سيقطع الإصلاح الجامعي المرتقب تطبيقه، ابتداء من الموسم الجامعي المقبل، الطريق أمام الكثير من الطلبة، الذين يسارعون إلى التسجيل في سلك الدكتوراه، بشكل أتوماتيكي، رغم عدم توفر جزء كبير منهم على الإمكانيات الضرورية، للحصول على أرفع شهادة جامعية. وجاء الإصلاح الجديد ليعالج مجموعة من الاختلالات، أبرزها عدم تمكن جزء من الطلبة من اللغات الأجنبية، التي تعتبر عصب البحث العلمي، خاصة الإنجليزية، والأمر نفسه بالنسبة إلى المهارات التقنية والرقمية، إذ لم يعد مقبولا أن يتخرج الشخص دكتورا، ولا يتوفر على هذه المهارات، التي لا غنى عنها في البحث العلمي أيضا. وسيعالج الإصلاح الجديد أيضا، معضلة مشاركة الدكاترة المغاربة في البحث العلمي، إذ يوجد أساتذة يدرسون لسنوات طويلة، ولا يملكون في رصيدهم العلمي مقالات منشورة في مجلات علمية معروفة، إذ سيصبح لزاما على الطالب نشر مقالين في مجلة علمية محكمة مفهرسة، في موضوع البحث المقترح لنيل شهادة الدكتوراه، أي أنه من الواجب على الطالب أن يشارك بالبحث حول الظاهرة التي يريد دراستها في موضوعه، وأن يأتي بالجديد، وهو شرط أساسي تقبل على أساسه المجلات هذا النوع من المقالات. وتحاول الوزارة بهذه الإجراءات، أن توقف نزيف شهادات الدكتوراه، التي أصبحت تسلم للبعض، وتمنحهم صفة دكتور، ويمكن أن يؤهله هذا الأمر للتدريس في الجامعة أو تقلد منصب معين، رغم أنه لا يتوفر على الكفاءة الضرورية. وبتقليص عدد الشهادات المسلمة سنويا من الجامعات، يمكن للوزارة أن تعيد تأهيل طالب الدكتوراه، بمنح المزيد من التسهيلات المالية والإدارية، من أجل القيام ببحث رصين، يضاهي ما ينتج في الجامعات العالمية، إذ تدرس الوزارة تبادل طلبة الدكتورة، ودفعهم إلى المشاركة في التظاهرات العلمية الدولية، وربط علاقات مع جامعات دولية لتقريب المسافة، على مستوى البحث العلمي بين المغرب ودول أخرى. ويرتقب أن ترفع الوزارة منحة طلبة الدكتوراه، التي يشكو الطلبة ضعفها، علما أن الطالب سيتحمل أعباء إضافية، خاصة في تعلم اللغات، إذ سيطلب منه تقديم شهادة إتقان اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، مسلمة من معهد معتمد للغات، وهو ما سيفتح الباب أمام شراكات بين تلك المعاهد والوزارة في المستقبل. وأما المجلات العلمية التي يرتقب أن ينشر فيها الطلبة مقالاتهم العلمية، فإنها ستحدد من قبل الوزارة في ما بعد، من أجل تكريس نوع من الصرامة والجدية، والقطع مع بعض ممارسات الماضي. عصام الناصيري