الاستثمار العمومي… قاطرة معطلة

إنفاق اعتمادات بآلاف الملايير و قطار التنمية بطيء شكل الاستثمار العمومي رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عدد من التجارب الدولية، ورغم أن الاعتمادات المخصصة لاستثمارات القطاع العام عرفت ارتفاعا متواصلا، خلال السنوات الأخيرة، إذ أصبحت تمثل 32 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، فإن انعكاساتها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ظلت محدودة ولم يكن مفعولها مماثلا لعدد من البلدان، مثل تركيا وكوريا الجنوبية وغيرهما من البلدان التي تمكنت من تحقيق الإقلاع الاقتصادي. وأرجع محللون وخبراء اقتصاديون الأمر إلى طبيعة المشاريع المنجزة وآليات تحديد الأولويات والجهات المشرفة عليها، ما دفع الحكومة إلى إعادة النظر في المقاربة المعتمدة في حكامة المؤسسات والمنشآت العمومية، التي تمثل حصة الأسد في الاستثمار العمومي، إذ تقرر إنشاء الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، بهدف التنسيق بين هذه المؤسسات وضمان الفعالية المطلوبة في المجهود الاستثماري للدولة. وينتظر أن تساهم المقاربة الجديدة في تحقيق الأهداف المتوخاة، إذ يفترض أن تتمكن نفقات الاستثمار الضخمة من إنجاز الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي المنشود. عبد الواحد كنفاوي 33،5 ألف مليار في السنة المقبلة ارتفاع متواصل للاعتمادات المخصصة للمجهود الاستثماري للدولة وتأثير محدود على النمو برمجت الحكومة، خلال السنة الجارية، اعتمادات لتمويل الاستثمار العمومي تجاوزت قيمتها الإجمالية 300 مليار درهم (30 ألف مليار سنتيم)، وحددت اعتمادات في ميزانية السنة المقبلة بقيمة 335 مليار درهم، بزيادة بنسبة 11.6 في المائة، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية. وعرفت اعتمادات الاستثمار العمومي ارتفاعا متواصلا، خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقلت من 198 مليار درهم، خلال 2020، إلى 335 مليار في السنة المقبلة، ما يمثل زيادة بنسبة 69 في المائة. لكن رغم المجهود المالي الكبير الذي تخصصه الدولة والمؤسسات العمومية للاستثمار، فإن النتائج على أرض الواقع تظل محدودة، إذ لا يساهم، بالشكل المطلوب، في معدل النمو، الذي لم يتجاوز متوسطه ما بين 2020 و2022، نسبة 2 في المائة، وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط ألا يتجاوز معدل النمو، خلال السنة الجارية، 3.3 في المائة. وتشير قوانين التصفية التي يتم التصديق عليها من قبل البرلمان إلى أن الاعتمادات، التي يتم الإعلان عنها في قوانين المالية لا تنفذ إلا نسبة منها منها. وأكدت مصادر أن نسبة الإنجاز لا تتجاوز 70 في المائة، بالنسبة إلى اعتمادات الاستثمار المخصصة في الميزانية العامة، و64 في المائة في ما يتعلق باستثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية، ما يؤدي إلى ترحيل هذه الاعتمادات غير المستهلكة من سنة إلى أخرى بمبالغ هامة، ما يفسر النتائج الهزيلة للاستثمار العمومي على مستوى وتيرة النمو، على أن هناك أسبابا أخرى مرتبطة بطبيعة المشاريع الممولة بهذه الاعتمادات. ويمثل الاستثمار العمومي 32.2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، لكن هذا المجهود لم يمكن من الالتحاق بركب الدول الصاعدة وتحقيق الإقلاع المنشود، علما أن هذه النسبة لم تتجاوز، ما بين 1970 و 1990، 24.2 في المائة بإيطاليا، و25.3 في المائة في إسبانيا و 28.4 في المائة في البرتغال و 31.5 في المائة بكوريا الشمالية، لكن هذه البلدان تمكنت من تحقيق تنمية اقتصادية وقفزة نوعية، في حين أنه رغم أن النسبة تصل بالمغرب إلى 32.2 في المائة، فإن المردودية تظل محدودة. كما أن مساهمة الاستثمار في إحداث مناصب الشغل تظل ضعيفة، إذ رغم استمرار المجهود المبذول، فإن عدد المناصب المحدثة بالنسبة إلى كل نقطة مائوية لا يتجاوز 21 ألف فرصة عمل، مقابل 30 ألف منصب شغل سابقا، ما يعني أن قدرة الاقتصاد على إحداث مناصب الشغل تضاءلت، رغم أن الاعتمادات المخصصة للاستثمار في تزايد متواصل. وتظل هذه الوتيرة غير كافية لتقليص نسبة البطالة بشكل ملموس، إذ في وقت ارتفع فيه المجهود الاستثماري بنسب مهمة، نجد أن الاقتصاد الوطني فقد عشرات الآلاف من مناصب الشغل، ليرتفع معدل البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، إذ انتقل من 11.4، خلال الفصل الثالث من السنة الماضية، إلى 13.5 في المائة، في الفصل ذاته من السنة الحالية، على الصعيد الوطني. عبد الواحد كنفاوي

الاستثمار العمومي… قاطرة معطلة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تشقق‭ ‬الشفاه‭... ‬ألم‭ ‬وإزعاج

تكريم‭ ‬البوراري‭ ‬مهندسة‭ ‬الديكور‭ ‬بأكادير

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات