دراسة في القانون : التوثيق العدلي ولعبة التجنيد لاختفاء مهنة العدالة بالمغرب

لذا فالذي يهمنا ويعنينا عدولا، هو: أن المقاربة هذه، في ظل دستور 2011، وفي ظل المصلحة العليا للوطن، وفي ظل ما أصبح يتمتع بع العنصر البشري المقدم للخدمة في الميدان العدلي، من الوعي الكافي، والثقافة الواسعة، والكفاءة العالية، والمساهمة الفعالة في التكافل الاجتماعي، وفي مالية الدولة، وفي التنمية المستدامة، عبر سيولة الخدمات المهنية، رغم غبنه وإهماله والسكوت عنه، أقول هذه المقاربة القيسرية المبنية على التمايز الموروث، هي: آيلة للسقوط لا محالة، وإن طال أمدها، وتعددت روافدها، وتنوعت الجهات الداعمة لها، والأغراض الخاصة الدافعة إليها، لأن البقاء للأصلح، كما يقول العلماء، سواء في الدين، أو الدنيا، وما نسمعه، أو نقرؤه عبر الصحف، أو نشاهده عبر القنوات التلفزيونية، من الندوات، والمؤتمرات، والاستقبالات، والعروض العريضة، تحت عناوين جذابة مثل: الأمن التعاقدي، والتنمية المستدامة وغيرها، إلا خير مثال على كل ما نقول، من كل ما له هدف ذاتي خاص. حقا أن مهنة العدالة بالمغرب، كتب لها في ظل وزارتنا في العدل والحريات، أن تكون مسكوتا عنها، ومستهدفة منذ قديم استهدافا يرمي إلى اختفائها، والإجهاز على معلمتها، رويدا رويدا، كما اختفت مهنة الوكيل العدلي قبلها، وذلك نظرا لمرجعيتها الدينية والوطنية والاجتماعية، وبالطبع أن كل ما كان كذلك، أمام المخالف في المرجعية بالخصوص، كان الاستهداف نصيبه وحليفه على طول، خصوصا إذا كان المخالف هذا، ينعم بالتمايز المطلق، وبالتعاطف المرجعي، وبالتأثير الاستقوائي المتنوع !! من الداخل والخارج، إذ لولا الصمود الذي دأبت عليه مهنة العدالة وأصحابها، منذ عهد الحماية، ولولا التشبث التلقائي بمرجعيتنا الإسلامية، والوطنية، والاجتماعية، ولولا التشبث التلقائي العميق بالمبدإ الوطني الخالد: الله، الوطن، الملك، ولولا المؤسسة الملكية الحامية لحمى الملة والدين، والراعية لكل الوطن والمواطنين، قديما وحديثا، لأصبحت مهنة العدالة بالمغرب في خبر كان، كما اختفت مهنة الوكيل العدلي قبلها، وبقي قانونها لحد الآن حبرا على ورق، ولما ضاع على المواطن المغربي، بالرغم عنه، نسبه، وحسبه، وعرضه، وحتى ماله، واليوم أيضا، كالأمس، لا نخاف، ولن نخاف على مهنتنا من الاختفاء، وعلى مصيرنا المهني، حاضرا ومستقبلا، من السطو الاختفائي، خصوصا وأن بين أظهرنا، وفي دواليب مؤسساتنا: نبلاء، وأفاضل، وعلماء أجلاء وطنيون، يشاطروننا مرجعيتنا، ويقاسموننا همنا، ويشجعوننا في أهدافنا، الرامية إلى أداء الرسالة المهنية، الملقاة على عاتقنا في عالم الغيب، بنبل، وكرامة، وأمانة، ووقار، وحفاظ على شرف المهنة، وحقوق وأسرار المتعاقدين، حتى تتبوأ المهنة من جديد، مكانتها الطبيعية في الدين والمجتمع، وتذرأ عنها، كل ما علق بها قديما وحديثا، من كل ما لا يليق بها، في الشكل والمضمون.وما المظاهر الاستهدافية، والسلوكات التبخيسية، والتنفيرية، المتراكمة على مهنة العدالة من هنا وهناك، وحتى من بعض المنتسبين إليها، المجندين والموظفين، من حيث لا يدرون، شكلا ومضمونا، لاختفائها، والإجهاز على ما تبقى من اختصاصاتها ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) الآية 99 سورة الكهف، هذه السلوكات التي تتنافى، بالطبع مع قدسية المهنة وكرامتها، ومكانتها في الدين والمجتمع، إلا نتيجة حتمية عن ضعف الإاهتمام المتزايد، الناتج عن غياب تحمل وزارتنا في العدل والحريات، منذ قديم، وحتى الآن: مسؤوليتها الكاملة بهذه المهنة، حيث لا حماية، ولا عناية لائقة، وخصوصا في محافل التشريع المتعلقة بالمهنة، على اعتبار أنها (الوزارة) الوصية القانونية والناطق الرسمي، عن مهنة العدالة بالمغرب، ولا تتبع كذلك، ولا حكامة جيدة وعادلة، سواء في السير، أو التسيير، أو المصير، ولا تمتيع بالحقوق الوطنية في المساواة، وفي تكافؤ الفرص، وفي الإنصاف وعدم الانحياز، وفي التمكين من القيام واحترام فرص المبادئ الأساسية تجاه المواطنين، من مثل: الحق في إزالة الضرر، وفي المنافسة الشريفة بين العدول، وبين العدول والمتعاقدين: في الأجرة، تطبيقا لمبدإ المراضاة، الوارد في قوله تعالى ( ولا يضار كاتب ولا شهيد) الآية 282 سورة البقرة، وتطبيقا للمبدإ الوطني الخالد: القضاء في خدمة المواطن، ومن مثل: الحق في تقريب الخدمات المهنية من المواطن بجميع الوسائل والطرق الشريفة، تطبيقا كذلك، للمبدإ الوطني: « الحق في قضاء القرب لفائدة المواطنين» بدلا من كل ما يعاكس هذه الحقوق، أو يتعسف عليها، أو يبخسها وينفر المستفيد منها، وينسب ذلك إلى العدول، دون حول ولا قوة منهم، إذ أن كثيرا من المواطنين يجهرون باتهام العدول بالدونية، والتقاعس، فيقول مثلا:( أنا بغي نديرغاكاغط عدلي حتى... ) والأمثلة في هذا المعنى كثيرة، كلها تدخل في نطاق الحلقة المفقودة لحرية مهنة العدالة بالمغرب.وما القانون المهني الحالي رقم 16.03 المحتفظ في مضمونه بقانون الحماية البائد، الصادر بتاريخ 7-7-1914 إلا نموذج حي في المعاكسة والتعسف الخارجين عن وسع وإرادة العدول تماما.وقد طالعتنا جريدة الصباح، بنموذج صغير، من عمق نشاط العدول، يظهر أنه ليس وحيدا في ذاته، أو في نوعه، أو في كمه، أو كيفه، وذلك في عددها 4476 بتاريخ 6+7-9-14، بخبر مفاده: (أن قضاة التوثيق بآسفي يعطلون أفراح المواطنين) ظنا منها (الجريدة) أن كل شيئ في هذا الميدان يقال: ولو من غير أهل الدار، فكيف في نظرها إذا كان أكثر، وكان بالحجة والدليل من أهل الدار ! .كما أنه من خلال البحث والتقصي بمجلس النواب، وجدنا أن المجلس العلمي الأعلى بالرباط، له تحفظ يمس أحد مطالبنا في التغيير الجذري لمهنة العدالة بالمغرب، والمتعلق منه: بتوحيد التوثيق بالمغرب، حيث تحفظ (المجلس): في ولوج المرأة المثقفة، مهنة التوثيق العدلي: على إشهادها على الزواج والطلاق وما إليهما، مع أن هذا التحفظ متجاوز من خلال القرآن الكريم في قوله تعالى: ( وليكتب بينكم كاتب بالعدل) الآية 282 سورة البقرة، وتم تجاوزه تماما، من خلال كل القوانين الجاري بها العمل، والتي هي بمثابة حكم الحاكم المزيل للخلاف، إذ أن قانون مدونة الأسرة رقم 70.03 وقانون مهنة العدالة بالمغرب رقم 16.03، وقانون التوثيق الأجنبي الأصل رقم 32.09 ، بالإضافة إلى ما جاء به الميثاق الوطني، في إصلاح منظومة العدالة بالمغرب أخيرا: أكبر دليل على رد وتجاوز هذا التحفظ. وفي هذا الإطار، وجدنا أنفسنا مضطرين إلى رفع طلب إلى المجلس العلمي الأعلى بتاريخ 1-10-2014، من أجل إعادة النظر ورفع التحفظ، وكان على وزارتنا في العدل والحريات، أن تقوم بهذا، بدلا عنا، لأنها الوصية القانونية على المهنة وعلى أصحابها.حقا إننا نعيش، مع وزارتنا في العدل والحريات، المعاناة المتعددة الجوانب، فمن معاناة الإهمال والتهميش والسكوت، إلى معاناة التمايز في المساواة وتكافؤ الفرص، إلى معاناة إطلاق الحبل على الغارب، في صفوف العدول، وترك الباب مفتوحا لظهور زعامات تبخيسية وتنفيرية، وباعثة على الدونية، هدفها: وضع اليد على أرزاق العدول، وتقسيمها في الظلام، ولو بتحريف متعمد في ادعاء الحصرية التمثيلية لفائدتهم في المادة الثالثة، من القانون المنظم لخطة العدالة بالمغرب دون أن تكترث الوزارة ولا أن تلتفت لهذا التحريف، والجريدة الرسمية رقم 5400 بتاريخ 2-3-2006، الحكم الفصل ! ? ولا يهمها (الزعامات) سوى ما ذكر، إلى معاناة عديدة وعديدة، لا حصر لها بتاتا، آملين أن تهب على المهنة وأصحابها، ريح من العناية المولوية، والألطاف الإلهية، والالتفاتات الحكومية، في القريب القريب. بقلـم : صابر محمد عـدل بالمحمديةـ رئيس جمعية عـدول استئنافيــة الـدارالبيضاء ـ رئيس لجنة البحوث العلمية والكفاءات المهنيةبالنقابة الوطنية لعدول المغرب «سنام»

دراسة في القانون : التوثيق العدلي ولعبة التجنيد لاختفاء مهنة العدالة بالمغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مهرجان زاكورة يحتفي بسينما الشباب

30 سنة لمتهم بقتل صديقه بالسوالم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات