ملك المساواة والعدالة الاجتماعية

الباحث الحقوقي أكد أن محمد السادس أطلق إصلاحات مجتمعية عميقة أكد المصطفى المريزق، الناشط الحقوقي أن كل الإنجازات التي عرفها المغرب في عهد محمد السادس، تؤسس لإرادة ملكية مواطنة تشق طريق المساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. وأوضح المريزق في حوار مع "الصباح" أن الملك أولى اهتماما كبيرا بتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز أدوار المراكز الجهوية للاستثمار، نظرا لما يترتب عن ذلك من إنتاج للثروة وتحريك عجلة الاقتصاد وتوفير فرص الشغل. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: برحو بوزياني كيف تقيمون حوالي ربع قرن من حكم محمد السادس؟ > في الواقع، يمكن أن نقسم محطات حكم محمد السادس إلى ثلاث مراحل أساسية. المرحلة الأولى، نسميها مرحلة تثبيت الاستمرارية والاستقرار، وكانت انطلاقتها منذ خطابه الأول، حيث أعلن عن إرساء مفهوم جديد للسلطة والتواصل مع الشعب، ثم محطة الإنصاف والمصالحة. وتوجت هذه المرحلة، بدستور صادق عليه الشعب المغربي في 2011، أرسى قيم ومبادئ الحكامة ومأسسة الحوار الاجتماعي والشفافية والمحاسبة والمساءلة، في إطار مصالحة مجتمعية، وإصلاحات حقيقية في اتجاه بناء دولة القانون والمؤسسات والمساواة في الحقوق والواجبات. أما المرحلة الثانية، فهي مرحلة التنزيل الديمقراطي للدستور وإرساء دعائم الديمقراطية وحماية الحقوق في البلاد، وهي مرحلة تميزت، من جهة، بتكريس مبدأ الفصل بين السلطات، وتعزيز التعاون ما بينها، مع التأكيد على استقلال القضاء، ومن جهة أخرى، بإعطاء انطلاقة الأوراش الكبرى والمشاريع الإستراتيجية. أما المرحلة الثالثة، فنعتقد أنها مرحلة ركوب قطار التنمية في كل أبعادها، في إطار تعزيز الوحدة الوطنية، ثابتا من ثوابت الدولة المغربية، سيادة وترابا. خلال هذه الفترة عرف المغرب إطلاق أوراش مهيكلة، ونجح في رفع تحديات كبرى. ما هو تقييمكم للحصيلة من الناحية السياسية ؟ > أستطيع القول إن الشعب المغربي، في مثل هذه المحطات الوطنية، يستعيد ذاكرته الجماعية الحية، مستحضرا كل الإنجازات التي حولت معالم البلاد في ظرف وجيز، رغم التحولات العالمية الكبرى، ورغم الأزمة الصحية العالمية وآثارها، ورغم الأزمة الاقتصادية والمالية الناتجة عن عدم المساواة. فالمغرب، يحتفل اليوم بعيد العرش، بعد تأجيله لثلاث مرات، بسبب تفشي جائحة كورونا، وهي مناسبة نعتبرها محطة متميزة، يتم فيها تسليط الأضواء على 24 عاما من حكم الملك محمد السادس، والتذكير بالمشاريع الاقتصادية والاجتماعية الكبرى والأوراش، التي تم إطلاقها خلال أزيد من عقدين من الزمن. وفي هذا الصدد، لابد من الاعتراف أن كل الإنجازات، تؤسس لإرادة ملكية مواطنة تشق طريق المساواة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. إن هذه الإرادة جسدتها رؤية اقتصادية، تحققت مع معلمة "ميناء طنجة المتوسط 2 " كتتمة لدينامية تاريخية للمركب المينائي طنجة المتوسط، ولمشروع طنجة الكبرى من أجل تنمية مندمجة لمدينة البوغاز/ عروس الشمال، الذي يعتبر بشهادة العالم، إنجازا عظيما جعل المغرب يتربع على عرش موانئ البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا في موقع إستراتيجي يربط بين القارتين الإفريقية والأوربية. الأكيد أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية ظلت الرهان الأكبر للعهد الجديد. أين تتجلى هذه الرؤية الملكية ؟ > لقد نجح الملك محمد السادس، في أن يجعل المغرب جسر عبور بين القارات، ببناء أحد أكبر الموانئ 50 في العالم، والأول في الحوض المتوسطي، من حيث القدرة الاستيعابية، وأكبر ميناء للحاويات في القارة السمراء. وعلى خطى ميناء طنجة المتوسط، وبفضل الرؤية الإستراتيجية للملك انطلق مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط، ليشكل مجمعا مينائيا وصناعيا متكاملا، وقاطرة جديدة لتعزيز دور المغرب البحري في منطقة غرب البحر المتوسط، للاستفادة من النشاط البحري العالمي. وبالرؤية الإستراتيجية ذاتها، نستحضر مشروع ميناء "الداخلة الأطلسي"، الذي يندرج ضمن مشاريع النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهو من الأوراش التي يرتقب أن تسهم في دعم مسلسل تنمية هذه الأقاليم، خاصة جهة الداخلة - وادي الذهب، في جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والصناعية، واستقطاب الفرص المستقبلية التي يوفرها قطاع النقل البحري وكل الأنشطة المرتبطة به. يواصل المغرب إنجاز مشاريع واستثمارات شملت مختلف من المجالات والجهات. ما هي التحديات التي تهدف إلى رفعها ؟ > لا بد هنا من التوقف عند منصة فوسبوكراع، الموجودة بجماعة المرسى، والتي تبعد بحوالي 120 كيلومترا عن العيون، وهي تستحق الذكر باعتبارها منصة لمشروع مركب صناعي مندمج لإنتاج الأسمدة، والذي يندرج في إطار تفعيل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، وتوفير الثروة على المستوى المحلي عبر تثمين الموارد الفوسفاطية وتعزيز الامتياز التنافسي للمغرب. وهناك مشروع محطة "نور ميدلت"، ومشروع المحطة الريحية طرفاية، ومشروع مارشيكا، ومشروع القطار فائق السرعة، ناهيك عن المطارات والسدود والطرق السيارة، وهي كلها منجزات تساهم في إطلاق دينامية اقتصادية واجتماعية كبرى، وجلب المزيد من الاستثمارات. من بين الأوراش الكبرى التي أطلقها المغرب إنعاش الاستثمار. كيف تقيمون المجهودات المتواصلة لرفع إكراهات الإجهاد المائي؟ > يعتبر البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي ومخطط مكافحة الجفاف والمخطط الوطني للماء، برنامجا طموحا، يستجيب لانتظارات عموم المغاربة. كما يبقى مشروع تحويل فائض من مياه حوض سبو لحوض أبي رقراق، من أهم المشاريع الكبرى التي سهر جلالته على إطلاقها وحرس على نجاحها بشكل مباشر، بالإضافة إلى محطات تحلية المياه بأكادير والداخلة والناظور والبيضاء. وتوج هذا التوجه بدعوة الملك إلى تحسين مناخ الأعمال، وتسهيل الولوج للعقار، وتعزيز أدوار المراكز الجهوية للاستثمار، ورقمنة خدماتها، إضافة إلى تفعيل ميثاق اللاتمركز الإداري. كل هذا يجسد بشكل واضح وملموس الاهتمام الملكي بورش الاستثمار، نظرا لما يترتب عن ذلك من إنتاج للثروة وتحريك عجلة الاقتصاد، إضافة إلى توفير فرص الشغل. يعتبر تحديث مدونة الأسرة من القضايا التي أولاها الملك أهمية كبرى. ما موقع هذا الورش ضمن المشروع الحداثي الذي اختاره الملك للنهوض بالوضع الاجتماعي؟ > أمام تعدد المشاريع والإستراتيجيات الوطنية الكبرى الهادفة لتعزيز مقومات الدولة الحديثة على أكثر من صعيد، لا بد أن نستحضر ورش إصلاح مدونة الأسرة، الذي يعتبر ركيزة أساسية للعدل والمساواة في الحقوق والواجبات. وقد حرص جلالته على إيلائها أهمية كبرى، في خطاب العرش للسنة الماضية، حيث أكد أن مدونة الأسرة، واعتماد دستور 2011، يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينص على مبدأ المناصفة، كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية، وإنما بمنحها حقوقها القانونية والشرعية. من بين المشاريع الملكية الكبرى، هناك ورش الحماية الاجتماعية. كيف تقيمون تقدم هذا المشروع؟ > يعتبر ورش الحماية الاجتماعية "ثورة اجتماعية" حقيقية، وقد جاء تتويجا لأزيد من عقدين من الإصلاحات المتلاحقة، وهو ما مكن من توفير الحماية للفلاحين الصغار والعاملين في الصناعة التقليدية والتجارة والخدمات، والذي يتوقع تعميمه ليشمل عموم المغاربة، لحماية الفئات الهشة الفقيرة والمستبعدة اجتماعيا من التقلبات الاقتصادية والمخاطر الصحية، وتجاوز الاختلالات التي شهدتها منظومة الحماية الاجتماعية على مدار عقود من الزمن. اهتمام بمغاربة العالم < لقد حرص الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة على إنصاف مغاربة العالم، وتمتيعهم بالمواطنة الكاملة، وتأهيل الإطار المؤسس الخاص بهذه الفئة من المواطنين، وإعادة النظر في نموذج الحكامة الخاص بالمؤسسات الموجودة، قصد الرفع من نجاعتها وتكاملها. وأولى جلالته اهتماما بإشراك الجالية في مسار التنمية، مؤكدا أن المغرب يحتاج اليوم لكل أبنائه، ولكل الكفاءات والخبرات المقيمة بالخارج، سواء بالعمل والاستقرار بالمغرب، أو عبر مختلف أنواع الشراكة، والمساهمة انطلاقا من بلدان الإقامة. في سطور - أستاذ التعليم العالي بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس - فاعل مدني وحقوقي - عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان - عضو المكتب الوطني للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان

ملك المساواة والعدالة الاجتماعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الفلاحة في صلب الأولويات

"السورسي" لرئيس جماعة بصفرو

مقالات ذات صلة