“محمد” يشعل مواجهة سنية شيعية

عاد النقاش حول تجسيد شخصيات الأنبياء في السينما ليتجدد، أخيرا، في العديد من الدول الإسلامية، بعد إعلان طاقم الفيلم الإيراني «محمد» بلوغه المراحل النهائية في الشريط السينمائي الذي يحمل توقيع المخرج الإيراني مجيد مجيدي، ومن المرتقب أن يعرض مطلع السنة المقبلة. ورغم تأكيد المخرج الإيراني، في عدد من تصريحاته الإعلامية، أنه لن يظهر وجه الرسول الكريم في الشريط، إلا أن مسألة تولي جهات إيرانية الإشراف على الفيلم أثارت أكثر حفيظة الهيآت الإسلامية السنية، خاصة في السعودية ومصر وقطر، في ظل التقاطب التاريخي بين المرجعيتين الشيعية والسنية حول العديد من القضايا العقدية والسياسية. فالمسألة بالنسبة إلى السنيين لا تتعلق فقط بتجسيد شخصية النبي محمد في السينما، وهي القضية التي أصدروا بشأنها فتاوى اعتبروها «قاطعة» بشأن تحريم تصوير الأنبياء، وتشددهم أكثر إزاء نبي الإسلام وهي مسألة ما زال فيها نقاش، بل بإقدام «غريم تقليدي»، هم الشيعة، على أخذ المبادرة في هذا الشأن، بعد أن كانت لهم تجارب سابقة مع أنبياء وشخصيات دينية أخرى لم يبالوا فيها باعتراضات السنيين حول تصوير أعمال سينمائية وتلفزيونية عنهم.وهنا يظهر أن هناك تحفظا «مزدوجا» من قبل المعترضين على تصوير فيلم عن شخصية أو سيرة النبي محمد، يتأرجح ما بين المقاربة الفقهية التي تقضي بالتحريم في مسألة لم يرد فيها نص صريح، بل تم إلصاقها بالجدل المتعلق بربط الصورة برواسب الوثنية المرتكزة على التجسيم عبر الصورة أو النحت، والمقاربة الشيعية التي يتخوف عموم السنيين من إقحامها معتقدات وأحداثا في سيرة النبي تدخل في دائرة القضايا الخلافية ما بين أبرز مذهبين في الإسلام.ويعيد هذا النقاش إلى الواجهة أيضا مسألة إصرار الضمير الجمعي الإسلامي، خاصة السني، على مقاومة زحف ثقافة الصورة، وإلى أي حد ستستمر هذه المقاومة والتحفظ إزاء أمر لم يعد طارئا على المجتمعات الكونية، بل فرض نفسه بقوة لم يعد معها ممكنا تجاهل أهمية ثقافة الصورة في مقابل ثقافة الكلمة التي يتمسك بها المعارضون في رسم و«تصوير» معالم وملامح الشخصيات الدينية المقدسة. والطريف أنه حتى ثقافة الكلمة هاته، لقيت اعتراضا خلال بدايات عصر التدوين في الإسلام، حين نشب الخلاف ما بين أنصار المشافهة وأنصار التدوين بشأن كتابة النص القرآني وجمع السنة النبوية، قبل أن ينتصر «المدونون» في النهاية. فهل يأتي وقت يتمكن فيه المسلمون من تجاوز تحفظهم إزاء الصورة، واستثمارها بالشكل الذي يخدم تحسين «صورتهم» لدى العالم، كما كان الأمر بالنسبة إلى العديد من الأعمال السينمائية الخالدة أشهرها فيلم «الرسالة» الذي يفوق الأثر الإيجابي الذي تركه في نفوس الغرب تجاه الإسلام أضعاف ما يمكن أن تتركه حملات الدعوة التي يقودها «شيوخ الظلام» التي لا تأتي إلا بنتائج عكسية، تنفر من الإسلام أكثر مما ترغب فيه.عزيز المجدوب

“محمد” يشعل مواجهة سنية شيعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العنصر يشكو أسماء من "بيجيدي" إلى بنكيران

حجز 8 كيلوغرامات من الكوكايين بالمطار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات