طنجة… عاصمة الشيعة

إن المتتبع لظاهرة التطرف الشيعي بطنجة، التي تعد من أهم معاقل هذا المذهب بالمغرب، سيقف على حقيقة أن بداية انحصار وانكماش هذه الدعوة بالمدينة، بدأت منذ تدخل حزب الله في سوريا ومساندته الواضحة لنظام الأسد، وكذا عند إطلاق الشيعي ياسر الحبيب تصريحاته المتطرفة في حق عائشة زوجة الرسول عليه السلام، والتي أثارت موجة من الغضب والاستنكار وسط الطرف السني، الذي اعتبرها محرضة على الفكر المتطرف ورد عليها ببيانات التنديد والاستنكار.فالحديث عن "شيعة طنجة" يتكرر دائما كلما اقتربت الاحتفالات بذكرى "عاشوراء"، التي يحتفل خلالها شيعة العالم بمقتل الإمام الحسين بن علي (رضي الله عنه)، حيث تتعبأ المصالح الأمنية لمراقبة تحركات الموالين للتيار الشيعي بالمدينة، ومعرفة المكان والزمان اللذين سيحيون فيهما طقوسهم، وكذا أسماء الموالين والمنتسبين المدعوين للحضور، سواء من داخل المدينة أو خارجها، إلا أنه في غالب الأوقات تكتفي هذه الفئة بإحياء الذكرى داخل بيوتها بعيدة عن أعين الناس والسلطات الأمنية، حيث يرتدي الجميع اللباس الأسود تعبيرا عن حزنهم، دون اللجوء إلى الصوم ولطم وجوههم وضرب أجسادهم بالسلاسل كما هو معتاد فعله في هذه المناسبة.وفي هذه السنة (2014)، تضاربت الأنباء عن استعدادات جدية لإحياء مناسبة "عاشوراء" بأحد المنازل الواقعة بحي الدرادب وسط المدينة، على غرار التجمعات التي ينظمها الشيعة بعدد من دول العالم، بعد حصولهم على ترخيص لذلك من قبل السلطات المحلية، إلا أن ذلك لم يحصل، وهو ما أكدته جهات أمنية، التي نفت نفيا قاطعا أن تكون السلطات المحلية تسامحت مع تنظيم هذه الاحتفالات، رغم أن أتباع المذهب الشيعي بالمدينة أصبحوا لا يمثلون أي خطر على الساحة الدينية بالمدينة، بالنظر لأعدادهم القليلة، واعتمادهم في الآونة الأخيرة مواقع إلكترونية غير مؤثرة، في ظل ظهور عدو جديد يتمثل في التنظيم الإرهابي المتطرف "داعش".ولعل مراسم جنازة الإمام الشيعي المغربي عبد الله الدهدوه، الذي قتل سنة 2012 بمركز رضا الإسلامي في العاصمة البلجيكية بروكسيل ، هي المحطة البارزة التي ظهر فيها معتنقو المذهب الشيعي في طنجة بشكل واضح، وأقاموا خلالها بشكل علني طقوسهم الخاصة بالدفن، وذلك بمصاحبة النساء للموكب الجنائزي في اتجاه مقبرة طنجة البالية، وأدائهن صلاة الجنازة وراء الرجال وهن يلتحفن السواد ويمارسن طقوس خاصة غير مألوفة لدى العامة، الأمر الذي اعتبره عدد من المواطنين الذين عاينوا الحدث بـ "خطوة استفزازية" ضد مشاعر المسلمين المغاربة.وفي الوقت الذي استغل فيه البعض من شيعة طنجة هذه الجنازة للكشف عن هويتهم والظهور للعيان دون تردد، ارتأت فئة أخرى مواصلة شعائرها في الخفاء تفاديا لأي مواجهة مع المصالح الأمنية أو غضب الشارع، سيما في ظل التوتر القائم بين "شيعة طنجة" وفصائل من السلفية الجهادية بالمدينة، حيث يظهر ذلك جليا عبر شبكة التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الموالية للطرفين.ويرى عدد من المتتبعين للشأن الشيعي بطنجة، أن مدينة البوغاز تضم طائفتين من المتشبعين بالفكر الشيعي، إحداها تضم شيعيين حقيقيين اعتنقوا هذا المذهب عن اقتناع و اجتهدوا فيه وألفوا كتبا وأبحاثا في الفقه الإسلامي، ويتمتعون باحترام الجميع، وطائفة أخرى مزورة، وهم المختبئون وراء الحواسيب يسبون الصحابة الكرام و يطعنون في زوجات الرسول عليه السلام، وينشرون الأوهام والكذب عبر مواقعهم التي ينفق عليها أناس من بلجيكا و كندا.وأوضحت مصادر "الصباح"، أن هذه الفئة الأخيرة، تتكون من التجار والحرفيين منتشرين في حي الجديد وبني مكادة وبئر الشعيري والمصلى والمدينة القديمة وغيرها من الأحياء، مشيرة إلى أن عددهم لا يتجاوز الخمسين، وهو الأمر الذي فندته جهات أخرى، التي أكدت أن العدد يفوق مائتين، وهم يتحركون بقوة عبرالمجموعات الفايسبوكية بأسماء مستعارة وصور لمشاهير كوريين أو صور كارتونية، ودائما ما يحاولون البحث عن الشباب المتحرر من الأفكار الإسلامية الجاهزة، وهذا ما خلق نوعا من الصراع مع باقي الفصائل الأخرى التي تضيق عليها الخناق في العالم الافتراضي.المختار الرمشي (طنجة)

طنجة… عاصمة الشيعة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مركز محمد السادس... ملاذ مرضى السرطان بثلاث جهات

المستفيد من دسترة حرية المعتقد هم المسلمون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات