عدم استرجاع الأموال المنهوبة أو تقادم المطالبة بها ليس وليد اليوم، وإنما موروث منذ عهد محكمة العدل الخاصة التي ألغي العمل بها 2004. وحسب تصريح سابق للمرحوم محمد بوزبع وزير العدل الأسبق أمام البرلمان، فإن مجموع الأموال المختلسة والتي يجب استرجاعها تقدر قيمتها ب 142 مليار سنتيم لم تسترجع منها سوى 4 ملايير، لتبقى 138 غير مسترجعة. ومباشرة بعد إلغاء محكمة العدل الخاصة، التي استمر العمل بها أزيد من 38 سنة، أحيلت الملفات التي كانت معروضة عليها على غرف الجنايات بمحاكم الاستئناف بالرباط والدار البيضاء وفاس ومكناس ومراكش، وأضحت تلك الغرف هي المختصة للنظر في الجرائم المالية والاختلاس والارتشاء واستغلال النفوذ. هذا الاختصاص الذي أسند إلى تلك الغرف أظهرت الممارسة اليومية العديد من هفواته في المعالجة تلك الملفات، فبغض النظر عن طول مدة المحاكمة التي تصل في حالات معينة إلى أكثر من ثلاث أو أربع سنوات، كانت دائما تثار مسألة مدى دراية القضاة المكلفين بدراسة تلك الملفات بالمالية العامة وقانون الصفقات، بدءا بقضاة النيابة العامة الذين يسطرون المتابعة إلى قضاة التحقيق فقضاة الحكم. وغالبا ما كان دفاع المتهمين في تلك الملفات يثير مجموعة من الإشكاليات بشأن مدى صحة المتابعة وهل تلك الأفعال التي يحاكمون بها ترقى إلى جريمة أم أنها تظل مجرد مخالفة إدارية لا تستوجب المتابعة، وغيرها من المؤاخذات التي غالبا ما تبقى نقاطا مبهمة في معالجة تلك القضايا، ووجهت سهام النقد إلى كيفية تدبير تلك الملفات في جميع مراحل المحاكمة من المتابعة إلى التحقيق والمحاكمة، ما حتم ضرورة البحث عن طرق جديدة لمعالجتها.وقدرت تركة محكمة العدل الخاصة ب 114 ملفا جنائيا إما في مرحلة المحاكمة أو في مرحلة التحقيق على تسع غرف بمحاكم الاستئناف و11 محكمة ابتدائية، وقدر المبلغ الاجمالي ل 102 قضية بما يفوق 35.278.363.48 درهما أي ما ستجاوز 13 مليار سنتيم دون احتساب المبالغ المبددة في 11 ملفا لم تكن محددة.، كما أحيل على 12 محكمة ابتدائية 17 نازلة، و36 شكاية ظلت رائجة أمام النيابة العام، بينما الملفات الغيابية حددت في 114 ملفا وقضايا العفو في 141 ملفا.ونشأت محكمة العدل الخاصة سنة1965 لمحاكمة موظفي الدولة المتورطين في قضايا الفساد واختلاس المال العام، في ظروف خاصة، تم خضعت في سنة 1972 لمراجعة في سياق الإصلاح القضائي يومئد، حيث حددت المقتضيات الخاصة بها و تركيبتها واختصاصاتها ومكانها، ومنذ ذلك الحين نظرت محكمة العدل الخاصة في أكثر من 1785 قضية، قدرت مبالغ الاختلاسات فيها بأكثر من 348 مليار درهم، وتعد قضية القرض العقاري والسياحي وقضية المطاحن، وقضية البنك الشعبي وقضية الضمان الاجتماعي أبرز وأشهر قضايا الاختلاس والنهب التي مرت بين يدي محكمة العدل الخاصة.ك.م