المشاركون في اجتماع مراكش أوصوا بالعمل على توسيع دائرة الأعضاء المكونين للجمعية على امتداد يومين اجتمعت النيابات العامة العربية، في مراكش في إطار الاجتماع السنوي الثالث لجمعية نواب العموم العرب الذي استضافه المغرب، وإذ تم التطرق للعديد من المواضيع الآنية في عمل النيابة العامة والجرائم وسبل مكافحتها، خاصة تلك العابرة للقارات، وتخللت الاجتماع ندوة دولية بعنوان "جهود النيابات العامة بالدول العربية في مكافحة جرائم الفساد: غسل الأموال، تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر – التحديات والإكراهات"، وسعى الاجتماع السنوي إلى تحقيق الاستفادة من آليات التعاون القضائي بين الدول العربية بغية تحقيق مكافحة فاعلة للجريمة بصورها كافة، وتشجيع الحوار القضائي وتعزيز التواصل بين النيابات العامة بالدول العربية من أجل عدالة جنائية فاعلة، وتعزيز قدرات أعضاء النيابة العامة لمكافحة الجريمة. إعداد: كريمة مصلي أوصى المشاركون في التقرير الختامي الصادر عن الاجتماع بتعزيز الأدوار المنوطة بجمعية النواب العموم العرب في تشجيع الحوار القضائي والتواصل بين النيابات العامة العربية وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى في ما بينها، وتعزيز التواصل المؤسساتي الدائم بين أعضاء الجمعية وحث نقط الاتصال على القيام بالمساعي والإجراءات الكفيلة بتحقيق ذلك. كما أوصى المشاركون بالعمل على توسيع دائرة الأعضاء المكونين للجمعية، وذلك عبر مخاطبة النواب العموم بالدول العربية غير المنخرطة والسعي إلى التعريف بالجمعية وبيان أدوراها الطلائعية في تعزيز العمل القضائي العربي المشترك؛ وكذا تعزيز القدرة الاقتراحية لجمعية النواب العموم العرب من أجل تطوير الإطار القانوني الوطني والدولي الناظم للجريمة المنظمة ومكافحة الفساد، عبر اقتراح اعتماد آليات تعاون جديدة كفيلة بتحقيق الفعالية في تعقب الجناة وتفكيك العصابات والمنظمات الإجرامية واسترجاع الأصول، وسد الباب أمام الإفلات من العقاب. وأكد المشاركون في التوصيات، التي تلاها النائب العام المصري المستشار محمد شوقي على أهمية التعاون القضائي العربي بين النيابات العامة بمختلف آلياته الوطنية والدولية من أجل التصدي الفعال لجرائم غسل الأموال وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، والوقوف في وجه التحديات القانونية والواقعية التي أفرزتها هذه الجرائم، وغيرها من صور الجرائم المستحدثة والمنظمة والتي أضحت أكثر تعقيداً بعد استغلال الطفرة الرقمية والتقنية التي يشهدها العالم المعاصر. وحث التقرير الدول الأعضاء على تقوية القدرات الفنية لقضاة النيابة العامة بالدول العربية وضمان انفتاحهم على التجارب الدولية المقارنة، بما يكفل تسليحهم بالمهارات القانونية والقضائية الكفيلة بمكافحة جرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وباقي صور الجرائم المستحدثة؛ والتفكير في إحداث خلايا من قضاة النيابة العامة المنتمين للدول الأعضاء تكون متخصصة في جرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين وإحداث آليات للتواصل في ما بينها من أجل حل مختلف الصعوبات التي قد تعترض تفعيل آليات التعاون القضائي الدولي، مع إخضاعها لتكوين متخصص تشرف عليه خبرات وطنية ودولية مؤهلة تأهيلاً خاصاً. ودعا التقرير الختامي إلى العمل على إعداد دلائل عملية موجهة لقضاة النيابة العامة وباقي الموظفين القائمين على إنفاذ القانون حول سبل التصدي الناجع لجرائم غسل الأموال والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، على أن تتمحور تلك الدلائل حول الإطار القانوني الوطني والدولي الناظم للموضوع ورصد مختلف الصعوبات التي تعيق التصدي الفعال للجرائم المذكورة واقتراح الحلول الكفيلة بتجاوزها وإبراز مختلف أوجه التعاون القضائي الدولي الممكن الاستعانة بها في سبيل ذلك. تعزيز قدرات المغرب واليمن وقعت رئاسة النيابة العامة بالمغرب والنيابة العامة بالجمهورية اليمنية، خلال مجريات المؤتمر مذكرة تفاهم في مجال التعاون القضائي والقانوني، وتهدف هذه الاتفاقية التي وقعها الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة والنائب العام اليمني القاضي قاهر مصطفى، على هامش الاجتماع السنوي الثالث لجمعية النواب العموم العرب، إلى تعزيز التعاون بين الطرفين في مجال اختصاصهما في القضايا ذات الصلة بجرائم غسل الأموال، والإرهاب، والجريمة المنظمة عبر الوطنية، وفقا للأنظمة والقوانين والاتفاقيات الدولية المعمول بها لدى البلدين، ووفقا للإمكانيات المتاحة وبما يخدم مصالحهما المشتركة. وتنص المذكرة على التعاون في مجالات تعزيز قدرات الطرفين في مجال حقوق الإنسان ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والمواضيع الأخرى ذات الاهتمام المشترك، وتفعيل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة المصادق عليها في البلدين، وتبادل التشريعات والمطبوعات والدوريات والمجلات والبحوث والدراسات القانونية والفقهية والاجتهادية القضائية، وتأهيل الطاقم الفني والإداري لدى الطرفين. الداكي: الإجرام المالي يتميز بالتعقيد أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، أن جرائم غسل الأموال القائمة على تحويل الأموال غير المشروعة أو إخفاء طبيعتها بغرض دمجها في المسار المشروع للدورة المالية، تشكل تهديدا للنسيج الاقتصادي والاجتماعي وتقويضا لكل رهانات التنمية المستدامة، مشيرا إلى أن هذا النوع من الإجرام بات يرتبط بجرائم أصلية لا تقل عنها خطورة كجرائم تهريب المهاجرين التي تتسبب في مآس إنسانية وتشكل أحيانا مدخلا لجريمة الاتجار بالبشر التي تجهز على كرامة الأفراد وإنسانيتهم من خلال تعريضهم بشكل بشع لأوضاع استغلالية شتى وأضاف رئيس النيابة العامة، بالقول "نعيش اليوم في عالم متحرك لا حدود فيه لتدفق حركة الأموال والمعاملات التجارية والاقتصادية، وإذا كان الوضع نتيجة طبيعية لمستوى النمو الاقتصادي العالمي باعتباره أحد تجليات العولمة، فإنه بالمقابل أفرز ظواهر إجرامية خطيرة تتجاوز الحدود الجغرافية للدول وتعوق جهود التنمية والاستثمار"، مبرزا أن الإجرام المالي عموما يتميز بنوع من التعقيد وصعوبة الإثبات، إذ تبقى جرائم غسل الأموال أكثر تعقيدا وتنفلت بطبيعتها من مجالات الإثبات الجنائي الكلاسيكي، بالنظر لتدخل عدة أطراف في ارتكابها واستعمال عدة أساليب وطرق للتمويه على المصدر غير المشروع للأموال. وأكد أن المغرب ووعيا منه بالمخاطر والتحديات التي يطرحها هذا النوع من الإجرام، تبنى سياسة جنائية تعتمد على الوقاية من هذه الجرائم وحماية ضحاياها وزجر مرتكبيها، مذكرا في هذا الصدد، بسن النصوص التشريعية الملائمة التي تحقق الردع واستحداث الآليات المؤسساتية الوطنية اللازمة لمكافحة جريمة غسل الأموال والوقاية منها، فضلا عن انخراط رئاسة النيابة العامة في تنزيل توصيات مجموعة العمل المالي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، على ضوء عملية التقييم المتبادل التي خضع لها المغرب وتنزيل جميع الإجراءات الواردة في خطة العمل الموضوعة من قبل المجموعة. البلبيسي: أرباح التهريب تتم معالجتها بغسل الأموال أكد عثمان البلبيسي، المدير الإقليمي لمنظمة الهجرة الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن معالجة التحديات المرتبطة بالاتجار في البشر تتطلب نهجا متناسقا ومتكاملا بين البلدان والجهات المعنية للرد بشكل دقيق وفي الوقت المناسب، لتجنب تعرض المزيد من الأفراد المستضعفين للوقوع ضحايا لتجار البشر، مبرزا أن تهريب المهاجرين يعد عملا تجاريا تصل قيمته إلى مليارات الدولارات سنويا، مضيفا أن أرباح التهريب كثيرا ما تتم معالجتها عن طريق غسل الأموال، وتستثمر أيضا في أنشطة غير قانونية أخرى. وأشار إلى أن مكافحة الاتجار بالبشر أصبحت أحد المجالات الأساسية في عمل المنظمة نتيجة للخبرة المكتسبة على مر السنين في التعاون مع الحكومات والمنظمات الدولية الأخرى والمنظمات غير الحكومية وكذا الناجين من الاتجار بالبشر أنفسهم، موضحا أن هذا النهج يرتكز على الوقاية والحماية والمحاكمة من خلال شراكات عبر مختلف أنواع التدخلات. وهبي: الفساد لم يعد شأنا محليا شدد عبد اللطيف وهبي، على ضرورة توحيد الجهود العربية والدولية الرامية إلى مكافحة الجريمة المنظمة بجميع تجلياتها، لا سيما جرائم الفساد وغسل الأموال وتهريب المهاجرين والاتجار في البشر، والتصدي لها من أجل تسهيل مسار التعاون الدولي في هذا المجال. وسجل الوزير، في الكلمة التي تلاها نيابة عنه عبد الرحيم مياد، الكاتب العام للوزارة، أن الفساد لم يعد شأنا محليا تمكن مواجهته بقوانين وتدابير محدودة، بل أصبح ظاهرة عبر وطنية تمس جميع المجتمعات والنظم الاقتصادية على المستويات الإقليمية والدولية، عبر شبكات منظمة ذات علاقة بالاقتصاد ومصادر التمويل، لا فتا النظر إلى أن أساليب الجريمة المنظمة والعابرة للحدود في تطور مستمر، ولم يعد بإمكان أي دولة لوحدها التصدي لها، مما يستدعي اعتماد آليات موحدة لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول من أجل تضافر الجهود لمكافحة فعالة للجريمة، مذكرا في الوقت نفسه، بانخراط المملكة ودورها الرائد في الجهود الدولية والتعاون المستمر مع مختلف الشركاء، بهدف مكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود. وأشار إلى أن وزارة العدل تولي أهمية كبرى لموضوع مكافحة الفساد ضمن إستراتيجيتها، سواء في إطار التوجهات العامة المعتمدة في مجال السياسة الجنائية، أو على مستوى مواكبة هذه الأخيرة لباقي توجهات السياسة العمومية للدولة في مجال مكافحة الفساد. عبد النباوي: شفافية الإجراءات قال محمد عبد النباوي، الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إن الحديث عن مكافحة السلطات المغربية لجرائم الفساد "يضعنا أمام مسار متسم بالتبصر والتدرج، انخرطت فيه كل المؤسسات الوطنية وفي مقدمتها القضاء، مقتدية بالتوجيهات الملكية الرشيدة التي انخرطت فيها مختلف السياسات العمومية، معتمدة على شفافية الإجراءات، وتبسيط المساطر، وسهولة التظلم والتبليغ عن ممارسات الفساد، بالإضافة إلى الصرامة التي يتعامل بها النظام القضائي مع قضايا الرشوة واختلاس المال العام"، مضيفا أن تلك الجهود أدت إلى الزيادة في منسوب الثقة لدى الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين والمستثمرين الأجانب، بدأت تجلياته تظهر للعيان. واعتبر عبد النباوي أنه نظرا لما يتوفر لدى السلطات القضائية من معطيات، وما تضطلع به من اختصاصات على مستوى إنفاذ القانون والتحقيقات القضائية في جرائم غسل الأموال والفساد المالي، وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر وغيرها من صور الجريمة المنظمة، وإصدار الأحكام والقرارات القضائية، واعتبارا لأدوارها على مستوى التعاون القضائي الدولي تفعيلا للاتفاقيات التي يبرمها المغرب، كان لزاما التفكير في تطوير أساليب الإدارة القضائية لتواكب كل صلاحيات واختصاصات السلطات القضائية ودون المساس بالمبدأ الكوني لاستقلالها، ومن ثم عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، تفعيلا لاختصاصاته الدستورية في صيانة الأمن القضائي وتحقيق النجاعة القضائية، ووفاء منه بالالتزام الذي سبق أن تعهد به عبر مخططه الإستراتيجي، على تأهيل هياكله وبنياته الإدارية، من خلال إحداث بنيات متخصصة في تتبع قضايا الجريمة، وهو ما سيمكنه من تحقيق تواصل أفضل مع العمل القضائي للمحاكم، من خلال التزود بالمعلومات الضرورية لوضع وتنفيذ برامج النجاعة القضائية في مكافحة الجريمة.