تقوية تنافسية الاقتصاد

الاقتصادي الصديقي قال إن قطر بدأت من الصفر والزلزال المفاجئ كشف قدرة الدولة على توفير المال أبدى عبد السلام الصديقي، الوزير الأسبق للتشغيل وعضو المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية والخبير الاقتصادي، ثقته بنجاح المغرب الى جانب إسبانيا والبرتغال في تنظيم مونديال 2030، بشكل متميز. وقال إن فاجعة الحوز أظهرت قدرة الدولة على تعبئة الأموال في ظرف قياسي رغم أن الحدث كان مفاجئا، فما بالك حدث دولي تقرر تنظيمه وتحمل المسؤولية فيه. وشدد الوزير السابق على أن المغرب كان دائما مستعدا لتنظيم تظاهرات من هذا الحجم، وأعد العدة لذلك، سواء من حيث البنية التحتية والملاعب، على نقيض قطر التي أنفقت ملايير الدولارات لأنها بدأت المغامرة من الصفر، مضيفا أن عوامل النجاح متوفرة منها أن الادارة المغربية تتحول إلى جهاز فعال وحاسم في الظروف المحرجة، والتسهيلات التي قدمت للقطاع الخاص. أجرى الحوار: مصطفى لطفي كيف تلقيت خبر تنظيم المغرب للمونديال؟ > تلقيت خبر تنظيم المغرب للمونديال كسائر المغاربة والمغربيات بسعادة بالغة وبفرح عظيم، خصوصا وأن الخبر ورد علينا مباشرة عبر بلاغ صادر عن جلالة الملك لشعبه، وهو ما له دلالة كبرى ورمزية عالية. تنظيم المونديال ليس حدثا عاديا، بل هو موعد سيؤرخ لتاريخ المغرب، وسيبقى مرجعا إلى الأبد. ولم يكن من الممكن الحصول على هذه الثقة الدولية لتنظيم المونديال مع أصدقائنا الإسبانيين والبرتغاليين، لولا تضافر عدة عوامل أذكر منها، الثقة التي يحظى بها المغرب على الصعيد الدولي، والمكانة الاعتبارية لصاحب الجلالة في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، والتقدم الحاصل في البنية التحتية على مستوى المطارات ووسائل النقل البرية والجوية والبحرية والموانئ والمركبات الرياضية، إضافة إلى الإنجازات العظمى التي حققتها كرة القدم المغربية، إن على المستوى الدولي كملحمة قطر، أوعلى المستوى القاري كالفوز بكأس الكاف وعصبة الأبطال، دون نسيان المشاركة المتميزة لفريقنا النسائي الذي نال إعجاب الجميع. تنظيم حدث بهذا الحجم يحتاج إلى موارد مالية كبيرة جدا، كيف سيدبر المغرب هذا الأمر؟ > أكيد أن المال هو «عصب الحرب»، كما يقال، واعتقد شخصيا ودون إفراط في التفاؤل والحماس، أن التمويل لن يشكل أي عقبة، فبحسب بعض التقديرات التي تحتاج إلى تدقيق، سيكلف المونديال مبلغا يقدر ب10 ملايير دولار، وسيكون نصيب المغرب ثلاثة مليارات دولار، أي 30 مليار درهم، وأمامنا ست سنوات لنكون في الموعد. ويسقط بعض المحللين التكاليف الباهظة التي تحملتها قطر على الثالوث المنظم لمونديال 2030، وهذه مقاربة غير سليمة تماما، لأن قطر انطلقت من الصفر، خصوصا على مستوى تشييد المركبات الرياضية ونجحت في ذلك. ولابد من توضيح مسألة منهجية في غاية الأهمية، حينما يقدم بلد ما ترشيحه ليتحمل مسؤولية لها تأثير مالي، فهو يدرك ما ينتظره، والأمر مختلف مثلا عن الزلزال، الذي حدث بصفة مفاجئة، وانظر كيف تعامل المغرب مع هذه المأساة، وتمكن من تعبئة الأموال الضرورية في زمن قياسي. لكن رغم ذلك، هناك بعض التخوف؟ > بالنسبة لتنظيم المونديال، المغرب كان مستعدا، والاستثمارات التي سنقوم بها ستعود بالخير على البلاد والعباد، وستقوي جاذبية الاقتصاد المغربي وتنافسيته، وتعزز علاقة المغرب وصورته على الصعيد الدولي. تنظيم المونديال لا ينبغي أن يقاس بالتكاليف المالية، بل يجب أن نضع في الميزان كل النتائج والعائدات التي تنتج عنه حالا أو مستقبلا، زد على ذلك، بعض الاستثمارات من قبيل المنشآت الفندقية، سيشيدها القطاع الخاص المغربي والدولي، وتعتبر هذه الاستثمارات مربحة للغاية، ومن دون شك أن السياحة المغربية ستعرف قفزة نوعية خلال المونديال وبعده. يلاحظ أن الإدارة ما زالت عاجزة عن مسايرة التطور ، هل ستكون أكبر عائق لتنظيم المونديال؟ > أظن أن السؤال ينطوي على نوع من المبالغة، وإدارتنا ليست بهذه الصورة السلبية، إنها تشكو من عيوب دون شك، لكن مهما يكن من أمر، هذه الإدارة تتغير في الظروف الحرجة والحاسمة، لتتحول إلى جهاز فعال. وهناك بالطبع إصلاحات كبرى ينبغي إدخالها على الإدارة، وعلى العديد من القطاعات، كإصلاح مدونة الأسرة، الذي انطلق، وتوسيع الحريات العامة والفردية، وتحرير الطاقات الشابة واعطاء المزيد من المبادرة للمنتخبين المحليين. كما نأمل أن تتم الانتخابات المقبلة المحلية والوطنية في مناخ سليم وديمقراطي، تبعد بعض المفسدين، الذين يشوهون سمعة البلاد. هؤلاء لا مكان لهم في المؤسسات التشريعية والمجالس المنتخبة، «عار أن يتحول اللصوص إلى مشرعين»، ومن حسن الحظ أن عددهم قليل. هناك اتجاه يطالب بإسناد مهمة الادارة لمهندسين ورجال اعمال ناجحين، بدل رجال سلطة، ما رأيك؟ > لا أوافق رأي هذا الاتجاه إن وجد بالفعل. أن يكون إشراك الكفاءات هذا أمر مستحسن، بل مرغوب فيه، لكن أن تسند الأمور إلى رجال أعمال ناجحين واستبعاد رجال السلطة، هذا لا يستقيم لا منطقيا ولا معنويا. اعتقد أن المسؤوليات محددة بالقانون، وعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية بالشكل المطلوب، مع إعمال مبدأ المحاسبة في نهاية المطاف. نحن أمام مشروع ملكي ووطني وشعبي ضخم، علينا جميعا مغاربة أن نعمل كل في موقعه لإنجاحه. تنظيم مونديال يحتاج الى استثمارات كبيرة للقطاع الخاص، لكنه يصادف عراقيل لتحقيقها على ارض واقع، ما الحل لتجاوز هذا الإشكال؟ > لقد أشرت إلى هذا الموضوع سابقا، سيقوم بدوره القطاع الخاص، وسيجد أمامه كل التسهيلات لاشك في ذلك. لدينا ميثاق جديد للاستثمار ينص على العديد من الامتيازات والإعفاءات، وأظن أنها كافية في المرحلة الراهنة. بالطبع القطاع الخاص يهمه الربح أولا وأخيرا، وهذا سر وجوده. مجتمع متنوع بالنسبة إلى العنصر البشري، هل طبيعة المجتمع ستساهم في إنجاح هذا التنظيم، أم نحن في حاجة الى جيل جديد يتمتع برؤية وتكوين خاصين؟ > يتميز المجتمع المغربي عن باقي المجتمعات بالتنوع والاختلاف. كما أنه يتطور ويزداد تطورا من حقبة تاريخية لأخرى، وتحت تأثير عوامل اقتصادية وتكنولوجية، وبعض العادات الجديدة وغيرها. المجتمع المغربي مسامح ومضياف ومنفتح على الآخر، ولم يكن المغاربة عبر التاريخ منغلقين على أنفسهم، لأن الموقع الجغرافي يفرض ذلك، كقنطرة بين الجنوب والشمال والشرق والغرب. هذا الانفتاح سيزداد قوة مع تنظيم المونديال في قارتين، أوربا وإفريقيا، وفي ثلاث مجالات ثقافية وحضارية، (العالم العربي والإفريقي والأوروبي)، كما أن البلدان الثلاث المنظمة تنتمي جميعها إلى الفضاء الأورو-متوسطي، مع كل ما يكتنزه هذا الفضاء من تاريخ وثقافة مشتركين، وهذا سر كرة القدم، فهي وسيلة لتقريب الشعوب، قبل أن تكون مجرد منافسة رياضية. في سطور - من مواليد 1951 بتازة. - حاصل على الإجازة في العلوم الاقتصادية بكلية الرباط في 1975. - حاصل على دكتوراه السلك الثالث من جامعة غرونوبل بفرنسا 1979. - حاصل على دكتوراه الدولة في الاقتصاد في 1988. -عضو المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية. - وزير سابق للتشغيل والشؤون الاجتماعية.

تقوية تنافسية الاقتصاد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رحيمي يواصل التألق بالإمارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات