“طنجة المتوسط”… قاطرة نحو العالمية

مشروع عملاق جعل المغرب يحتل رتبة متقدمة في خريطة الشحن الدولية أصبح المركب المينائي "طنجة المتوسط"، الذي أحدث في يوليوز 2007 بمنطقة تبعد بحوالي 30 كيلومترا عن طنجة، بوابة المملكة الرئيسة بالنسبة إلى الاستيراد والتصدير، وأرضية للأنشطة الدولية الخاصة بإعادة الشحن واستقبال الأجيال الحديثة من ناقلات الحاويات، بفضل الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي يسعى، لجعل منطقة طنجة منصة ذات جاذبية خاصة للمستثمرين المغاربة والأجانب، ونموذجا يعكس سمعة المدينة وموقعها المتميز مدينة معيارية لكسب رهانات الحاضر والمستقبل، بعد أن ظلت لسنوات طويلة عرضة للإهمال والنسيان. "طنجة المتوسط"، الذي عزز، أخيرا، بالمرفأ الضخم "طنجة المتوسط 2" ليدعم دوره شريكا مندمجا وفاعلا في المحاور اللوجيستية العالمية، أضحى اليوم رائدا في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والقارة الإفريقية، ومنصة للأنشطة الدولية الخاصة بإعادة الشحن واستقبال الأجيال الحديثة من ناقلات الحاويات، ما مكنه في ظرف قياسي من تكسير الاحتكار الذي كان يتمتع به ميناء الجزيرة الخضراء بجنوب اسبانيا في مجال النقل الملاحي للحاويات، واحتلال الرتبة الرابعة عالميا والأولى بمنطقة أوربا وإفريقيا، وفقا للتصنيف العالمي الجديد لسنة 2022، الذي أصدره، أخيرا، البنك الدولي والمؤسسة العالمية "أستاندرد أند بورز". ويعد ميناء طنجة المتوسط من المنظور الاقتصادي الشامل أكثر من ميناء، فهو مركز صناعي ضخم توجد به مقاولات عالمية كبيرة كمصنع رونو وباقي القطاعات الصناعية المرتبطة بمجال صناعة السيارات على وجه الخصوص، إضافة إلى دوره في ضمان القدرة التنافسية للصادرات المغربية، خاصة ما يتعلق بصناعة النسيج والصناعة الغذائية والكيماوية والتجهيزات الالكترونية والطيران... ويسعى ميناء طنجة المتوسط، في أفق 2025، إلى بلوغ حركة نقل تصل إلى 9 ملايين حاوية من صنف "اي في بي"، وجلب استثمارات جديدة تمكن من توفير مناصب الشغل والوظائف والثروات، إذ يتوقع إحداث 145 ألف منصب شغل جديد خلال السنوات القليلة المقبلة، للمساهمة في إنعاش المنطقة اقتصاديا وتحسين ظروف عيش المواطنين. نمو ودينامية متواصلة أكدت السلطة المينائية لطنجة المتوسط، أن المركب المينائي سجل خلال 2022 نموا مهما في حجم معالجة البضائع وصل إلى 6% مقارنة مع 2021، موضحة أن مجموع وزن البضائع المعالجة فاق 107 ملايين طن من البضائع المختلفة، ما يمثل حوالي 54% من مجموع الحمولة المعالجة على مستوى المملكة المغربية. كما حققت حركة الحاويات، خلال السنة الماضية، ارتفاعا ناهز 7.59 ملايين من الصناديق الحديدية من قياس 20 قدما، أي بنسبة نمو تعادل 6% مقارنة مع 2021، حيث استطاع المركب تحقيق مستويات إنتاجية ممتازة بإنجازه لعمليات مناولة تجاوزت الرقم القياسي الذي كان في حدود 700 ألف حاوية (من حجم 20 قدما) في الشهر. أما بخصوص حركة شاحنات النقل الدولي، فقد عرف الميناء نموا هاما خلال نفس الفترة، وسجل معالجة 459 ألف شاحنة نقل دولي بزيادة 13% مقارنة مع سنة 2021. ويعود الفضل في هذه الدينامية الإيجابية بشكل رئيسي للصادرات الوطنية لقطاعي الصناعة والمواد الغذائية، المتمثلة في زيادة بلغت على التوالي 22% و11%. وبالنسبة إلى نقل العربات الجديدة، قامت محطتا العربات بالمركب المينائي طنجة المتوسط بمناولة 478 ألف عربة جديدة في سنة 2022، أي بزيادة 11%. وسجل إجمالي حركة تفوق 9 ملايين طن من المحروقات المناولة، بينما حققت حركة المسافرين انتعاشا ملحوظا، بعد أن استعادت كامل ديناميتها خلال سنة 2022 نتيجة رفع القيود الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19، إذ استقبل المركب المينائي في السنة الماضية أزيد من مليونين مسافر. وبفضل هذه الدينامية، سجلت حركة الملاحة البحرية "ارتفاعا قويا" بنمو فاق 32% مقارنة مع سنة 2021، إذ يعزى ذلك بصفة رئيسية إلى الالتزام والتعاون المستمر بين كافة شركاء طنجة المتوسط وخاصة المتعهدين وأرباب السفن، بالإضافة إلى الإدارات والسلطات المتدخلة. مزايا استثنائية لجلب الاستثمار إن الإستراتيجية التي ينهجها المغرب من أجل إيجاد مناخ يتناسب مع الاستثمارات الخارجية، جرى عكسها أيضا على مشروع طنجة المتوسط، من أجل جعل رؤوس الأموال والمستثمرين العالميين يضعون ثقتهم في المركب المينائي المغربي، الذي أصبح ذا فعالية جاذبة للاستثمار، ومكن المغرب من التموقع كأرضية لوجستية لسوق التجارة البحرية الدولية. وقدم طنجة المتوسط مزايا استثنائية للمستثمرين الأجانب تهم بالأساس الامتيازات الضريبية متمثلة في (0%) للسنوات الخمس الأولى، و8.75% للسنوات العشرين التالية، والإعفاء الكامل للرسوم الجمركية، بالإضافة إلى نهج مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والقانونية، التي تتعلق بحق الاستثمار وحق تحويل الأرباح، ناهيك عن تحرير قطاع الموانئ وتبسيط وتوحيد المساطر عن طريق خلق المراكز الجهوية للاستثمار. ولتثمين هذه الإستراتيجية وتجويدها، خصصت السلطة المينائية لطنجة المتوسط استثمارات همت الطرق ومختلف الشبكات الأساسية والبنيات التحتية لتكنولوجيا المعلومات، بلغت قيمتها ما مجموعه 266 مليون درهم، وهو ما ساهم في تحقيق رقم معاملات بلغ 867 مليون درهم خلال الفصل الأول من السنة الجارية 2023، بارتفاع وصل 11,6% مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022. إشادات دولية بفضل تحوله إلى مركز بحري عالمي ترسو به أزيد من 100 ألف سفينة سنويا، واستحواذه على النقل الملاحي وﺭﻭﺍﺝ ﺍﻟﺤﺎﻭﻳﺎﺕ بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، تحول ميناء "طنجة المتوسط" إلى محل إشادة دولية ومحط اهتمام العديد من الصحف والمجلات العالمية المتخصصة في مجال المال والأعمال، التي وضعته في مكانة متقدمة جدا في التصنيف العالمي، لما يقدمه من خدمات وأنشطة دولية خاصة بإعادة الشحن واستقبال الأجيال الحديثة من ناقلات الحاويات، كما أنه أصبح واجهة نحو الاستثمار البحري الآمن. وذكرت "البايس" الصحيفة الاسبانية الواسعة الانتشار ، في تحقيق أنجزته أخيرا، أن ميناء "طنجة المتوسط" أصبح أول ميناء في البحر الأبيض الأبيض المتوسط وإفريقيا في عملية شحن الحاويات، وتجاوز جميع الموانئ الإسبانية في وحدات الحاويات المتداولة، مبرزة أن المنافسة حاليا أصبحت لا تقتصر على ﻣﻨﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺎﻭﻳﺎﺕ، بل حول سلاسل الإمداد والتوريد، وهو ما ركز عليه ميناء طنجة المتوسط، الذي أصبح يشتغل باعتباره وحدة منسجة مع عدد من المحطات لتأمين حركة السلع والمواد والمعلومات من نقطة البداية (المنشأ) إلى نقطة الاستهلاك النهائية. ويعتقد عدد من الخبراء الإسبان، أن ميناء طنجة المتوسط سيعزز التفوق المغربي المستقبلي في البحر الأبيض المتوسط بعد افتتاح مشروع مجمع الموانئ في الناظور (350 كيلومترا شرق طنجة)، الذي سيركز على معالجة المنتجات البترولية، وسيكون قادرا على استيعاب 3.5 ملايين حاوية، وفق ما ذكرته الصحيفة الإسبانية. المختار الرمشي

“طنجة المتوسط”… قاطرة نحو العالمية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال مراسل صحافي بأكادير

احتقان لمتابعة "بيدوفيل" في حالة سراح

مقالات ذات صلة