دراسة في القانون : إصلاح خطة العدالة… أسباب الأزمة ومداخل حلول

صفاء الذمة المالية والأخلاقية أول خطوة في طريق الإصلاح وإعادة ترتيب البيت الداخلي تعاني مهنة العدول بالمغرب، اليوم، من بعض الآفات المادية والمعنوية جعلتها تتخلف عن ركب التوثيق. لذا يتحتم على السادة العدول أن يعوا هذا، ويضعوا يد بعضهم في بعض ليعيدوا لهذه المهنة الشريفة بريقها وإشعاعها لمواكبة التطور الهائل الذي يعرفه قطاع التوثيق في سن القوانين واستعمال التقنيات الحديثة وذلك بتضافر جهودهم وتوحيد رؤاهم وتحديد أهدافهم باحترام الأولويات أولا بأول لبلوغ المطالب المشروعة تأكيدا للذات وتحقيقا للغايات المثلى. ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعمل المتواصل لإيصال صوتهم للمسؤولين عن إدارة أمورهم وتسيير شؤونهم لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المتراكمة، بدءا بالضروري الملح معتمدين على قوة الإقناع للدفاع عن ملفهم المطلبي بوعي تام وبأسلوب لبق لترتيب البيت من الداخل: أولا، بالحوار البناء مع إخوانهم الموثقين لإخراج كل المتطفلين عن مجال التوثيق. ثانيا: تنزيلا للدستور الجديد الذي ينص على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، وبالتالي، على العدول قمة وقاعدة اغتنام الظرف لاسترجاع ما ضاع، سيما أن صاحب الجلالة يخص خطة العدالة بكامل الرعاية وعظيم الدعم وموفور العطاء إضافة إلى ما يكنه لأهلها من رضا ومودة.ومن المفارقات العجيبة أن القضاء بصفة عامة يخضع الآن لإصلاحات كبرى، بمشاركة كل الفاعلين في مجاله من قضاة ومحامين ورجال القانون وموثقين عصريين إلا العدول فقد تم استثناؤهم وإقصاؤهم دون التفات إليهم ولا استفادة من تجاربهم الميدانية ولا نظر في مقترحاتهم المعتبرة وهم جزء لا يتجزأ من منظومة القضاء .وإن سبب التمييز بين العدول وأرباب المهن التوثيقية الأخرى ليس له معنى، ولا نجد له مبررا لحد الساعة (قانون المالية 2010 – 2011 – 2012 – 2013 – 2014 في ما يخص توثيق عقود السكن الاجتماعي). ورغم أن هذه المهنة من أهم مساعدي القضاء على الإطلاق، فهي تعمل في غياب مدونة جامعة وشاملة تتجلى في نصوص قانونية كمدونة الحقوق العينية وقانون الالتزامات والعقود ومدونة الضرائب وقانون التسجيل والتنبر. فلا بد إذن من رد الاعتبار لمؤسسة العدول ولمهنة خطة العدالة وضرورة توحيد التوثيق اعترافا لروح ونص الدستور المغربي لسنة 2011 وتأهيل المهنة في إطار منافسة مشروعة مع إجبارية التكوين واستمراريته في المعاهد المختصة. أما الشأن الداخلي للعدول فلا يقل أهمية عما سبق فهو أيضا يحتاج إلى وقفة تأمل تهدف ونحن على أبواب الانتخابات لرئاسة الهيأة الوطنية إلى القيام بنقد ذاتي مثمر وبناء للخروج من ضيق التعصب والمصالح الشخصية والتقليد إلى فضاء الاجتهاد ونكران الذات ومسايرة العصر مع الحفاظ الكامل على خصائص المهنة ومميزاتها.ومن الضروري والمؤكد في محاولة لتوحيد الكلمة والهدف إيجاد مقر يليق مع شرف المهنة تتخلله أقسام للشؤون الاجتماعية والقانونية والمهنية والعلمية والمالية شعارها الشفافية والاستقلال والمصداقية بحثا عن صيغة تخفف من اختلاف العدول وتدعوهم إلى إصلاح ذات البين بينهم فالتحلي بالأخلاق الحميدة أصل لكل خير وعدمها سبب لكل شر وفي الأثر (ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة).إن تركيز الحديث عن المال أمر مقصود في معرض الكلام عن الخيارات المطروحة والسبل المفتوحة لإخراج العدول من أزمتهم الراهنة. فالمال، كما لا يخفى، عصب الحياة وزينة الدنيا و(للي ماعندو فلوس كلامو مسوس).وإن الدكتور عبد السلام أيت سعيد الذي أكن له بالغ التقدير والاحترام حين حصر المرض الذي نخر جسم خطة العدالة في كتابه «المبادرة، عدول المملكة وأزمة تدبير الشأن المهني الخيارات والبدائل المطروحة» (في التفكير التقليدي وتفضيل المصلحة الشخصية والتباكي على الماضي والزعامة المنفوشة وفي الخيار التراجعي الاستبدادي لبعض العدول وفي تأجيج البؤر والصراعات وتكريس الانقسام والارتجال والانشغال بالمعارك الهامشية والقضايا السجالية ) قد أحسن تشخيص الداء لو أنه أشار ويا ليته فعل إلى مالية الهيأة ونادى إلى محاسبة المسؤولين عنها بعد الوقوف عن قرب على حالها ومآلها ومبدئها ومنتهاها كل هذه السنين. فأين هي تلك الأموال الباهظة التي جنتها الهيأة الوطنية؟ وكيف حصلت وفيم صرفت ولصالح من وجهت منذ سنة 2006 على أقل تقدير دعك من سنوات التسعينات 1992و1993 وما فوق وما خفي كان أعظم.فما السر في إعفاء الدكتور نفسه من المناقشة في إطار البحث عن أسباب الأزمة الخانقة التي تمر بها مهنة العدالة والقائمون عليها في مصادر التمويل وطرق التحصيل وكيفية الإنفاق الخ..لقد دقت ساعة المساءلة عن المبالغ الهائلة والمداخيل الطائلة من عائدات الاشتراك والدمغة ومذكرة الحفظ التي دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية إذ قفز ثمنها من150 درهم إلى 2150 درهما، دون سند قانوني ولا توصيل ولا شكر حتى وهو أضعف الإيمان ودون استثناء عدل مريض ولا عدل جديد فهم كما قال الشاعر:أظهروا للناس نسكا وعلى الدينار دارواوله صلوا وصاموا وله حجوا وزاروالوراوه في الثريا ولهم ريش لطارواوقد اكتفى هؤلاء المسؤولون عن خطة العدالة بالكلام المعسول والوعود الكاذبة والشعارات الجوفاء:«دخانكم عمانا وطعامكم ماجانا»..»اسمع جعجعة ولا أرى طحينا». بقلـم : ذ: اسماعيل اركيب عدل موثق بدائرة محكمة الاستئناف بسطات

دراسة في القانون : إصلاح خطة العدالة… أسباب الأزمة ومداخل حلول

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

منـع وثائقـي عـن الريـف بالحسيمـة والناظـور

تسع سنوات لمتهمين بالاختطاف والاحتجاز بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات