كيف تقرؤون حدث فوز المغرب برئاسة مجلس حقوق الإنسان في علاقته بملف الوحدة الترابية؟ > إن انتخاب المملكة المغربية لرئاسة الآلية الأكثر أهمية لحقوق الإنسان في منظومة الأمم المتحدة برسم 2024، يكرس المكانة المستحقة للمملكة في المجتمع الدولي، كما يترجم بالملموس سلسلة النجاحات الدبلوماسية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، فضلا عن أنه انتخاب يعكس الثقة في النموذج المغربي، الذي يرتكز على دستور 2011 والممارسات الفضلى بشأن مختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. إن الأمر في رأيي، لا يتعلق بانتخاب في بعده التقني، بل اعتراف دولي وثقة واسعة في الإنجازات والجهود التي حققتها المملكة في حماية حقوق الإنسان، مأسسة وتشريعات وسياسات ورؤية دولية ووطنية لقضايا حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما يأتي هذا الإنجاز التاريخي والنجاح الباهر للمملكة، بعد شهر من الاحتفاء بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومضمون الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في مناظرة دولية حول الالتزامات الكونية من أجل الكرامة الإنسانية، والتي مثلت أرضية استشرافية للمستقبل في إطار الخصوصيات والثوابت الوطنية. كما أنه تتويج للإرث الغني والتراكم في الخبرة الذي تحقق للمملكة المغربية طيلة ثلاث ولايات من العضوية الفاعلة في مجلس حقوق الإنسان، وتقدير للمساهمة النشطة للمغرب في مختلف آليات الأمم المتحدة بشأن الركائز الأربع المتعلقة بالسلام والتنمية وحقوق الإنسان وتبنيها على مدار سنوات نهجا شاملا ومتوازنا، مع التركيز على الكونية والتعاون والحوار. شكل تصويت 30 دولة لصالح المغرب اعترافا دوليا بجهوده في مجال حقوق الإنسان، وفشلا ذريعا لبروباغاندا خصوم الوحدة الترابية. ما هي دلالات هزيمة خطاب جنوب إفريقيا والجزائر في جنيف؟ > حصل المغرب على دعم دولي من جميع أنحاء العالم، خاصة من إفريقيا وهذا نجاح إستراتيجي أيضا، وسيمكن من تقديم مساهمة مهمة لمكانة المملكة ومصالحها العليا. ورغم تعبئة جنوب إفريقيا والجزائر، إلا أن المغرب لم يحصل فقط على الأغلبية المطلقة المحددة في 24 صوتا فقط، بل حصل على 30 صوتا، مقابل 17 لجنوب إفريقيا، وهذا دليل آخر على عدم قدرة الأطراف المعاكسة لمصالح المغرب على التأثير دوليا وإقليميا. والواضح أن المجتمع الدولي أدرك عدم مبدئية ومصداقية جنوب إفريقيا والجزائر، وأن المصالح الجيوسياسية، هي التي تحرك أجنداتهما، حيث أن الدولتين لا تتصرفان انطلاقا من مواقف مبدئية، بل من منطلقات سياسية ضيقة ومضللة، كلما تعلق الأمر بالمغرب ومصالحه العليا، وبالتالي، فإن هذا النهج العقيم مازال يحقق نتائج سلبية، ولن يؤدي أبدا إلى تعزيز ترشيحاتهما الدولية. ما هي القيمة المضافة لترؤس المغرب لمجلس حقوق الإنسان الأممي؟ > تتولى المملكة المغربية الرئاسة في إطار قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 2116، الذي يؤطر عمل وأداء المجلس، وتبرز أهمية انتخاب المملكة لرئاسة المجلس برسم 2024 في أنها ستتولى رئاسة ثلاث دورات عادية للمجلس (الدورات 55 -56-57)، فضلا عن رئاسة دورات استثنائية، إذا تم تنظيمها بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى رئاسة دورات الاستعراض الدوري الشامل، واجتماعات هامة خاصة بالأشخاص المتحدرين من أصل إفريقي والحق في التنمية ولجان الخبراء بشأن العقبات، التي تعترض إعادة الأموال المتأتية من مصدر غير مشروع إلى بلدانها الأصلية، واجتماعات أخرى تخص الحقوق والحريات والمسائل المتعلقة بالديمقراطية والميز العنصري في العالم وقضايا الفقر والهشاشة وحماية البيئة. كما ستترأس المملكة الاجتماع السادس لمجلس حقوق الإنسان، بين الدورات بشأن حقوق الإنسان وخطة 2030، وبالتالي فدورة 2024 ستكون دورة تأسيسية ومرجعية في الأجندة العالمية لحقوق الإنسان، وستمثل صوت التوافق من أجل مصلحة القارة الإفريقية، اعتبارا لأن المغرب يمثل القارة الإفريقية في المجلس. أجرى الحوار: ب. ب محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية وخبير في الشؤون الدولية المعاصرة