“كراج علال”… قبلة “الفراشات”

ظروف صعبة دفعتهن للخروج إلى العمل ما أن تلج «كراج علال» بالبيضاء حتى تتعثر في «فراشات» نساء، أجبرتهن ظروف الحياة الصعبة على الخروج إلى سوق الشغل. صحيح أن ظروفهن اختلفت، لكن طريقهن واحدة نحو البحث عن معاشهن اليومي، لإعالة أسرهن. منذ زمان و»كراج علال» قبلة لصاحبات «الفراشات» اللاتي يبعن ملابس النساء والأطفال، فضلا عن أغراض أخرى متعلقة بــ «الحمام»، لذلك ومن البديهي أن تسمع أصواتا نسائية عالية تصدح هنا وهناك، منبهة الناس إلى معاينة سلعتها علهم يشترون منها شيئا. طريقهن واحدة يتقاطرن، يوميا إلا يوم الجمعة، على جل أزقة «كراج علال»، صباحا وإلى أن يسدل الليل ستاره، متأبطات سلعهن أو يدفعن عربات بها بضاعتهن، حتى يصلن إلى المكان المخصص لكل واحدة منهن، ويشرعن في ترتيبها جيدا، لتثير الأنظار. والقاسم المشترك بين هؤلاء النشيطات في هذا العمل، هو الظروف الاجتماعية والاقتصادية، التي فرضت عليهن التوسل بالشارع حلا أول أو أخيرا لكثير منهن خانتهن الصحة والعمر، إذ أن أغلبهن طاعنات في السن، وبالتالي يجدن أنفسهن خلف «فراشاتهن» في أحسن الأحوال، بحثا عن لقمة عيشهن، لأن لكل واحدة منهن مسؤولية، على غرار التكفل بعلاجها أو علاج زوجها، أو الاعتناء بأطفال يتامى، أو أداء واجبات الكراء، وغيرها من المسؤوليات التي يجدن أنفسهن أمامها. "كل يوم ورزقوُ" في سياق متصل، أكدت مي عايشة، كما يناديها الجميع هنا، صاحبة «فراشة» بـ»كراج علال»، أنها تشتغل منذ أربعين سنة وفي المكان نفسه، إذ عملت مباشرة بعد وفاة زوجها خادمة في المنازل، لكن بفعل الوضعية الصعبة ومعاناتها جراء بعض الأفعال اللاإنسانية من قبل بعض صاحبات البيوت آنذاك، ولت وجهها نحو «كراج علال»، خاصة أنها أصبحت تعاني مجموعة من المشاكل الصحية، من قبيل مرض السكري والكلي والروماتيزم، إضافة إلى شلل جزئي في يدها. وقد أشارت إلى أنها بفضل هذا العمل استطاعت أن تعيل أبناءها اليتامى، وما زالت تفعل لحدود الساعة، لأن أبناءها التسعة يشتكون البطالة، وقالت إن مدخولها اليومي غير محدد، لأن «كل يوم ورزقهُ»، وأنها تشتغل يوميا إلا يوم الجمعة أو إذا كانت مريضة، من الرابعة عصرا وإلى الثامنة مساء، أما يومي السبت والأحد فتشتغل من الصباح حتى المساء، كما استطاعت طيلة فترة عملها أن تكسب زبناء أوفياء، والدليل أنها مشهورة هناك والكل يناديها بـ»مي عايشة». وأضافت المتحدثة ذاتها أن صاحبات «الفراشات» يعانين مضايقات بعض أصحاب المحلات، الذين يسبونهن، ويطالبونهن بمغادرة الشارع، فضلا عن مصادرة سلعهن من قبل القوات المساعدة أثناء الحملات، التي تقوم بها من حين لآخر. منسيات عالم السياسة أكدت خديجة الرباح، عضو مكتب الجمعية الديموقراطية لنساء المغرب، في حوار خصت به «الصباح» أن صاحبات «الفراشات» يعانين الفقر، وازدادت حدته خلال أزمة « كوفيد» وما بعدها، خاصة مع ارتفاع الأسعار. وقالت الرباح إن جلهن يحصلن على مدخول لا بأس به في الأعياد الدينية والمناسبات، إضافة إلى يومي السبت والأحد، ولكن في باقي أيام الأسبوع قد لا تجد الواحدة منهن ثمن سيارة الأجرة، لأن أغلبهن لا يستفدن من مبادرات التمكين الاقتصادي. وتابعت الرباح أن معظم صاحبات « الفراشات» بدأن مشاريعهن بـ» دارت»، حسب ما توصلت إليه الجمعية بعد لقاءات عدة مع النشيطات في هذا المجال، كما يتعرضن لمضايقات من الأمن والشرطة الإدارية، التي تصادر سلعهن، لأنهن يضعنها في الشارع العام، إضافة إلى أن « عالم الفراشة خطير جدا، لا مكان للمرأة فيه»، خاصة أن لكل بائع مكانه الخاص بالبيع، لذلك فالرجال يستأثرون بأحسن الأماكن وأغلبها بنسبة 90٪ وتبقى 10٪ للنساء. وأضافت المتحدثة نفسها أن « السعدية» واحدة من « الفراشات» أخبرتها بأن عالم « الفراشة» عالم للرجال وليس سهلا، نظرا لمعرفتهم المناطق التي تستقطب أكبر عدد من المتسوقين، لذلك فمن الصعب على المرأة ولوجه، إذ قالت» الداخل ليه مفقود والخارج منو مولود». واستنكرت الرباح عدم التفكير في إدماج «الفراشات» في برامج التمكين الاقتصادي، إذ لا يعرفن أيا منها، معتبرة أنهن منسيات عالمي الاقتصاد والسياسة، ومجرد خزان انتخابيي. إيمان أوكريش (صحافية متدربة)

“كراج علال”… قبلة “الفراشات”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حصيلة إيجابية لبرنامج تخييم 2023

775 مليون درهم لتأهيل البنية التحتية بالشمال

مقالات ذات صلة