الجنس بالتراضي… الشمس لا يحجبها الغربال

انفتحت العلاقات الشبابية بين الأنثى والذكر، أكثر وأصبحت ظاهرة، لم تفلح في تحجيمها العادات والتقاليد، وارتبطت فتيات بأقرانهن ضاربات عرض الحائط بكل القيود الأسرية المجتمعية، في علاقات علنية، تحول بعضها مع التطور التكنولوجي، إلى إشهار عبر صفحات فيسبوك، وإن كانت تبعات هذه العلاقات وانعاكسات نتائجها تختلف من طبقة مجتمعية إلى أخرى بحسب الرقي المعيشي والمستوى الاجتماعي والثقافي، فإنها تخلف مآسي، بالنسبة إلى فئة عريضة من الجنس اللطيف، اللائي يجدن أنفسهن في آخر المطاف وحيدات يواجهن مجتمعا لا يغفر الخطأ، مجتمع واقعه الظاهر يسمح بانفتاح الجنسين على بعضهما، وباطنه متناقض، يرفض كل العلاقات الخارجة عن مؤسسة الزواج.من بين الملفات المثيرة التي توصلت بها إحدى الجمعيات المهتمة بالدفاع عن حقوق المرأة، ملف مريم، الشابة التي دخلت في علاقة عاطفية مع شريك اعتبرته الأقرب إلى قلبها، وداست على كل العراقيل والعوائق التي يمكن أن تعكر صفو تلك الرابطة.كانت تعتقد أن شريكها الذي اختارته يفكر بالطريقة نفسها التي تفكر بها، لم يضعا الزواج أمام أعينهما، وأبعداه إلى حين، فهو حديث الولوج إلى عالم الشغل، وهي المرأة المنفتحة التي أعجبت بهذا الفتى القادم من خارج المدينة.ارتبطا ببعضهما وأصبحا شريكين في علاقة حب عميقة، بل كانا يسافران معا ويقضيان أياما حتى اشتهرا بين الأصدقاء والعائلة، وذاعت قصتهما بين الناس.في 2010 بدأ العد العكسي لتلك العلاقة، بعد أن اكتشفت مريم أن خطأ في الحساب والاحتياط أوقعها في حمل، لم تكن تدري أن شريكها سيتنصل منها بل كانت متأكدة بأنه متمسك بها إلى أبعد الحدود. حينما اكتشفت أنها حامل أخبرته، فلم يهلع أو يصب باندهاش، بل بارك حملها وطمأنها بأن ابنهما سيكون ثمرة الحب الذي جمعهما، وهو ما أبعد عنها كل الحلول الأخرى التي كان يمكن أن تلجأ إليها فتاة في مثل مشكلتها.استمر المشهد على ذلك المنوال أربعة أشهر، دون أن تعي أن الأحداث تسير في غير مصلحتها ولا مصلحة جنينها البريء، وفي إحدى المرات فوجئت بهاتفه خارج التغطية، فظلت تتصل دون جدوى، انتقلت إلى الشقة التي يكتريها فلم تفلح في العثور عليه، لتقرر التوجه صباحا إلى مقر عمله لتطمئن على أخباره، فانتظرت خروجه من الشركة التي يشتغل بها محاسبا، إلا أنها وجدت إنسانا آخر، غير الذي شاركته الأيام العذبة الخالية، فجر في وجهها قنبلة من العيار الثقيل، حينما قال لها ينبغي أن تجدي حلا لمشكلتك، وحمل معه رسالة من أسرته يشير فيها إلا أنها ممتنعة عن ارتباطه بهذه الطريقة وكلام آخر، لم تعد تتذكر منه إلا أن عشيقها انفض من حولها. كانت الصدمة كبيرة، سيما أنها عندما حاولت حل مشكلتها عجزت، فالجنين تجاوز أربعة أشهر، ولم تجد أي طريقة للإجهاض.مريم فتاة وحيدة أبويها، لم تجد أمامها إلا أمها التي أخبرت الأب بما وقع للبنت، لتنتقل الأحداث من الحدائق والمقاهي وأماكن النزهة، إلى ردهات المحاكم. حاول الأب في بادئ الأمر التوجه عند الشاب الوسيم وفتح حوارا معه، إلا أن ذلك لم يجد، ليرفع شكاية إلى وكيل الملك، وينطلق البحث في القضية باتهام الشاب باغتصاب الفتاة، لكن النيابة العامة وبعد دراستها لمحاضر الاستماع، كيفت القضية جنحة فساد، لتجد مريم نفسها في آخر المطاف مدانة بالحبس موقوف التنفيذ. حاولت من جديد رفع شكاية للمطالبة بإجراء تحاليل الحمض النووي من أجل إثبات النسب، إلا أن النتيجة كانت سلبية، فسابقة الفساد حالت دون ذلك.ابنها اليوم يبلغ من العمر خمس سنوات، تحولت حياتها أما عازبا تبحث فقط عن طريقة لإنجاز وثائق للصغير وإيجاد عمل يوفر لها حياة كريمة مع ابنها.ليست مريم هي الضحية الوحيدة، تقول مسؤولة الجمعية، فهناك ضحايا كثيرات، ولا تصل إلا ملفات البعض، فالمجتمع يسمح بالعلاقات العاطفية إلا أنه يرفض نتائج تلك العلاقات، ومع انعدام الوعي وغياب التربية الجنسية، تظل الضحية الأولى، هي المرأة في مجتمع لا يغفر خطأها.حالة أخرى لفتاة كانت تربط علاقات عاطفية متعددة، وجدت نفسها في آخر المطاف حبلى، ولم تقو على مصارحة أهلها، إلى أن انكشف أمرها، لتدفعها والدتها إلى وضع شكاية بالاغتصاب الناتج عنه حمل، إلا أنه وأثناء استدعاء الشاب الذي اتهمته، كانت تصريحاته مفاجئة، عندما أشار إلى أنه تعرف عليها بملهى ليلي، وأنها كانت تربط علاقات جنسية مع مجموعة من الشباب بينهم ابن خالته، كما صرح أنه لا يمكن أن يتزوجها لأن ابن خالته ضاجعها في إحدى المرات في الغرفة نفسها التي آوتهما.تظل العلاقات بين الشباب من الجنسين، محفوفة بالمخاطر ما لم تكن مؤطرة بتربية تبعدها عن الوقوع في مثل هذه المطبات، كما تظل نتائج من مثل الحمل سفاحا، في مجتمع تنعدم فيه حقوق هذه الفئة، المصير المؤلم لأبناء يجدون أنفسهم دون آباء.المصطفى صفر

الجنس بالتراضي… الشمس لا يحجبها الغربال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"البرتوش" ... الفضاء الأمثل لممارسة الحرية الجنسية

الزمزمي: الجنس كان على مر التاريخ بالتراضي

مقالات ذات صلة