برلمانيون دعوا إلى الرأفة بمشروبات الفقراء وآخرون ركزوا على مضاعفاتها الصحية أثارت الضريبة المفروضة على الاستهلاك، المتعلقة بـ "الروج" و"البيرة" و"الويسكي"، نقاشا حادا في لجنتي المالية بمجلسي النواب والمستشارين، أثناء مناقشة مشروع قانون مالية 2024، واستمر الجدل في الجلسات العامة لحظة مساءلة الحكومة حول تمويل التغطية الصحية، والحماية الاجتماعية. وانغمس النواب والمستشارون في كلا المجلسين، من الأغلبية والمعارضة على حد سواء، في مناقشة ملف رفع الضريبة على الاستهلاك الخاصة بالجعة (البيرة) والنبيذ (الروج)، والأنواع الفاخرة المستوردة من قبيل "الويسكي" و"الشامبانيا"، من عدمها، أو التخفيف من الضرائب، وعلاقة كل ذلك بالصحة، والحملات الانتخابية وتمويل صناديق الحماية الصحية والاجتماعية، والحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلكين، ومحاربة التهريب والصناعة المحلية الملوثة. "البيرة والروج اديال الدراوش" احتدم الجدال حول هذا الموضوع بعدما اقترحت الحكومة الرفع من الضريبة على الاستهلاك المطبقة على المشروبات الكحولية من 850 درهما للهكتولتر للخمور إلى 1500 درهم، ومن 1150 درهما للهكتولتر من الجعة إلى 2000 درهــــــــم، ومــــــــــن 18000 إلى 30 ألفـــا للهكتولتر من الكحول الصافي. واتضح أن هذه الزيادة، حسب ماراج كانت ستؤثر على جيوب المستهلكين، والتي ستتراوح بين 3 دراهم بالنسبة إلى "البيرة"، و5 دراهم لـ "الروج"، و40 درهما لـ "الويسكي". وانتفض رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، ضد الحكومة، وقال" مارستم الانتقائية في فرض الضرائب، ولم يظهر لكم سوى " الدراوش" كي ترفعوا عليهم الضريبة في مادتي "البيرة" و"الروج"، وهما الأكثر استهلاكا من قبل الفقراء، وبالمقابل لم ترفعوا ضريبة "الويسكي" الفاخر الذي تباع القنينة الواحدة منه بـ 4 آلاف درهم"، منتقدا هذا التوجه الطبقي لدى الحكومة. ومن جهته، قال عبد الله بووانو، منسق العدالة والتنمية، إنه قام بحملته الانتخابية في الحانات في دائرته بمكناس في 2011، ويعرف جيدا أن هناك استهلاكا، رغم ارتفاع نسب الضرائب، مضيفا أنه وقف شخصيا على رفض متاجر المساحات الكبرى مد المشترين للمشروبات الكحولية بفواتير بعدما أرسل شخصا إليها لتحصيلها، فاهتزت القاعة ضحكا، معتبرا ذلك خرقا للقانون وتهربا من أداء الضرائب. ورد عزيز اللبار، من الأصالة والمعاصرة، أن سبب رفض المتاجر مد مقتني الخمور بفواتير البيع، أن القانون ينص على أنها تباع لغير المسلمين، وبما أن أغلبية المستهلكين مسلمون وجب تغيير القانون وإيقاف النفاق الاجتماعي. وشدد هشام آيت منة، من فريق التجمع الوطني للأحرار، على أنه ضد تضريب "الروج" و"البيرة" لأنها مشروبات الفقراء، ومقابل ذلك دعا إلى رفع ضرائب "الشامبانيا" و"الويسكي" بـ 50 درهما لأن ذلك لن يؤثر على جيوب المستهلكين. انعكاسات صحية وتخوفات من التهريب أكد مصطفى الإبراهيمي، من "بيجيدي" على الانعكاسات الصحية بسبب إدمان المشروبات الكحولية، من قبيل الإصابة بمرض الكبد الفيروسي، وسرطان تشمع الكبد، وقال إنه مع رفع الضرائب على المنتجات التي يستهلكها الفقراء كي يبتعدوا عن تناول الخمور، أما الأغنياء فبإمكانهم تغطية تكاليف علاج الأمراض التي سيصابون بها. ودعا عادل البيطار، من "البام"، إلى توعية المواطنين في ما يخص الأضرار الصحية، مضيفا أنه ضد رفع الضرائب بشكل مفرط، لأن ذلك سيشجع التهريب ويعرض صحة المستهلكين إلى الخطر، ذاكرا ضحايا "الماحيا" وتزوير أختام قنينات ضارة بالصحة وبيعها في فنادق ومطاعم بمدن كبرى. ومارس اللوبي المهني، ضغوطات على الحكومة في مجلس المستشارين، واستطاع جر فرق الأغلبية ممثلة في التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة والاستقلال، زائد الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وذلك بوضع تعديل لتقليص نسب الضرائب ببضعة دراهم. واحتدم الجدال بمجلس المستشارين، وقال لحسن حداد من الفريق الاستقلالي، إنه يجب فتح النقاش حول تجريم القانون الجنائي لاستهلاك الخمور، على أساس تقنينه حتى لا يكون هناك نفاق اجتماعي، مؤكدا أن الزيادة في الضريبة على الخمور ستؤدي إلى تشجيع التهريب والصناعة التقليدية المضرة بالصحة. واعتبر يوسف آيدي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، أن الرفع من الضرائب سيكون له تأثير على الفئات الفقيرة، وانعكاسات على الصحة، مذكرا بضحايا "الماحيا" الملوثة. وقال نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل، إن مستهلكي الخمور يساهمون في ضخ الملايير في ميزانية الدولة، معبرا عن رفضه المس بالقدرة الشرائية لهم خصوصا الطبقات الفقيرة، حتى لا يستهلكوا الخمور الرخيصة، ومقابل ذلك دعا إلى رفع الضرائب على الخمور الرفيعة التي يستهلكها الميسورون والأغنياء. ومن جانبه، أكد خالد السطي، من نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن الخمور فعلا موجهة للأجانب فقط، ولكن النسبة الكبيرة من المستهلكين هم المغاربة، مضيفا أن مداخيل ضريبية مهمة تجاوزت 2 مليار درهم ضخت في خزينة الدولة في 2022، داعيا إلى فرض المزيد من الضرائب لتحقيق مبالغ إضافية والمحافظة على صحة المغاربة. الحكومة تمسك العصا من الوسط أدى قبول الحكومة مقترح تعديلات الأغلبية، ونقابة "الباطرونا" بمجلس المستشارين، إلى تخفيض سعر هيكتولتر من "البيرة" من 2000 درهم إلى 1550 درهما، وسعر الخمور من 1500 درهم للهيكتولتر إلى 1150 درهما، وهي الأكثر استهلاكا من قبل الفقراء والطبقة المتوسطة. ومن خلال مقترح مجلس المستشارين فإن الزيادة في "البيرة" ستكون في حدود 1.5 درهم على السعر الحالي عوض 3 دراهم التي كانت مقترحة من قبل الغرفة الأولى التي صادقت على مقترح حكومي سابق، و"الروج" بـ 4 دراهم عوض 6.5 دراهم. من جهته، قال فوزي لقجع، الوزير المكلف بالميزانية، إن أسعار المشروبات الكحولية يجب أن تكون في المستوى المناسب، حتى لا يتم تشجيع التهريب، وصناعة المواد الكحولية بطريقة غير قانونية والتي فيها خطر حقيقي على صحة المواطن. أحمد الأرقام