كانت الجديدة مسرحا لقضية مثيرة تتعلق بظهور عناصر من درك فرقة المرور، وهم بصدد تلقي رشاو من أصحاب سيارات وشاحنات وغيرهم من مستعملي المقطع الطرقي بين الجديدة وسيدي إسماعيل، وبالضبط عند منطقة "مصور راسو" التي تبعد ب 20 كيلومترا عن الجديدة.والمثير في هذه القضية أن القناص لم يكن مواطنا عاديا، ترصد لدركيين للإيقاع بهم، والانتقام مما اعتبره ظلما لحقه منهم، ولكن القناص هذه المرة كان دركيا سابقا سبق أن عمل بسرية الجديدة، وتعرض إلى عقوبة إدارية قضت بتوقيفه من سلك القيادة العامة للدرك الملكي بسبب مخالفة قيمتها في إبانها لجنة تفتيش مركزية بأنها جسيمة.ظل الدركي الموقوف يحمل في داخله حقدا دفينا، لزملاء له في العمل ظنا منه أنهم من كانوا وراء تضخيم خطئه المهني أمام مسؤولين مركزيين، وتأجج حقده بمرور الأيام، فقرر أن ينتقم لنفسه في أقرب فرصة متاحة له. وفي أحد الأيام تأبط الدركي الموقوف كاميرا رقمية، وكانت وجهته مدارة "مصور راسو"، وفي ربوة عالية اختبأ، بعد أن صوب عدسة الكاميرا جهة زملاء سابقين، كانت تربطه بهم علاقة عمل، ودون أن يفطنوا لأمره، اقتنص في غفلة منهم شريطا مسجلا بتفاصيل دقيقة، وهم بصدد تلقي رشاو من مستعملي الطريق سالفة الذكر، مقابل التغاضي عن مخالفات مرورية.بدا الدركي القناص بعد أن فرغ من مهمته السرية، مزهوا بصيده الثمين الذي لاشك سيلحق زملاءه الدركيين بطابور العطالة، الذي التحق به هو أولا.عاد إلى الجديدة وقام بتفريغ الشريط على قرص مدمج، وبعث به بطريقة ما إلى قائد فرقة الدراجات النارية بسرية الجديدة، يطلب منه تبليغه بالطرق الإدارية المتعارف عليها إلى القيادة العليا للدرك الملكي بالرباط، حتى ينال المتورطون فيه العقوبة اللازمة، ولم يكن يدرك قائد كوكبة الدراجات أن القرص المدمج هو من صنع دركي مطرود، بل اعتبره من مواطن عاد، فلم يعره اهتماما يذكر تاركا الأيام كفيلة بنسيانه، بينما الدركي القناص بعث بنسخة منه إلى القيادة العليا، التي أرسلت على عجل لجنة تفتيش إلى القيادة الجهوية للدرك الملكي بالجديدة، وقفت على ملابسات القضية وآخذت قائد كوكبة الدراجات النارية بمخالفة عدم التبليغ عن شريط يظهر عناصر تحت إمرته يتلقون رشاوي، ووجهت إليه تهمة التستر عنهم، وعدم تبليغ رؤسائه المباشرين خاصة الكولونيل الذي كان قائدا جهويا على درك الجديدة آنذاك بفحوى القرص المدمج، وفتحت لجنة التفتيش المذكورة تحقيقا معمقا دام أكثر من شهر، وبعد أن تم عرض الشريط على المختبر التابع للدرك الملكي بالرباط، والتأكد من أن الدركيين الذين يظهرون فعلا به، هم من عناصر كوكبة دراجات سرية الجديدة، والتأكد من أن الشريط هو من صنع عنصر قريب من الدرك، ساد الاعتقاد بقوة أن الدركي المطرود هو من تقمص دور قناص أطاح بزملاء له في المهنة، فتقرر تحرير مذكرة بحث في حقه، بينما تم إيداع الدركيين بمن فيهم قائد كوكبة الدراجات سجن الزاكي وحوكموا بالإخلال بالضوابط العسكرية، وصدرت في حقهم أحكام سالبة للحرية، وتم التشطيب عليهم من سلك الدرك الملكي.عبدالله غيتومي (الجديدة)