مشعوذون في ضيافة السجون

تحولوا إلى قنابل إجرام موقوتة تنتهي بجرائم بشعة تتجاوز عمليات عتاة المجرمين أعادت جريمة مشعوذ يمتهن السحر بدوار «الغضبان» بالجديدة، قتل وأحرق قبل عشرة أيام جثة امرأة ذات 46 سنة، ربط معها علاقة غرام لما استدرجها إلى عالمه المتغول، بواسطة ما كان يسوقه من وصلات إشهارية على تطبيق " تيك توك" تمجد قدرته على جلب السعد وطرد النحس، (أعادت) الحديث هذه المرة لدى فئات واسعة من المجتمع وبنبرة حادة، عن تنامي "جرائم المشعوذين" التي لم تقف عند حد الاغتصاب تحت غطاء وصفات علاجية، ولكن تعدى الأمر إلى ظهور مشعوذين أضحت تسكنهم، رغبة جامحة في تملك ضحاياهم من النساء. إنجاز: عبدالله غيتومي (الجديدة) هي ممارسات وبكل تأكيد تحولهم إلى قنابل موقوتة، تنتمي إلى جرائم تتعدى في بشاعتها، جرائم ببصمة عتاة مجرمين، ويزداد « مشعوذون قتلة» شراسة مع مرور الأيام في غياب وازع ديني لديهم وأيضا أمام قصور في الترسانة القانونية ببلادنا ، التي تتعامل مع الشعوذة والسحر مجرد مخالفة من الدرجة الثالثة، غرامتها لا تتجاوز في أقصاها 120 درهما، أقل بمرات كثيرة من مخالفة في السير، ذلك حتما جعل معظم مؤسساتنا السجنية مليئة بسجناء هم فعلا "مشعوذون في ضيافة السجون». جرائم بشعة بلمسة الشعوذة خلال العشرية الأخيرة أخذت الجرائم التي تتخذ من الشعوذة وقودا لها، منحى تصاعديا اعتقد معه البعض أنه لربما حالة استثنائية محصورة في الزمان والمكان، ولكن حالة العود في هذا النوع من الجرائم التي كشفت عن وجهها، جعلت جل المتتبعين يقرون بأنها تحولت إلى نوع من الجرائم قائم بذاته، له طقوسه كما له ضحاياه، خاصة في صفوف نساء وأطفال صغار. وخلال الأسبوع الذي ودعناه استفاقت هذه الجرائم مجددا من نومها، وكشفت عن وجه أكثر قبحا وعدوانية، لما عمد أحد المشعوذين عمره 46 سنة يتحدر من تطوان، إلى الغواية بشابة من البيضاء قصدته أول مرة للاستفادة من عرض السحر، الذي كان يسوقه على الفضاء الأزرق، وبمرور الأيام بسط هيمنته على كيانها، وتملكها، بل وتصرف فيها بكل غرائزه الحيوانية، وأضحى يحاسبها عن كل كبيرة وصغيرة، وفي ليلة قتل رهيب حول لقاءها معه إلى جلسة استنطاق، لا تتوفر فيها ضمانات احترام أنوثتها، وحقها في عدم البوح بأشياء لا توجد إلا في وجدان ذلك الذي كان يدعي بكل فخر واعتزاز أنه" شواف» يرى ما خفي في الصدور. ولكن طريقة القتل كانت بشعة ولم يستجب لتوسلات قتيلته، وتمادى في الرفس والركل حد إزهاق روحها البريئة، وأكثر من ذلك تفنن في سيناريو طمس معالم جريمته بأن هيأ لها جميع لوازم حرق الجثة، والعودة من جديد إلى منزله مسرح الجريمة لممارسة نشاط سحره وشعوذته بشكل عاد. هذه الجريمة رجعت بذاكرة أهل الجديدة إلى ما قبل 9 سنوات خلت، عندما اهتزت المدينة على وقع جريمة قتل زوج سكنته شعوذة قاتلة لزوجته، بدافع تخليصها من الجن، بواسطة ضربات تعنيف أزهقت روحها، وهو ما عاقبته المحكمة بصدده بعشرين سنة نافذة. وقبل ثلاث سنوات انتفض الشارع منددا بالعثور على بقايا عظام الطفلة "نعيمة" فوق سفح أحد الجبال بمنطقة تفركالت ضواحي أكدز، وارتبط ذلك لحظتها بتصفيتها من قبل مشعوذين متخصصين في استخراج الكنوز لأنها كانت "زوهرية» . جريمة أخرى وباللمسة نفسها هزت كيان الحسيمة وبالضبط بمركز نكور، عندما قضت امرأة تحت تأثير ضربات قاتلة من مشعوذ، بدعوى تنفيذه لحصة في "صرع الجن"، لكن الأبحاث القضائية قادت إلى اعتقال 10 ضالعين في القضية، ضمنهم أفراد من عائلتها تواطؤوا مع المشعوذ وسخروها له وسيلة لاستخراج أحد الكنوز لأنها أيضا « زوهرية». ولن تكون جريمة الحوزية آخر الأحزان في ظل عالم شعوذة، محصن من المراقبة ومدر لأرباح خيالية أضحت تستهوي الكثيرين ممن لا مهنة لهم لولوجه ، تساعدهم في ذلك فورة العالم الرقمي، التي تروج لأنشطتهم على نطاق واسع. نشاط لا تطوله مراقبة الأجهزة كشفت جريمة الحوزية عن معطى خطير، هو أن جريمة قتل المشعوذ لضحيته تمت بمنزل بجوار منزل «مقدم» دوار الغضبان، وهذا يحيل طبعا على حالة من التسيب التي تولد قناعة حقيقية، أن منازل المشعوذين والسحرة في بلادنا آمنة مطمئنة، لا تمسها مراقبات من رجال السلطة ولا كذلك من قبل الحملات الأمنية التطهيرية، ذلك ما يمنحهم تحصنا يعتقدون معه أنهم أضحوا فوق سلطة القانون، ويشجعهم مع مرور الأيام في التحول إلى طغاة، وهي العتبة الأخيرة التي تؤدي بهم إلى عالم الإجرام. نصوص عقيمة قال هشام حرتون، محام بهيأة البيضاء، «إن جريمة قتل وحرق فتاة الحوزية، أيقظت مواجع المجتمع المغربي قاطبة، وأحيت الحديث عن أن الشعوذة والسحر حجزا لنفسيهما مجالا رهيبا، بات مع مرور الأيام يزداد اتساعا، هو بكل تأكيد يهدد الناس في معتقداتهم الدينية، ويمس الوازع الديني والأخلاقي في مقتل، وبالتالي فجريمة الحوزية تبيح لنا الحديث الآن عن مقتضيات القانون الجنائي المغربي، في باب التصدي للشعوذة والسحر والتضييق على الذين ينشطون في هذا المجال، وبكل صراحة لما نعود إلى النصوص الرادعة ونقوم بتصفحها، نستنتج خلاصة أساسية هو ندرة تلك النصوص، اللهم من المادة 609 خاصة في فقرتها 35، التي تعاملت بشكل عقيم ومحتشم مع ظاهرة الشعوذة، ولم ترق درجة العقاب اللازم لردعها وتجفيف منابعها، بل اكتفت بالغرامة لمن احترف التكهن وادعاء كشف الغيب، بين 10 دراهم و 120 درهما. وانتقل هشام حرتون إلى التأكيد أن جريمة «فتاة الحوزية»، كشفت فعلا عن الوجه الشرس للشعوذة، وبالتالي يفرض واقع الحال عندما أضحت أفعال المشعوذين، بمثل هذه الخطورة، أن لا نبقى في حدود المادة 609 من القانون الجنائي، بل لا بد من سرعة قصوى تنقلنا إلى تطعيم ترسانتنا القانونية بنصوص تحقق الردعين الخاص والعام، وفي انتظار أن يتحقق ذلك وعلى خلفية أن عالم الشعوذة والسحر يسخر مواد سامة وضارة بصحة الناس، فإنه حان الوقت لصرامة أكثر بتكييف كل أفعال الشعوذة لتصبح تحت طائلة الفصل 540 الذي يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 500 درهم إلى 5000 ، كل من أتى أفعالا ترتكز على الاحتيال والخداع للإيقاع بضحاياه. علما أنه عندما تلحق الشعوذة أذى بالناس في صحتهم وسلامتهم الجسدية خاصة باستعمال مواد سامة، فهنا أركان جريمة التسميم واضحة جلية ويتعين إعمال النصوص القانونية المعاقبة لها. لا هوادة مع " الدجالين القتلة" عجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال هذا الأسبوع بردود أفعال كثيرة ، تولدت لمناسبة إلقاء القبض على " التطواني» المشعوذ الذي نفذ بدم بارد جريمة قتل وإحراق فتاة، استحوذ على قلبها بطقوسه الغريبة وعاشرها معاشرة الأزواج، واتفقت جميع الآراء على إدانة شديدة لهذا الفعل الشنيع، معتبرة إياه مؤسسا لجرائم غريبة عن المجتمع المغربي، فكثيرة هي التدوينات التي عبرت عن ذهولها للقتل المقرون بالإحراق، لأنه ينم عن عدوانية دفينة تسكن معظم المشعوذين، الذين يتحولون إلى ذئاب شرسة تنقض على ضحاياها دون شفقة ولا رحمة. وفي هذا الإطار كتبت امرأة بأن الجريمة وحشية، مست المغاربة في كيانهم وشعورهم ، وخلفت ندوبا جسيمة على قلوبهم، معتبرة القاتل "وحشا» يجب تنفيذ حكم الإعدام في حقه علانية حتى يكون عبرة للآخرين. وطالبت العديد من التعليقات بضرورة اقتحام أوكار الشعوذة، وعدم تشجيع مؤامرة الصمت من قبل السكان والسلطات، بل الوضع خطير ويتطلب تمنيع المجتمع خاصة نساءه وأطفاله من عدوانية مجرمين قتلة ، يتسترون وراء قدرتهم على كشف الغيب ومعالجة أمراض مستعصية، في حين هم الأولى بالعلاج من ميولاتهم «السادية» التي تخلف ضحايا كثيرين، وجراحا على نفسية لشرائح اجتماعية واسعة. والتقت العديد من التعاليق وردود الأفعال في قاسم مشترك، دعا إلى اعتبار " فاجعة الحوزية» ، نقطة تحول خطير في مسار جرائم المشعوذين، الذين أضحوا يتفننون في طمس معالم جرائمهم البشعة، وبالتالي الكرة اليوم في مربع " حماة القانون" لتحصين مجتمعنا بترسانة قانونية جنائية رادعة ، ذلك ما عبرت عنه امرأة على حائطها «الفيسبوكي» بتندر شديد " المشعوذون والسحرة كيدخلو الملايين ونتوما عاقبوهم بغرامة ديال 120 درهم فقط ... عافاكم زيرو معانا شوية الله يرحم الوالدين ". وفي ردود أفعال سابقة تعلقت بجرائم الشعوذة، استعرت حملة شرسة تجاه المشعوذين والسحرة، في إطار حملة قادها الداعية السلفي خالد مبروك منسق حملة " زيرو سحر" بأنها تروم تصحيح عقيدة الناس ومحاربة ما يفسد إسلامهم وإيمانهم وتحمي المواطن من الكفر وليس فقط النفايات والجراثيم وقطاع الطرق.

مشعوذون في ضيافة السجون

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

احتلال الملك العمومي... الوجه البشع

انشقاق جديد في التحالف الحكومي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات