العالـم يسجـل حالـة انتحـار كـل 40 ثانيـة

أحيت منظمة الصحة العالمية في عاشر شتنبر الماضي، اليوم العالمى لمحاربة الانتحار تحت شعار (منع الانتحار.. عالم واحد متصل)، وذلك بهدف زيادة الوعي حول خطورة الانتحار ومحاولاته على الصحة العامة، وإعطاء قضية الوقاية منه أولوية أكبر على جدول أعمال الصحة العامة على الصعيد العالمي على اعتبار أن الانتحار أضحى مشكلة خطيرة على الصحة العامة في جميع أنحاء العالم، الذي يعرف حالة انتحار كل 40 ثانية.وتقول أرقام المنظمة العالمية إن الانتحار يزهق من الأرواح أكثر من ضحايا جرائم القتل والحروب معا، إذ انتقدت المنظمة فى التقرير الذي غطى 172 دولة واستغرق إنجازه عقدا كاملا التغطيات الإعلامية المكثفة لحوادث انتحار المشاهير، موضحة أن ذلك يقدم الانتحار حلا للهروب من المشاكل التى يعانيها الشخص مما يشجع الفئات الهشة على الإقدام عليه.واعتبر شيخار ساكسينا مدير الصحة النفسية بالمنظمة "إن الانتحار صار مشكلة صحية حقيقية، حيث إن عدد ضحاياه كل سنة يفوق عدد ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية، لافتا إلى أن نحو 1.5 مليون يلقون حتفهم كل عام فى أحداث عنيفة، أي نحو 800 ألف منهم نتيجة قتل النفس عمدا".وحسب التقرير، فإن أعلى نسب الانتحار سجلت بوسط وشرق أوربا وآسيا، وأن نسبة الذكور الذين يقدمون على الانتحار هي ضعف نظيرتها لدى النساء، موضحا أن بعض الدول شهدت تسجيل معدل انتحار كبير لدى من يبلغون عقدهم السابع من العمر، بينما دول أخرى يعتبر فيها الانتحار السبب الثاني للوفاة لدى الفئة التى يتراوح عمرها بين 15 و29 عاما.كما وجهت ألكسندرا فليشمان، التى ساهمت فى تحرير التقرير، انتقادا لاذعا للطريقة التي يغطي بها الإعلام حوادث انتحار بعض المشاهير، والذين كان آخرهم الممثل الأمريكى الشهير روبين ويليامز. وذكرت رئيسة الجمعية الدولية للوقاية من الانتحار إيلا أرنسمان أن خمسة أشخاص نجوا من حوادث انتحار فى السابق أكدوا أنهم عاودوا التفكير فى الأمر بعد مشاهدتهم للتغطية الخاصة بحادثة انتحار الممثل ويليامز.وشددت أرنسمان على أهمية عدم تزيين وجه قتل النفس عمدا، لأن ذلك يؤثر سلبا على الفئات الهشة، محذرة من أن أقرباء المنتحر يعتبرون الأكثر معاناة من الحادثة. وأشارت منظمة الصحة العالمية، أن أعلى نسبة للفئات الأكثر عرضة للانتحار سجلت بدولة غويانا (44.2 من أصل 100 ألف)، تلتها على التوالي كل من كوريا الشمالية 38.5، وكوريا الجنوبية 28.9 من أصل 100 ألف، واحتلت سيريلانكا المركز الثالث بنسبة 28.8، ثم بليتوانيا 28.2، وسورينام 27.8، وبلغت النسبة في دولة جنوب السودان 19.8، فيما تقاسمت كل من روسيا وأوغندا النسبة نفسها 19.5، واليابان 18.5. حقائق جديدة تصحح خرافات الانتحار كسرت المنظمة العالمية للصحة في تقريرها الأخير «الوقاية من الانتحار ضرورة عالمية» كثيرا من الأحكام التي كانت تتسبب في انتشار الآفة بين مختلف مجتمعات العالم، إذ خلصت المنظمة على أن مقولة إن الناس الذين يتحدثون عن الانتحار لا يقصدون القيام بذلك ليست صحيحة، على اعتبار أن المتكلمين في الموضوع يسعون للحصول على المساعدة أو الدعم، وأن عددا كبيرا من الناس الذين يفكرون في الانتحار يعانون القلق والاكتئاب واليأس وربما يشعرون أن لا خيار أمامهم سوى الانتحار. كما فندت منظمة الصحة العالمية القاعدة التي تقول إن معظم حالات الانتحار تحدث فجأة دوق سابق إنذار، موضحة أن أكثرية الحالات تسبقها علامات تحذيرية يجب الانتباه إليها ومعرفتها، ذلك أن الأبحاث التي أجريت بخصوص «التكلم في موضوع الانتحار» مقارنة مع العلاج الطبي ضد الاكتئاب، تدل على أنه في حالات الاكتئاب الخفيف، يمكن الحديث في الانتحال مع المعالج من تخفيف بعض العوارض، لكن في الاكتئاب الحاد لا يساعد الحديث عن الموضوع في الشفاء من المرض، لأن الأمر سيصبح شبيها بمحاولة إقناع شخص ما بعدم الوقوع في نوبة قلبية. وكذلك الشأن بالنسبة إلى الرأي القائل إن أصحاب الميولات الانتحارية عازمون على الموت، إذ سجل التقرير أنه على العكس من ذلك، غالبا ما يكون هؤلاء مترددين بين الحياة والموت، في حين قد يتصرف شخص لم تكن له تلك الميولات باندفاع عن طريق شرب مبيد حشرات، على سبيل المثال، ويموت بعد أيام رغم تعلقه الشديد بالحياة، لذلك فالحصول على الدعم النفسي في الوقت المناسب، يكون سببا في الوقاية من الانتحار.كما دعا التقرير إلى إعادة النظر في الحكم على الشخص الذي يفكر مرة واحدة في الانتحار سيصبح مدمنا على ذلك، على اعتبار أن تصاعد خطر الانتحار غالبا ما يكون قصير الأجل ويرتبط بوضع محدد، ورغم أن الأفكار الانتحارية قد تعود مرة أخرى إلا أنها لا تحدث دوما، وبإمكان الفرد الذي كان يعاني تلك الأفكار المضي قدما ليعيش حياة طويلة. كما توصل التقرير إلى أن الإقدام على الانتحار لا يقتصر على أصحاب الاضطرابات النفسية، ذلك أن السلوك الانتحاري يشير إلى التعاسة العميقة وليس بالضرورة إلى الاضطراب النفسي، ولا يتأثر كثير من الناس المتعايشين معها بالسلوك الانتحاري، وليس كل الذين ينتحرون لديهم اضطرابات نفسية.وعكس الاعتقاد السائد، فإن الحديث عن الانتحال فكرة سيئة يمكن تفسيرها على أنها تشجيع على الانتحار، فإن تقرير المنظمة العالمية للصحة رصد حقيقة مفادها أن إدخال الظاهرة ضمن خانة الطابوهات وتحقير المقدمين عليها، فإن معظم الذين يفكرون في ذلك لا يدركون مع من يتحدون، لذلك فإن الحديث بانفتاح عن السلوك الانتحاري يمكن أن يمنح المقبلين عليه خيارات أخرى لإعادة التفكير في القرار المتخذ، وبالتالي المساهمة في التقليل من عدد الضحايا.

العالـم يسجـل حالـة انتحـار كـل 40 ثانيـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

انتحار الكبار ... نهاية زمن أسرة الجد والجدة

المغادرة الطوعية للحياة تتسع بين المغاربة

مقالات ذات صلة