إرهاب تحت قبعة «الجهاد» : الصعود والسقوط المدويان لحركة طالبان (أفغانستان)

في 22 شتنبر 2001 ، وبسبب تنامي الضغوط الدولية، اضطرت عدد من البلدان التي سبق أن اعترفت بحكومة طالبان ، في مقدتها المملكة العربية السعودية، إلى سحب اعترافها بهذه الحكومة التي نصبت نفسها حكومة شرعية بأفغانستان، بعد صراع مرير خاضته حركة طالبان ضد الحكم الشيوعي الروسي، وضد ما تبقى من "فلول" النظام الأفغاني السابق، الذي ورث الحكم عن الشيوعيين. وظلت باكستان هي الدولة الوحيدة التي تشبثت باعترافها بهذا الكيان الذي كرس فعليا، على أرض الواقع، إسلاما متشددا، فرض قيودا كثيرة على المجتمع الأفغاني الذي يضم عدة قوميات ومجموعات إتنية، فمنع خروج النساء واستفادتهن من التربية والتكوين والعمل، كما منع الأغاني والحفلات الغنائية والتظاهرات الفنية. وفي أكتوبر سنة 2001، قامت الولايات المتحدة بغزو أفغانستان للتخلص من الطالبان، تحت ذريعة رفض الحركة تسليم أسامة بن لادن، المبحوث عنه من طرف الولايات المتحدة، وبدا واضحا أن المنتظم الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، بالخصوص، لم يكن مستعدا لقبول حركة متشددة ترأس الحكم في أفغانستان.بسطت حركة الطالبان سيطرتها على مناطق واسعة في أفغانستان منذ شتنبر 1996، مٌستغلة الأوضاع المتردية التي عاشتها البلاد بعد تصدع الجمهورية الديمقراطية الأفغانية المدعومة من قبل الاتحاد السوفييتي آنذاك في عام 1992 . في ربيع سنة 1994، شاع خبر اختطاف واغتصاب فتاتين بمنطقة تسيطر عليها إحدى الفصائل الأفغانية المتناحرة في قرية "سانج هيسار" قرب مدينة قندهار. ووصل الخبر إلى الملا محمد عمر، الذي بادر إلى تشكيل قوة من 30 رجل لتخليص الفتاتين المختطفتين. نجح في المهمة وقام بدوره بتعليق قائد عملية الاختطاف والاغتصاب على المشنقة.فر الملا عمر، بعد هذه الحادثة، إلى بلوشستان الواقعة في باكستــــان ليظهر مجددا في أفغانستان، مدعوما بـ 1500 من المسلحين بهدف توفير الحماية للتجار الباكستانيين لعبور الأراضي الأفغانية مرورا إلى تركمانستان، إلا أن التقارير كانت تفيد أن هؤلاء التجار لم يكونوا في الحقيقة سوى مقاتلين باكستانيين ينتمون إلى حركة طالبان. بهذا، تكون طالبان تلقت دعما ماديا، عتاديا، والتدريب اللازم من الباكستانيين.بعد التمكن من السيطرة على قندهار وما حولها، هاجمت طالبان قوات إسماعيل خان المتمركزة في غرب البلاد وتمكنت من السيطرة على مدينة "هيرات" في 5 شتنبر 1995 . وفي شتاء السنة نفسها ، حاصرت طالبان العاصمة "كابول" وأطلقت الصواريخ على المدينة وقطعت الطرق التجارية المؤدية إلى مدينة كابول، ما اضطر رئيس أفغانستان برهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار المتناحرين، إلى التوقف عن القتال فيما بينهما وتوحيد الصفوف في مواجهة العدو المشترك: طالبان. في 26 شتنبر 1996، ترك حكمتيار ورباني كابول العاصمة واتجها شمالا وتخليا عنها لتقع في يد طالبان التي تسلمت مقاليد الأمور في العاصمة وأنشأت إمارة أفغانستان الإسلامية.اعترفت باكستان بحركة طالبان، باعتبارها حكومة شرعية في أفغانستان وتلتها المملكة العربية السعودية ، ثم الإمارات العربية المتحدة. سيطرت طالبان على معظم أفغانستان، باستثناء الجزء الشمالي الشرقي الذي فرضت قوات «التحالف الشمالي" سيطرتها عليه. لم تعترف غالبية بلدان المعمور بحكومة طالبان، بل ناصبتها الولايات المتحدة العداء بسبب توجهاتها المتشددة ونزعتها القتالية.نشأت حركة طالبان في ولاية قندهار الواقعة جنوب غرب أفغانستان على الحدود مع باكستان عام 1994 على يد الملا محمد عمر، الذي كان يسعى إلى القضاء على ما كان يسميه مظاهر الفساد الأخلاقي، والعمل على استتباب الأمن والاستقرار إلى أفغانستان، وساعده على ذلك طلبة المدارس الدينية الذين بايعوه أميرا لهم عام 1994. جمال بورفيسي

إرهاب تحت قبعة «الجهاد» : الصعود والسقوط المدويان لحركة طالبان (أفغانستان)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أوراق من ذاكرة رويشة : رحيل مباغت لفنان أصيل

جرائم الأصول : قتل والده بسبب رفض زواجه من بنت خالته

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات