جماعة انحراف

3 أسئلة إلى عمر الإيبوركي هل تحول موضوع " أولاد الفشوش" إلى ظاهرة؟ > إن مقاربة هذا الموضوع تدفعنا إلى الحديث عن فئات عمرية محددة، هي فئة الشباب فاعلا اجتماعيا مؤثرا في تحولات المجتمع. وهذه الفئة العمرية تدل على خصائص جسدية وأخلاقية ونفسية ووجدانية. وإذا كانت المراهقة تدل على التحولات الجسدية والسيكولوجية التي تحدث بين مرحلتي الطفولة والكهولة، خاصة مع بداية الوظائف الجنسية، فالشباب هو الجانب الاجتماعي للمراهقة، وترتبط هذه الفئة بقيم الفحولة، والعنف والقوة، لذلك نجد البعض يكون مندفعا عنيفا قد تؤدي به طبيعة التنشئة إلى الانحراف، خاصة الأبناء المدللين، أو ما يسمى "أولاد الفشوش" وهي فئة لقلتها لا ترقى إلى ظاهرة بل جماعة انحراف، تجد حاضنتها في بعض الأسر الغنية وذات النفوذ المالي والإداري. إن المدلل إنسان غير مسؤول، لا يستطيع أن يدبر مصالحه تدبيرا جيدا، لأنه يعتمد على الآخرين، خاصة الآباء الذين يتحملون كل متطلباته، فيعيش حالة من الشرود العقلي ويتصرف وفق الغريزة، أولا، والبيئة الأسرية الاجتماعية، ثانيا. ويمكن تفسير هذا السلوك من خلال الاتجاهات السلوكية التي تكون متعددة ومختلفة حسب المثيرات التي يتلقاها الفاعل، ولها طبيعة انفعالية ومعرفية وسلوكية، وتكون مكتسبة وليست وراثية. ومن وجهة علم النفس الاجتماعي، فإنه حالة من الاستعداد أو التأهب الجسدي والنفسي لمواجهة المواقف التي تتطلب استجابة ما. هنا يتجلى دور الأسرة في بناء شخصية الطفل المدلل الذي يتميز بالنرجسية، والسلوك العدواني، لأن هذه الأسر تفشل في وظيفتها التنشيئية في إعداد الطفل ليكون منسجما مع وسطه الاجتماعي. فالأسرة أحيانا تكون مصدرا ومنبعا للعنف، حين يتعامل الآباء بعنف مفرط إزاء الأطفال، أو على العكس من ذلك يتم التفريط في التربية المتوازنة بتلبية كل الطلبات، وفي هذا الإطار يمكن تصنيف الأطفال المدللين "أولاد الفشوش"، خاصة في الأسر الثرية التي توفر للطفل كل طلباته وتشبع كل حاجياته الأولية والثانوية فيتشكل لديه تضخم في الذات، والإحساس بالتفوق على الجميع. ما هي أسباب تحول سلوكات "أولاد الفشوش" من "كيليميني" إلى مجرم ؟ > لمعرفة كيف ينتقل "ولد الفشوش" من "كيليميني" إلى الجريمة، فإن ذلك يبدأ في التظاهر بالقوة والنفوذ والمال، فهو لم يؤهل للدراسة والعمل والاعتماد على نفسه في بناء حياته، مادامت الأسرة هي التي توفر له المال، فتكون البداية من "كيليميني " وهو سلوك من التنافس بين منافسين افتراضيين، ومتابعين مشجعين في معركة وهمية، وذلك ما بدأنا نلاحظه عبر وسائل التواصل الاجتماعي حين يعرض "الكيليميني" وسائل عيش الرفاهية من ملابس وسيارات وآليات ليثبت بها تفوقه على منافسيه. وهذا السلوك أعتقد أنه يرتبط بالمجتمع الاستهلاكي وبالنيوليبرالية التي حولت الإنسان إلى آلة استهلاكية بنوع من الشره، وإذا كان الشاب المدلل يستطيع تلبية كل الحاجيات المادية مثل الملابس والسيارات مثلا، فإنه يفرط في استهلاكها، بل يتباهى بها ويحاول التظاهر وإثارة انتباه الآخرين من خلال تصرفات قد نشاهدها في الشارع العام. سلوكات تكون خارجة عن القوانين السارية في المجتمع، يتم تجاوزها إلى سلوكات إجرامية أكبر، خاصة لأنه يعتقد أنه مواطن فوق القانون، وأن نفوذ الأسرة وغناها يعطيانه الاطمئنان بأنه محمي، وهو يشعر بنوع من الاستعلاء على باقي أفراد المجتمع. تضاف إلى ذلك مجموعة الرفقة السيئة التي تشجعه على مثل هذه السلوكات، وتعتبره زعيم المجموعة معتزا بتصرفاته التي يبني عليها قيمته الرمزية. وهذا يجعلنا نستنتج علميا بأن البيئة الخصبة التي تعزز معاملة الأسرة منذ الطفولة، هي التي تؤدي به إلى الوصول إلى درجة مجرم من النوع الجريء الخارج عن نطاق المجتمع وقيمه. كيف يمكن التصدي لها، وهل تساهل المجتمع له دور في تفشيها؟ > إن الأسرة التي تسعى إلى إشباع رغبات طفلها المدلل، ترتكب في حقه أخطاء كبيرة، لأن حالته نتيجة لأسرة غير سليمة يسودها عدم التوازن النفسي والقيمي. وفي حالات نجد أن الزوجة وهي الأقرب إلى أطفالها، وبحكم تنشئتها لا تقوم بدور الأم، بل تكون أكثر عاطفية ونرجسية تجاه أبنائها، أو نجد نوعا من الصراع الداخلي بين الأم والأب بشأن الأطفال، وقد تفرض إرادتها، وهي تعتقد بأنها تحسن إليهم بينما تكون النتائج عكسية. هذا السلوك العدواني يمكن السيطرة عليه بتنشئة اجتماعية سليمة تجعل من الفرد مواطنا صالحا مندمجا وفعالا، ينظر بإيجابية إلى الآخرين. يتعايش ويندمج في مجتمع تسوده القيم الأخلاقية والواجبات المسؤولة والحقوق الجماعية. وإذا ذكرنا أن الأسرة هي المسؤولة عن هذا التوجه المرضي لدى أطفالها، فإن ذلك يعني أن مثل هذا السلوك العدواني ليس حتمية غريزية، باعتبار الإنسان يتميز عن سائر الكائنات بالعقل الذي يدبر به أموره. أجرت الحوار: إيمان رضيف * أستاذ علم الاجتماع (خاص)

جماعة انحراف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"أميرة" على "نتفليكس"

‭"‬موروكو‭ ‬مول‭"... ‬من‭ "‬الشوبينغ‭" ‬إلى‭ "‬الشوفينغ‭"‬

مقالات ذات صلة