التعريفة متفاوتة وبعضها يعتبر المريض ضرعا يحلب عن سبق إصرار حتى يجف ماله ويستنزف صبره تجني مصحات خاصة أرباحا خيالية تغري "أصحاب الشكارة" للاستثمار فيها علانية أو دون أن يظهروا في الواجهة، ما يجعل الربح هدفا متوخى أحيانا دون مراعاة نبل المهنة وقدسيتها أو احترام قسم أبقراط أبو الطب، حتى من قبل أطباء قد يغريهم المال ويغنيهم عن تفعيل أزرار ضمائرهم المهنية قد تموت في سبيل مراكمة وتنويع مصادر الثروة. المدخول الهام والمنتظم يغري الكثير من الأطباء القدامى والجدد ممن راكموا خبرة وتجربة سنين طويلة في عملهم في مستشفيات عمومية، واختاروا الاستثمار في هذا المجال أو مشاركة المستثمرين فيه. بعضهم يتوخى الربح أيا كانت طرقه ووسائله، وآخرون قد يسقطون ضحايا حسن النية في علاقتهم بصاحب المصحة زميلا لهم كان أو "غريبا". يتحول المريض في عدة حالات ضرعا يحلب عن سبق إصرار حتى يجف ماله ويستنزف صبره تدريجيا ليموت ما أبقى فيه المرض من قدرة التحمل والصبر، أمام مصاريف العلاج و"الإقامة" المختلفة من مصحة لأخرى وسيادة سلوكات غيبت الضمير المهني، ليزداد الوضع قتامة وسوداوية وضبابية في غياب مراقبة المصالح المختصة أو التقصير فيها. تعزيز دوريات مراقبة المصحات الخاصة ومحاربة "لوبي" معشش فيها قد يتواطأ مع أطباء عموميين لشراء أدوية ومستلزمات طبية وتجهيزات مسروقة، مطلب ملح لفعاليات وحقوقيين أمام ما انكشف من عورة بعضهم بمستشفيي فاس وتازة وما سبقهما ووالاهم من تلاعب أطباء أصحاب بعض المصحات في حصص دياليز مرضى الفشل الكلوي. الربح وتنويعه حق مشروع، لكنه مرفوض في حال اعتبار المريض "زبونا" تستهدفه المصحة ومن سار في فلكها من مختبرات تحاليل وأطباء قد يستغلون "غفلة" مسؤولي المراقبة سهوا أو عمدا، ومفروض تداركها والحرص على مراقبة معايير العمل وظروفه ودرجة احترام التعريفات وتوحيدها، وتشديد العقوبات في حال ارتكاب مخالفات مهنية. تعريفات عيادة الطبيب تختلف بين المصحات والعيادات. وترتفع أو تقل حسب نوعية المرض والمراد تشخيصه، لكن ارتفاع أسعارها قاسم مشترك ولا تقل عن 200 درهم وقد تتجاوز 350 درهما حسب التخصص دون احتساب زيادة العيادة الليلية والتخصصية، في انتظار توحيد رسمي للتعريفة وكل أشكال العلاج والعمليات كي تتوضح الرؤية للكل. الأمر نفسه يسقط ليس فقط على تعريفة التصوير (إيكوغرافي)، بل على الاستشفاء بمصحات أصبح المبيت العادي فيها بالنسبة للمريض يكلفه كثير المال وقد يصل إلى 850 درهما لليلة الواحدة فقط ما قد يقارب المبيت في فندق من خمسة نجوم. أما الليلة الواحدة تحت العناية الطبية المركزة، فتكلف المريض ما بين 1000 درهم و1500 وربما أكثر. وتكلف ليلة واحدة في "الإنعاش"، المريض ما بين 1500 درهم و2500، تسعيرة لا تخضع مراجعتها إلا لمزاجية آمرين ناهين في مصحات تستعين بجهات أخرى للرفع من مداخيلها الخيالية، ومنهم سائقو سيارات إسعاف وأطباء في مستشفيات عمومية قد يهملون مهامهم فيها بسوء نية ويوجهون مرضاهم للقطاع الخاص طمعا في مبلغ العملية. هذه المبالغ والإكثار من التحاليل والكشوفات وزيارات الطبيب أو الأطباء المعالجين، ترفع من مداخيل مصحات وتستنزف جيوب مرضى لا قدرة لهم على الجهر بغضبهم طالما أنهم تحت رحمة المرض والجشع، بعدما اختاروا العلاج من مرضهم في بعض المصحات يغلب أصحابها في أحايين كثيرة، المال على الضمير المهني والحس الإنساني والاجتماعي. والأمر نفسه بالنسبة إلى الاغتناء الفاحش لبعضها بنهج قنوات فاسدة ووسائل لامشروعة أغضبت أيضا نقابة قطاعية بفاس سبق لها أن احتجت على إهمال أطباء عموميين لمهامهم في مستشفيات وتركيزهم على إجرائهم عمليات جراحية بمصحتين إحداهما كانت موضوع وشاية مجهولة فضحت شبكة لسرقة أدوية ومستلزمات طبية من المستشفى الجامعي. شبكات أخطبوطية تشكلت تقدر على "فعل كل شيء وسرقة كل ما يمكن أن يخطر على البال"، يقول الحقوقي محمد الغلوسي، في صرخة أطلقها بعد تفكيك شبكة مستشفى تازة، مضيفا "قد يستفيق المغاربة يوما على قيام لصوص ومفسدين ببيع جدران وغرف مستشفيات عمومية، أمام تغول الفساد وتمدد أجنحته". حميد الأبيض (فاس)