إصلاح المقاصة : النقل والمخابز من أكثر القطاعات تضررا

مضت الحكومة في تنفيذ مشروعها لإصلاح المقاصة منذ السنة الماضية، وسط احتجاجات من قبل مجموعة من القطاعات والفاعلين المعنيين بمنظومة الدعم، الذين وجدوا في منظور الحكومة للإصلاح إضرارا بمصالحهم، خصوصا مهنيي قطاع النقل الطرقي وأرباب المخابز، الذين هددوا طيلة الأشهر الماضية عبر الإضرابات والوقفات الاجتماعية، بالزيادة في أسعار خدماتهم دون أن ينفذوا وعيدهم. ويشتكي مهنيو النقل الطرقي عبر تمثيلهم في فدرالية النقل، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب "الباطرونا"، التأثير السلبي لنظام "المقايسة" وارتفاع أسعار "الغازوال" على التكاليف التشغيلية للناقلين، خصوصا أن هذه المادة تمثل 40 في المائة من تكلفة النقل الطرقي، إذ طالبوا الحكومة ضمن مقترحاتهم برسم مشروع القانون المالي 2015، بإقرار ما يسمى "الغازوال المهني"، عبر استرجاع الناقلين الطرقيين جزءا من الرسم الداخلي على استهلاك المحروقات الذي يؤدونه، والذي يبلغ 2.422 درهم للتر.وتضمنت مطالب المهنيين أيضا، مراجعة نسبة الضريبة على القيمة المضافة على "الغازوال"، ورفعها من 10 إلى 20 في المائة، مع الحفاظ على مبدأ استرجاع الضريبة على القيمة المضافة على "الغازوال" الجاري به العمل لفائدة مقاولات النقل الطرقي، بالإضافة إلى إحداث مؤشر يسمح بالانعكاس التلقائي والقانوني للتقلبات، التي تحدث على مستوى السعر الداخلي لـ"الغازوال" على كلفة النقل.ومن جهتهم، دخل أرباب المخابز من خلال تمثيليتهم الجامعة الوطنية لأرباب المخابز والحلويات في شد وجذب مع محمد نجيب بوليف ومحمد الوفا، اللذين تعاقبا على وزارة الشؤون العامة والحكامة، إذ طالب المهنيون برفع سعر الخبز لمواجهة التكاليف المتزايدة، بعد نهج الحكومة توجها جديدا في توزيع الدقيق المدعم ضمن خطتها لإصلاح المقاصة، معتبرة أن "ملف الخبز" خط أحمر لا يمكن تجاوزه، معترفة بتميز هذه المادة عن باقي المواد الأساسية الأخرى، والتي جرى تحرير أسعار معظمها.وفي هذا الشأن، عمدت الحكومة إلى إصلاح منظومة دعم الدقيق عبر التقليص النوعي لدائرة المستفيدين منه، رغم نقل تدبير هذا الملف من الوزارة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة إلى المكتب المهني للحبوب والقطاني، إذ تظهر الإحصائيات الأخيرة تراجع حجم الدقيق المدعم من عشرة ملايين طن سنة 2005، إلى 8.5 ملايين طن خلال السنة الماضية، موازاة مع ارتفاع عدد الأسر المستهدفة خلال الفترة المذكورة من 280 ألفا و983 أسرة إلى 398 ألفا و564 أسرة، علما أن عدد المعوزين استقر عند حوالي مليونين و25 ألفا و568 معوزا متم دجنبر الماضي، متمركزين في 76 إقليما، فيما سجلت 2011 الارتفاع الأقوى لكلفة دعم تسعة ملايين طن من الدقيق، بقيمة ثلاثة ملايين و366 ألف درهم، وجهت مليونا و655 ألف درهم منها لدعم القمح المستورد، الموجه لإنتاج الدقيق الممتاز المستعمل في صنع الخبز.ويخفي مطلب الزيادة في أسعار الخبز، مطالب أخرى تتعلق بالإعفاء من الضرائب وتعميم التغطية الصحية على العاملين في القطاع، وتسهيل ولوجهم إلى القروض، وكذا تمكينهم من التكوين المستمر، فيما أكد المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير حول صندوق المقاصة، أن الغاية من ضبط وتقنين سلسلة القمح اللين، ضمان استقرار ثمن الخبز المصنوع من الدقيق الخاضع لحرية الأسعار وجعله في متناول المستهلك، وذلك عبر دعم القمح اللين الموجه لإنتاجه وإبرام اتفاقيات مع المهنيين لتعديل الأثمان، ومن هنا فإن الزيادة في سعر الخبز لا يمكن في حال من الأحوال أن تؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمستهلك.ومعلوم أنه يتم في شهر ماي من كل سنة تحديد السعر المرجعي للقمح اللين بحضور وزارتي الفلاحة والصيد البحري والمالية والاقتصاد، بالإضافة إلى ممثلين عن مهنيي قطاع المخابز، إذ بلغ هذا الموسم درهمين و70 سنتيما، كما تدعم الحكومة واردات القمح اللين من الخارج بدرهمين و60 سنتيما، حتى لا يتجاوز سعر القنطار 350 درهما عند خروجه من المطحنة، دون احتساب مصاريف النقل والتلفيف.وترى الحكومة في إصلاح المقاصة تقويما لوضع مختل عانته الميزانية العمومية، وتسبب في اعتماد مجموعة من القطاعات الإنتاجية والخدماتية على دعم الدولة، في الوقت الذي ما زالت المفاوضات بين مهنيي قطاع النقل والمخابز قائمة، حول صيغة لمساعدة القطاعين على استعادة توازنهما، عبر صيغة دعم توافقية.بدر الدين عتيقي وصايا جطو العشر حذر رئيس المجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، من صعوبة التوجه نحو خيار الدعم المباشر للفئات الفقيرة، مطالبا بتصحيح اختلالات نظام المقاصة من خلال اعتماد الوصايا العشر التي تضمنها تقرير للمجلس في الموضوع. الرفع التدريجي للدعمدعا المجلس الأعلى للحسابات إلى رفع الدعم تدريجيا عن المواد البترولية السائلة، وتعويضه بمساعدات على الاستثمار، خاصة لفائدة قطاع النقل من أجل تحديث حظيرة السيارات واقتناء السيارات ذات الاستهلاك المحدود للطاقة، ومواكبة قرار رفع الدعم عن الفيول الصناعي بإجراءات دعم الاستثمار بالنسبة إلى الصناعات التي تستعمل هذه المادة، مع تسريع برنامج الاستثمار المعتمد من قبل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب من أجل إنتاج الطاقة الكهربائية. ترشيد المواد المدعمةشدد جطو في تقريره على ضرورة العمل على ترشيد المواد البترولية المدعمة من خلال إنجاز بنيات تحتية جديدة وبناء وحدات جديدة للتخزين في إطار سياسة تستهدف تكوين احتياطات إستراتيجية، خاصة بالنسبة إلى المواد الطاقية والغذائية، وإنعاش الفعالية الطاقية وإنتاج الطاقات المتجددة من أجل خفض استهلاك غاز البوتان من خلال برامج كبرى. ميناء للغاز الطبيعيوضع المجلس الأعلى للحسابات على رأس الأولويات إنجاز ميناء للغاز الطبيعي من أجل المساهمة في توفير بنية تحتية حديثة من شأنها الرفع من جاذبية الاقتصاد الوطني وتنافسية المقاولات ، مقدرا الكلفة الإجمالية للمشروع بحوالي 18 مليار درهم تشمل إنجاز الرصيف المينائي ومنشآت التخزين والأنبوب الغازي. إحداث لجنة يقظة من أجل ملاءمة تطوير التفاعل الإيجابي بين مختلف الأجهزة المتدخلة في نظام المقاصة يوصي المجلس بإحداث لجنة يقظة تتألف بالإضافة إلى صندوق المقاصة، من المكتب الوطني للحبوب والقطاني وممثلين عن الوزارات المكلفة بالطاقة والشؤون العامة والمالية والصناعة والفلاحة والنقل، وكذا ممثلي الهيآت المهنية المعنية، تكون مهمتها الأساسية تقديم الاستشارة للحكومة حول الإستراتيجيات والآليات الواجب وضعها من أجل عقلنة نظام المقاصة. المراقبة القبلية للواردات المدعمةيتعين على الدولة، حسب التقرير المذكور القيام بمراقبة قبلية للواردات من المواد المدعمة بشكل يمكن من تحفيز الفاعلين المعنيين للقيام بالاقتناءات خلال فترات انخفاض الأسعار الدولية، الأمر الذي سيمكن من وضع مخطط لتحملات المقاصة في أفق متعدد السنوات. بنك معلومات الأسواق العالميةأوصى المجلس الأعلي للحسابات بتوسيع اختصاصات صندوق المقاصة حتى لا يقتصر دوره على مجرد جهاز لصرف الدعم، بل يمتد إلى جعله ملاحظا فعليا بشأن المواد المدعمة والإسهام في اليقظة الدائمة تجاه المخاطر المالية التي يواجهها المغرب، وبالتالي يتعين أن يتوفر، حسب التقرير، على بنك للمعلومات متطور حول الأسواق العالمية. الضريبة على القيمة المضافةيشدد التقرير على ضرورة التنصيص قانونا على استثناء المساعدات المقدمة من قبل صندوق المقاصة من مجال تطبيق الضريبة على القيمة المضافة، واستثناء تحمل صندوق المقاصة الفرق المترتب عن ارتفاع نسبة الضريبة على القيمة المضافة على المواد البترولية، التي يجب أن تتحملها الوحدات المعنية، والنص، كذلك، على إعفاء الرسوم شبه الضريبية على الاستيراد في ما يرتبط بالمواد الخاضعة للمقاصة وإعادة النظر في بنية الأثمان. الطاقات المتجددة لم يتردد المجلس في مطالبة الحكومة بإرغام الإدارات العمومية والجماعات المحلية على استعمال المصابيح ذات الاستهلاك المنخفض والتفكير في تغيير حظيرة الناقلات المستعملة في النقل العمومي بأخرى تعمل بالغاز الطبيعي السائل الذي يبدو أكثر اقتصادا وأقل تلويثا، مع العمل على تطوير مصادر طاقية أخرى للاستعمال في مجال ضخ المياه والتسخين خاصة الطاقة الشمسية. دعم الزراعات السكريةوبخصوص مادة السكر يوصي المجلس بالرفع من المردود والإنتاجية في المستوى الأعلى من السلسلة المتمثل في الإنتاج الفلاحي، وذلك قصد خفض الفوارق بين تكاليف الإنتاج الداخلية والتكاليف الدولية، على أن تندرج تلك الإجراءات في إطار عقد برنامج بين الدولة والمهنيين في تناسق مع الأهداف الإستراتيجية لمخطط المغرب الأخضر، ومن بينها تأمين جزء من الحاجيات الوطنية بواسطة الإنتاج المحلي. الأمن الغدائيختم جطو وصاياه العشر بالعمل على خفض تكاليف إنتاج الدقيق بالرفع من المردود عند صغار الفلاحين والتأثير على عوامل تلعب دور الرافعة كالعقار والتمويل والتكوين، وذلك من خلال برامج عقود تتوخى تحقيق الأهداف المسطرة ضمن مخطط المغرب الأخضر بشكل يساهم في تحسين الأمن الغذائي من منتوج القمح اللين وتقليص الفارق بين الأثمان الداخلية للإنتاج، وتلك التي تسجل على الصعيد الدولي ياسين قُطيب

إصلاح المقاصة : النقل والمخابز من أكثر القطاعات تضررا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إصلاح المقاصة... الإلغاء مقابل المساعدات

إصلاح المقاصة : انعكاسات حذف الدعم على أسعار المواد

مقالات ذات صلة