سلوى الفاسي… هرم القضاء الإداري

حطمت الفكر الذكوري واستطاعت أن ترسم طريقا شاقا في القضاء والمسؤولية عندما تذكر القضاء الإداري بالمغرب، لابد أن تستحضر سلوى الفاسي الفهري، أول رئيسة للمحكمة الإدارية، ومن ضمن النساء الأوليات اللواتي تقلدن المسؤولية القضائية، وتعد من أهرامات القضاء الإداري في المغرب، لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، بعدما تدرجت بين القضاء الواقف وقضاء الحكم قبل أن تسلك طريق التخصص. سلوى الفاسي الفهري الرئيسة السابقة للمحكمة الإدارية بالبيضاء، قاضية من درجة استثنائية، استطاعت خلال مسارها المهني أن تحقق مكاسب كبيرة كانت إلى وقت قريب حكرا على الرجل، بل استطاعت أن تنافسه في تحمل المسؤولية، التي تدرجت فيها من نائبة وكيل الملك بابتدائية البيضاء سنة 1980 ، والنيابة العامة إلى قضاء الحكم وقضت به وقتا ليس بالهين، خاصة في قضايا منازعات وحوادث الشغل، ثم القضاء الإداري والمسؤولية القضائية قبل أن تنتقل إلى محكمة النقض. كل فتاة بأبيها معجبة، وسلوى الفاسي الفهري مفتونة بأبيها الذي تعتبره القدوة الحسنة والذي ساهم في تكريس مبادئ المواطنة الحقة بداخلها، فقد كان مثلها الأعلى ونبراس حياتها منذ الطفولة، واستطاع أن يرسم بداخلها الأشياء الجميلة ويطبع شخصيتها. أزيد من أربعين سنة قضتها الفاسي في سلك القضاء، تدرجت فيها من نائبة وكيل الملك إلى نائبة رئيس ابتدائية آنفا ثم رئيسة غرفة مكلفة بقسم منازعات الشغل. اختيرت ضمن البعثة القضائية التي سافرت إلى فرنسا ومصر للتخصص في القضاء الإداري بعد أن خطا المغرب في اتجاه إحداث قضاء متخصص. بعد عودتها من البعثة القضائية ترأست في 1995 غرفة بالمحكمة الإدارية لمدة خمس سنوات إلى غاية 1999 حيث أسندت لها مهمة رئاسة المحكمة لتضاهي بذلك الرجل وتصبح ندا له، الكل يشهد على صرامتها في العمل وتسيير المحكمة. بابها كان مفتوحا للجميع طيلة اليوم، لا تشعر بالملل، تمنح كل زائر الوقت الكافي، وتسمع شكواه بإمعان، حتى أصبح كل الوافدين على المحكمة من متقاضين ومحامين يفضلون لقاءها مباشرة وطرح الإشكال عليها حتى ولو كان بسيطا، وبقيت في المنصب إلى غاية 2010، لتنتقل بعدها إلى محكمة النقض إلى غاية 2020 رئيسة للغرفة الإدارية. تقدم النصائح وتسدي الخدمات لإيمانها الشديد بأن رسالتها في الحياة هي تحقيق جزء ولو بسيط من العدالة. رغم كثرة مشاغلها، إلا أنها تعطي لكل ذي حق حقه. تؤمن أن الرجولة ليست تركيبة فيزيولوجية ولكنها مواقف. تكره التفكير الذكوري الذي يعتبر المرأة كائنا ثانويا في الحياة، ولأجل إثبات ذاتها والدفاع عن حقوق المرأة خاضت معارك مع العديد من الجهات بل أصدرت أحكاما إدارية يشهد الجميع بجرأتها. ملامح طفولية بالموازاة مع عملها تحملت مسؤولية النائب الثاني بالمكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة، لإيمانها القوي بالعمل الجمعوي. لها وجه بملامح طفولية رغم أنها تحاول إخفاء الأمر، لكن بمجرد الإمعان في تقاسيمه تشدك تلك الطفلة الحنونة التي تخزن الكثير من المشاعر النبيلة، تخصص جزءا منها لأبنائها الذين تعتبرهم ثروتها، التي أنعم عليها الله بها. رغم مشاغلها إلا أنها كانت ترفض أن تغلب كفة البيت على العمل أو العكس، فتعطي لكل ذي حق حقه. "إذا قمت بواجبك على أحسن ما يرام فلن تكون أبدا في حاجة إلى الاعتذار"، هو الشعار الذي ترفعه سلوى في مسيرتها العملية وحتى في حياتها لإيمانها القوي بأن كل شخص عليه القيام بواجبه المهني، على أحسن ما يرام، لأنه السبيل الوحيد للمساهمة في رقي المجتمع والنهوض به، وتطلب من جميع مساعديها أن يتخذوا من تلك العبارة أسلوبهم في العمل. كريمة مصلي

سلوى الفاسي… هرم القضاء الإداري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

87 ألف أسرة تقترض للاصطياف

مديح: العطلة الصيفية ... فرض عين أسري

مقالات ذات صلة