استيلاء “الزرنكي” على “تافزة”

تادلة في تاريخ ليون الإفريقي 2 أهلها انقسموا بين موال للملك وخائن له وانتهى بهم الأمر إلى الخضوع للعاصمة فاس شكلت منطقة تادلة أحد أهم أقاليم المملكة المغربية عبر التاريخ، إلا أنها لم تحظ باهتمام كبير من قبل المؤرخين، كما هو الأمر بالنسبة إلى فاس أو مراكش، ويعتبر كتاب وصف إفريقيا، للحسن بن محمد الوزّان الزناتي الفاسي، والمشهور بليون الأفريقي، أحد أهم المصادر التي تناولت مجال تادلة، بوصف مدنها وقبائلها وصناعات أهلها، وحكايات رجالها وفرسانها، والحياة الاجتماعية والسياسية لسكانها، وعلاقة كل قطر منها بالسلطة السياسية للوطاسيين ملوك فاس، في القرن السادس عشر. في هذه السلسلة، نروي على لسان "ليون الإفريقي"، قصصا من الجزء المخصص لتادلة. وهو الديبلوماسي والمؤرخ الذي عمل في إدارة الوطاسيين، وصال وجال في رحاب وأقطار المغرب، تاركا لنا وثيقة تاريخية وزنها ذهب. عصام الناصيري أعلم القائد من كانوا معه في الخارج بفحوى المفاوضات، فأجابوه، نحن نعرف يا سيدي قيمة الفرصة التي أتيحت لنا، أدخلنا إلى المدينة، ونحن نتعهد لك بدفع 100 ألف مثقال على الفور، وحتى أكثر من ذلك، وسوف لن نرتكب أي تعسف ولا ننهب أي منزل، وإنما سنلزم خصومنا على أداء مداخيل ممتلكاتنا التي استغلوها لمدة ثلاث سنوات، والتي نريد أن ندفعها لك تعويضا على كل النفقات التي صرفتها لصالحنا، وتبلغ هذه المداخيل 30 ألف أوقية على الأقل، ثم إننا سنمكنك من محصول المدينة، الذي يبلغ حوالي 20 ألف مثقال، وبعد ذلك نستخلص من اليهود جزية سنة أو سنتين، في حدود 10 آلاف مثقال. ما كاد القائد يسمع هذه المقترحات، حتى أرسل إلى أهل المدينة يقول لهم، لقد وعد الملك النبلاء المنفيين، بأن يساعدهم بكل ما يمكن، لذلك فهو يفضل أن يكون حكم المدينة بأيديهم، لا بأيديكم على أي حال، غير أنني أعلمكم أنني إذا أردتم تسليم مدينتكم إلى الملك، فلن يلحقكم أي أذى، وإذا تشبثتم بعنادكم، فإن لدي بعون الله ورعاية الملك من الوسائل ما يكفي لإرغامكم على أداء كل ما يجب أداؤه. لما أعلن هذا الخبر، حدث شقاق في صفوف السكان، منهم من أراد الخضوع للملك، ومنهم من أراد الحرب، حتى أنهم أشهروا السلاح ليقاتل بعضهم بعضا. جاء الجواسيس إلى القائد يخبرونه بما حدث، فعبأ على الفور نصف جيشه، وأمر رماة البنادق المختلفة، بمهاجمة المدينة، ودخلها بعد ثلاث ساعات، دون إراقة قطرة دم من رجاله، ذلك أن الجماعة التي اختارت الخضوع للملك. تجمعت وقصدت أحد أبواب المدينة، الذي كان مسدودا بجدار من الطين، وأخذت تحطمه من الداخل، في حين كان القائد يفعل مثل ذلك من الخارج، لأنه لم يكن أحد فوق الأسوار، ولأن الناس في المدينة كانوا يواصلون القتال إلى أن فتح الباب. ولما دخل القائد إلى المدينة، رفع راية الملك على السور، وفي وسط الساحة، وأرسل فرسانه يقومون بدورية حول المدينة، ليمنعوا من أراد الفرار منها، ونشر في الحين قرارا باسم ملك فاس، يمنع تحت طائلة الإعدام أي واحد مهما كان مدنيا أو عسكريا من ارتكاب أي عملية نهب أو قتل، فعاد الهدوء فورا إلى المدينة، وسقط جميع رؤساء الفريق المعادي في الأسر. أخبر القائد هؤلاء الرؤساء أنهم سيبقون في الأسر، إلى أن يتم تعويض الملك على كل ما أنفقه طيلة شهر على هذه الفرقة من الفرسان، وتبلغ النفقة 12 ألف مثقال. دفعت نساء الأسرى وأقاربهم هذا المبلغ، وكاد يطلق سراحهم، فإذا برجال الفريق الموالي للملك يأتون للمطالبة بتعويضهم عن مداخيل أملاكهم، مدة ثلاث سنوات.

استيلاء “الزرنكي” على “تافزة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استفسار خمسة وزراء باسم الملك

"روضة الشلح"... عنوان الصمود

مقالات ذات صلة