غدت قنطرة وادي الشراط، القريبة من مدينة بوزنيقة، مرادفة لكل نعوت اللعنة والشؤم، بل إن البعض لم يتوان في اعتبارها مثلث برمودا المغربي، منطقة تبدو للعيان آمنة وسالكة، رغم بعض من مظاهر التهالك التي لحقتها، إلا أنها تخفي في جوفها أرواح العشرات، ممن قادتهم الظروف إلى المرور بمحاذاتها، وظلت وفاتهم لغزا حارت له عقول ذويهم.مسلسل الوفيات الحاصلة بالمنطقة توالى هذه السنة، فبفرق توقيت لا يتعدى الثلاثة أسابيع، خطفت القنطرة روح كل من القيادي البارز في حزب الوردة، أحمد الزايدي، وحكيم حزب المصباح، وصديق عمر رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، اللذين وافتهما المنية بالمكان ذاته، ذات يوم أحد بطريقة مأساوية، الأول غرقا، والثاني جراء حادثة صدمه إثرها قطار يمر بمحاذاة القنطرة «الملعونة». إذ لقي القيادي الاتحادي أحمد الزايدي حتفه، إثر غرق سيارته، بعد أن غمرت المياه سيارته بينما كان يهم بعبور مسلك طرقي مؤدّ إلى جماعة الشراط، مسقط رأسه. وحسب شهود عيان، فإن زعيم تيار «الانفتاح والديمقراطية» بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان متوجها إلى بيت العائلة بالجماعة ذاتها، التي تبعد بكيلومترات قليلة عن مدينة بوزنيقة التي يقطنها، دون أن ينتبه إلى ارتفاع منسوب مياه المسلك الطرقي الذي يمر تحت السكة الحديدية بوادي الشراط. ورغم أن المقربين من الراحل أكدوا عدم اعتياده على سلك ذلك الطريق، إلا أن الصدفة أو القدر ربما ضرب له موعدا مع الموت في ذلك اليوم، فهو لم يكن يعرف عمق المياه الذي قارب 4 أمتار، قبل أن تغرق السيارة عن آخرها وهو بداخلها.وفاة الزايدي اعتبرها البعض قدرا محتوما، فيما اختار آخرون سلك درب الريبة والشك حولها، وطرح سؤال ما إن كانت مدبرة بفعل فاعل. الشكوك ذاتها أحاطت بوفاة عبد الله باها، وزير الدولة، غذاها مكان وفاته، الذي لم يكن سوى قنطرة وادي الشراط، قبل أن يفنذها حزب الراحل وقياداته، فحتى رئيس الحكومة، الذي نزل عليه الخبر كالصاعقة وأخرس لسانه من هول مصابه، خرج بعدها للتأكيد على أن وفاة الراحل كانت قدرا ناجما عن حادث دهس من قبل قطار أثناء معاينته مكان وفاة الأستاذ أحمد الزايدي رحمه الله. النتيجة ذاتها خلص إليه التحقيق الذي أمرت مصالح وزارة الداخلية بفتحه حول وفاة وزير الدولة السابق الذي أكد هو الآخر أن الوفاة جاءت جراء دهس القطار للراحل.ومن غريب الصدف، أن هذا المكان ذاته الذي أخذ أرواح العديد من المواطنين، كان موقعا لمحاولة تنفيذ عملية اغتيال في حق المعارض المهدي بنبركة، في ستينات القرن الماضي، إذ تحدث القيادي عبد الرحيم بوعبيد، عن تعرضه لمحاولة اغتيال قرب القنطرة في أحد أيام 1962 حيث كان ذاهبا إلى الدر البيضاء من أجل لقاء حزبي يحشد فيه المواطنين للتصويت ضد الدستور، فتبعته سيارة ودفعته عمدا في خندق بجانب قنطرة وادي الشراط، إلا أن الأقدار شاءت أن ينجو من موت محقق.هجر المغلي