نظرا لاحتكاكك اليومي بالأطفال المصابين بالتثلث الصبغي، ما هي المشاكل التي تعانيها هذه الفئة؟ تجدر الإشارة إلى أن الأشخاص الذين يعانون تثلثا صبغيا ينقسمون إلى عدة أنواع، الأشهر منها تظل الفئة التي تعاني تثلثا صبغيا من الصنف 21. هذه الفئة تعاني علاوة على مجموعة من الاختلالات الجسدية، التي تظهر منذ الولادة ويمكن علاج بعضها، اختلالات تظل عصية على العلاج. ومن بين هذه الاختلالات يمكن أن نجد التشوهات في القلب، وصعوبات ومشاكل في الجهاز التنفسي، قد تؤدي إلى تعقيدات القلب والأوعية الدموية، فضلا عن ذلك، هناك مشاكل في العظام، أساسا في الركبة، علما أن لجميع الأطفال ذوي التثلث الصبغي أقدام مسطحة، ليس لها أي تأثير على صحتهم، إلا أنها قد تكون مصدرا للألم عند بعضهم.فضلا عن ذلك، يمكن أن نجد مشاكل مرتبطة بالسمع، ذلك أن فقدان السمع عند هذه الفئة هو خطر حقيقي يصعب اكتشافه أو ضبط تقديره بسبب التأخر الذهني الذي يعانيه الأشخاص ذوو التثلث الصبغي بدرجات متباينة. وعلاوة على هذه المشاكل التي قد تؤدي إلى عواقب مدمرة، يمكن أن يعاني ذوو التثلث الصبغي مشاكل تختلف حدتها من شخص إلى آخر مرتبطة بمشاكل جلدية، مثل جفاف البشرة وتقصف الشعر، ومشاكل الأسنان بارتفاع حساسيتها وضعف المينا وارتفاع حدة التسوس. أيضا يعاني الأشخاص ذوو التثلث الصبغي من اختلالات وظيفية، تفسر تأخر تطورهم الحركي أو اللغوي، أو هما معا، هذا التأخر يعد علامة بارزة في شخصية المصاب بالتثلث الصبغي. مع كل هذه المشاكل، نلاحظ أن بعض الأشخاص ذوي التثلث الصبغي يستطيعون الاندماج وعيش حياة طبيعية ما أمكن. إلى أي حد يمكن تحقيق ذلك؟ طبعا هذه المشاكل لا تمنع أن يتمكن الشخص ذو التثلث الصبغي من التأقلم مع حياة طبيعية، شريطة أن يخضع لحصص منتظمة من المواكبة الطبية، في العديد من المجالات، من بينها الترويض الحسي الحركي والعلاج الفيزيائي، وتقويم النطق والسمع، حصص تجعله في نهاية المطاف قادرا على الاندماج في فصول الدراسة، دون إغفال أنه من الطبيعي أن تعاني هذه الفئة صعوبات أكثر مع أقرانها في إمكانية الاستيعاب وتلقن المعارف والمهارات.يجب التأكيد في هذا السياق أيضا على أن الأشخاص ذوي التثلث الصبغي بحاجة إلى عدة حصص من الترويض والتقوييم، تنطلق منذ الشهور الأولى، إذ لا يجب انتظار أن يبلغ الطفل ثلاث سنوات لإرساله إلى أحد المراكز أو الجمعيات التي تعنى بهذه الفئة، بل إن المواكبة الطبية تنطلق بمجرد أن يعرف الآباء نتيجة الخريطة الصبغية ويتأكدون من طبيعة إعاقة أبنائهم. ما طبيعة الرعاية الطبية التي تحتاجها هذه الفئة؟ رغم أنه سبقت الإشارة إلى وجود اختلالات يعانيها الأشخاص ذوو التثلث الصبغي يستحيل علاجها، إلا أن هذا لا يعني أنهم معفيون من الرعاية الطبية، بل على العكس، تساعدهم حصص الترويض على التمتع باستقلالية تامة، يحتاجونها للاندماج في حياة طبيعية.وفي الوقت الذي يقوم عمل الاختصاصي في تقويم النطق والسمع على تشجيع التواصل اللفظي وغير اللفظي وتعزيز التفاعل بين الآباء والأطفال المصابين بالتثلث الصبغي، فضلا عن تمكين هؤلاء من الحوافز اللازمة لتطوير وظائف التواصل، وإعادة تأهيل الخطاب الشفوي واللغة المكتوبة، يستند عملهم في الترويض الفيزيائي، مثلا، على متابعة التطور العصبي والحركي للطفل المصاب بالتثلث الصبغي، والحيلولة دون حدوث تشوهات حركية تقع، في غياب التكفل الطبي، نتيجة ارتخاء عضلات الجسم.أجرت الحوار: أمينة كندي(*) أخصائية في تقويم النطق والسمع