لم يحدث أن عبر الملك عن غضبه الحاد عن مسؤول، أو مجموعة مسؤولين في خطاب موجه إلى الأمة، كما حدث خلال افتتاح الدورة التشريعية في 11 أكتوبر 2013، حين خصص أكثر من 17 دقيقة للحديث عن الاختلالات الكبرى للدار البيضاء ووجه نقدا لاذعا وبلغة صريحة إلى أساليب الحكامة والتدبير المتخلف، الذي مازال متبعا في مدينة تتطلع نهاية العقد الحالي أن تكون في مصاف ميتروبولات العالم. وأحدث خطاب الملك رجة كبيرة في أوساط النخبة المسيرة بالدار البيضاء، حين سرد على مسامعهم الأعطاب الكبرى، متسائلا هل يعقل أن تظل الدار البيضاء فضاء للتناقضات الكبرى إلى الحد الذي قد يجعلها من أضعف النماذج في مجال التدبير الترابي؟ وقال "فالدار البيضاء هي مدينة التفاوتات الاجتماعية الصارخة، حيث تتعايش الفئات الغنية مع الطبقات الفقيرة. وهي مدينة الأبراج العالية وأحياء الصفيح. وهي مركز المال والأعمال والبؤس والبطالة وغيرها، فضلا عن النفايات والأوساخ التي تلوث بياضها وتشوه سمعتها". وقال جلالة الملك إن هناك أسبابا مختلفة لهذه الاختلالات، منها ضعف نجاعة تدخلات بعض المصالح الإقليمية والجهوية لمختلف القطاعات الوزارية، وأسلوب التدبير المعتمد من قبل المجالس المنتخبة، التي تعاقبت على تسييرها والصراعات العقيمة بين مكوناتها، وكثرة مهام أعضائها، وازدواج المسؤوليات رغم وجود بعض المنتخبين الذين يتمتعون بالكفاءة والإرادة الحسنة والغيرة على مدينتهم"، مستخلصا أن المشكل الذي تعانيه العاصمة الاقتصادية يتعلق بالأساس بضعف الحكامة. خطاب بهذه اللهجة وقوة الرسائل المتضمنة فيه، كان لا بد أن يحدث صدمة كبيرة، ثم قرارات أكبر، كان أقواها تغيير فوري لأعلى سلطة على مستوى الجهة، قبل تعيين خالد سفير، عامل أنفا السابق وأحد الأطر المالية الخبيرة بالمدينة، واليا على الجهة. وما كاد يتسلم المسؤول الجهوي مهامه، حتى سارع إلى عقد عدد من الاجتماعات توجت بوضع مخطط أولي ذي طابع استعجالي كلف 280 مليار سنتيم، مهد لوضع مخطط تنمية الدار البيضاء الذي وقعت اتفاقياته العشر في شتنبر الماضي أمام جلالة الملك وكلفت 3306 ملايير سنتيم. يوسف الساكت
