العجلاوي: المغرب يملك نقاط قوة في “نزاعه” مع الجار الشرقي

بداية أستاذ هل يمكن أن تقدم لنا كرونولوجيا عن الصراع المغربي الجزائري؟ وبصيغة أخرى ما هي خلفيات عداء الجزائر للمغرب؟ <حاولت فرنسا في بداية الستينات أن تفصل الصحراء الجزائرية عن واجهتها المتوسطية، و لذلك عقدت الحكومة المغربية مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، يوم 6 يوليوز 1961، مذكرة تفاهم تقوم على نقطتين أساسيتين: الأولى تتعلق بإعلان الدعم المغربي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، في مفاوضاتها مع فرنسا، والثانية تخص احترام وحدتها الترابية، في سياق كانت فرنسا تحاول فصل الصحراء عن باقي التراب الجزائري، وجاء في خاتمة هذا البروتوكول: " ونتيجة لذلك ، فإن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية تعيد التأكيد على أن الاتفاقات التي ستنتج عن المفاوضات الفرنسية الجزائرية لن تكون موضوع معارضة للمغرب حين ترسيم الحدود المغربية الجزائرية". وكان واضحا من هذا البروتوكول، وخاصة الفقرة الأخيرة منه، أن كل ما سيتفق بشأنه مع فرنسا حول الحدود لن يكون مرجعا لرفض جزائري للمطالب الترابية المغربية. كما تقرر حينها إنشاء "لجنة جزائرية مغربية لدراسة موضوع المطالب الترابية المغربية، وإيجاد حل بروح من الأخوة والوحدة المغاربية".لعبت الحكومة الجزائرية منذ البدء سياسة المماطلة في تسوية الحدود،إلى أن وقع الاصطدام العسكري بين البلدين في 1963، ففي مارس 1963، قام الملك الحسن الثاني بزيارة للجزائر، وتلقى الملك تأكيدات من الرئيس الجزائري بن بلة بأن مسألة الحدود ستدرس في الأمد القريب، لكن بعد عودته ، قامت السلطات الجزائرية بطرد عشرات المغاربة. توترت العلاقات بين البلدين فجأة، لتتطور الأمور إلى مجابهات عسكرية في منطقة تندوف في أكتوبر 1963، وانتهت الأمور بتكليف لجنة داخل منظمة الوحدة الإفريقية للنظر في الأمر، واجتمعت في يناير 1967، وأعلن المغرب خلالها أنه يختار وعبر مفاوضات، حلولا متفقا حولها.وما زاد العلاقات المغربية الجزائرية توترا هو اندماج الدولة الجزائرية في معسكر الاتحاد السوفياتي، في حين اختار الملك الحسن الثاني التوجه إلى المعسكر الغربي، وكان هذا مصدر احتكاك أدى إلى احتضان الدولة الجزائرية لجبهة البوليساريو في العام 1975، وتوظيفها في الصراع مع المغرب.ومن حينها شكل ملف الصحراء ورقة أساسية في توتر العلاقات بين البلدين، فكان وصول بوتفليقة إلى الحكم في العام 1999 وما أثارته العهدة الرابعة من نقاش وصراع داخلي، وتعيين رمطان لعمامرة في الخارجية الجزائرية وهو تلميذ نجيب لتامبو بيكي رئيس جنوب إفريقيا السابق ورئيس سابق لمجلس الأمن والسلم بالاتحاد الإفريقي، إشارة إلى الرفع من حدة التوتر بين البلدين. هل نجحت الجزائر في إستراتيجية تصدير الأزمة إلى المغرب من خلال إلصاق كل مشاكلها الداخلية به؟ الدولة الجزائرية لا تصدر مشاكلها الداخلية إلى الجيران فقط، بل تخلق مشاكل في محيطها، و تبرز الأحداث الأخيرة في المنطقة نزوع الدولة الجزائرية إلى نهج السلوك نفسه مع تونس وليبيا ومالي، باختلاق مشاكل في شمال مالي ومحاولة التحكم في مسارها للضغط على الحكومة المالية، وتحاول بناء امتداد جزائري في الجنوب الغربي لليبيا عبر استقطابات الأموال والمصالح لفك هذه المنطقة عن الدولة الليبية الغارقة في الفوضى "غير الخلاقة"، في أفق اقتطاع هذا الجزء من ليبيا ولو بطريقة غير مباشرة. وفي الوقت الذي تتجه فيه تونس لبناء أول نظام جمهوري برلماني في العالم العربي يكون مصدر السلطة الوحيد فيه هو المواطن، تتكرر الاعتداءات على الجنود التونسيين في الحدود الليبية الجزائرية، في حين لم تسجل هذه الاعتداءات على الحدود الليبية التونسية، وهذا يطرح سيلا من الأسئلة. ما هي نقاط ضعف الجارة الجزائر التي يجب أن يركز عليها المغرب في حربه غير المباشرة معها؟ يملك المغرب عدة أوراق في صراعه مع الدولة العميقة في الجزائر وهي : ارتباط الشعب الجزائري بالشعب المغربي، والعكس صحيح، وهو ارتباط يعبر عنه من خلال افتتان مختلف فئات الشعب الجزائري بكل ما هو مغربي، فهم يجدون في المغرب ما يفتقدونه في الجزائر، وبناء على أرقام للمكتب الدولي للهجرة للعام 2013هاجر للاستقرار نهائيا في المغرب أكثر من 20 ألف جزائري وجزائرية، جلهم من النخب في الإعلام والطب والهندسة والفن والإعلاميات، بل إن العديد منهم يطلب الجنسية المغربية، وهذا أمر يضرب التوجهات الاستخباراتية الجزائرية التي ترمي إلى بناء سور بين الشعبين كي تسهل عملية الاستعداء والكره تجاه الشعب والدولة في المغرب، و يفسر إصرار الدولة الجزائرية على عدم فتح الحدود بين البلدين. ظاهرة إقبال الشعب الجزائري على المغرب، يجب أن تجد لها صدى لدى الدولة والمجتمع في المغرب. الاستقرار السياسي والأمني في المغرب يشكل عقدة للدولة الجزائرية، فهناك استمرار للدولة المغربية منذ أزيد من عدة قرون، ولم تكن هناك قطيعة في مسار تاريخ الدولة بالمغرب، والمغرب استطاع في منطقة اضطرابات بناء نظام استقرار في السنوات الأخيرة ، نتيجة تحول سياسي داخلي توج بالاعتراف دستوريا بمكونات الهوية المغربية وسمحت تجربة هيأة الإنصاف والمصالحة باعتراف الدولة بمسؤوليتها في انتهاكات حقوق الإنسان، وعرفت العشرية الأخيرة تطورا في مجال الحريات الفردية والجماعية رغم عمليات الفرملة بين الحين والآخر. هذه الأمور كلها جعلت المغرب شريكا في تثبيت الأمن في المنطقة سواء لدى الأوربيين أو الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا أمر أشار إليه الملك في خطابه الأخير. - ورقة حقوق الإنسان، فالدولة في الجزائر قائمة على أوليغارشية عسكرية مخابراتية ريعية، والمواطن الجزائري لا يعاني فقط شظف العيش، بل التضييق على حريته في التعبير، ومس هذا فئات من داخل مؤسسات الدولة، كما وقع في تظاهرات الحرس المدني والشرطة إضافة إلى أن الانفجارات في الشارع الجزائري، فهي تعبير عن تصريف لاحتقان داخلي. وهناك منع لتأسيس الجمعيات الحقوقية ، خاصة ما تعلق بمصير المختطفين والمفقودين في عشرية الحرب الأهلية الأخيرة، والذين بلغ عددهم 200 ألف شخص. ورقة حقوق الإنسان مرتبطة بطبيعة النظام السياسي وهي مجموع آليات وخطاب وممارسات، والمغرب ، رغم ما يعانيه من اختلالات في هذا المسار، يتفوق كثيرا على الدولة الجزائرية في مجال حقوق الإنسان. أجرى الحوار: الصديق بوكزول

العجلاوي: المغرب يملك نقاط قوة في “نزاعه” مع الجار الشرقي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"تكريـم" تحتفـي بـ"التفـوق العربـي"

الحرب الاقتصادية بسلاح إغلاق الحدود

مقالات ذات صلة