لها حيزا مهما، بخصوص مشكل الصفقات العمومية بالجماعات المحلية، في محاولة لمنع تفويتها بطرق مشبوهة لجهات معينة دون غيرها. عبد الله الكوزي