أغلب مستغلي المقالع يصرحون بكميات أقل من الاستهلاك الوطني الحقيقي ويحتفظون بـ «الفارق» تضيع عمليات التواطؤ بين الجماعات الترابية وأصحاب رخص استغلال مقالع الرمال بالمناطق المرخصة والمراقبة، مداخيل سنوية تقترب من 17 مليار سنتيم، تتحول إلى قنوات غير معروفة، إذ لا تتوصل خزينة الدولة سوى بـ4 ملايير، أي ما يعادل الربع. وتشكو الجماعات الترابية، التي تعتمد على الرسوم المفروضة على استغلال المقالع، من ضعف الموارد المالية لإنجاز مشاريع الاستثمار والتجهيز وتحقيق برامج التنمية، في الوقت الذي يتسامح رؤساؤها مع فئة شريحة كبيرة من أصحاب رخص استغلال مقالع الرمال والحصى والحصى والتوفنة الذين يتلاعبون في أرقام الإنتاج، ولا يصرحون إلا بالأرقام التي يرغبون فيها، ويحرفون ذلك في وثائق تتوصل بها مصالح الجبايات. ويصرح مستغلو مقالع الرمال، حسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، بأقل 9.5 ملايين متر مكعب، أي ما يعادل 79 في المائة من الكميات المستهلكة، عمليا، في أوراش البناء وتشييد الطرق والمنشآت الفنية وباقي المشاريع الكبرى التي تتطلب مواد البناء الأساسية. وواظب أصحاب المقالع، منذ 2018 إلى 2022، على الإدلاء بالرقم نفسه من إنتاج الرمال، مستفيدين من الفرق المعفى من الرسوم المقدر بـ29 في المائة، لأربع سنوات متتالية، ما يرفع قيمة الموارد والجبايات الضائعة إلى 66.4 مليار سنتيم، بمعدل 16.6 مليارا في السنة. ووصل قضاة المجلس إلى هذه الخلاصة، اعتمادا على مقارنة كميات الرمال المصرح بها، والكمية التقديرية للرمال المستهلكة (الموافقة للإنتاج الوطني من الإسمنت حسب بيانات الجمعية المهنية لشركات الإسمنت). واحتسب القضاة الكميات غير المصرح بها، أيضا، اعتمادا على الفرضيات التي أدلت بها وزارة التجهيز والماء التي تأخذ بعين الاعتبار، أولا، كميات الإسمنت التي يتم تصديرها (10 في المائة)، وثانيا، تركيبات وأعمدة الخرسانة التي تستعمل نسبة قليلة من الرمال (15 في المائة)، وثالثا، تركيبة تقريبية للخرسانة (كمية من الإسمنت توافق كميتين من الرمال، وثلاث كميات من الحصى). وتتضمن الكميات غير المصرح بها نسبة من الرمال التي تبقى خارج نطاق تطبيق الرسم الخاص المفروض على الرمال، الذي لا يطبق إلا على رمال الكثبان الساحلية ورمال الجرف ورمال الوديان ورمال التفتيت. وتبين من خلال تحليل التقارير السنوية للجان الإقليمية بأغلب الجهات، ومنها البيضاء، أنها لا تقوم بتتبع منتظم للبيانات المتعلقة بالمقالع، سيما في ما يخص طريقة الاستغلال وتدابير الصحة والسلامة والإجراءات البيئية المطبقة والكميات المستخرجة. والأمر نفسه بالنسبة إلى الجماعات، إذ غالبا ما يقوم بعمليات التتبع شسيع المداخيل بالجماعة، ويقتصر الموضوع برمته، على تدبير الرسم على استخراج مواد المقالع، مع الإشارة إلى أن 41 في المائة من الجماعات لا تتوفر على جميع الملفات الإدارية المتعلقة بفتح المقالع، خاصة الملفات التقنية والبيئية، ناهيك عن غياب تبادل مؤطر ومنتظم للمعطيات بين مختلف الجهات. يوسف الساكت