إقبال لطالبي الدم واختفاء المتبرعين ضاعفا معاناة المرضى ومستخدمي المرفق الساعة تشير إلى الواحدة والنصف بعد الزوال، من الأربعاء الماضي، صمت مطبق يسيطر على المدخل الرئيسي للمركز الجهوي لتحاقن الدم بالبيضاء، بفعل مشهد غياب فئات المتبرعين، الذين رغم قلتهم إلا أنهم كانوا يظهرون قبل رمضان وهم يسارعون الخطى للشروع في عملية التبرع، أو هم يحملون أكياسا بها عصير وقنينة ماء وحلوى حتى يسترجعوا طاقتهم، وفي الوقت نفسه لشكرهم على عملهم الإنساني. وفي الوقت الذي يعتقد فيه الزائر أن الظروف مواتية للاستفادة من كميات الدم المحددة، يعاين مجموعات متحلقة حول الشباك المخصص لاستقبال التحاليل الخاصة بالدم، وتجمع كثيف لعدة نسوة ورجال من مختلف الأعمار والشرائح أمام شباك تقديم الطلبيات ينتظرون دون كلل أو ملل دورهم لتسلم أكياس وصفائح الدم. "خاوية على عروشها" "التبرع ناقص بزاف كيبان ليا غير اللي جايين إديو الدم هما اللي كاينين"،"منذ الصباح ونحن ننتظر، ويظهر من خلال غياب المتبرعين أن القضية لا تسر الناظرين"، "هادي يومين وحنا دافعين الطلب ومازال ماكين والوا والمشكلة با عندوا نقص حاد في الدم وكيدير الدياليز"...من بين العبارات التي تكشف حجم القلق الذي يسيطر على المرضى ومرتفقيهم، بسبب شح أكياس الدم. ومن خلال الجولة التي قامت بها "الصباح"، حرص طاقمها على المرابطة لوقت طويل، من أجل التأكد من الوضعية، بعد أن دق عدد من المرتفقين ناقوس الخطر وقبلهم المستخدمين حول شح الدم، الذي يعتبر مادة حيوية ترهن مصير العشرات من المرضى والجرحى وتجعلهم ضمن دائرة خطر الموت في حال عدم الاستفادة في الوقت المحدد، أمام غياب المتبرعين على قلتهم. وإذا كان الأصحاء لا يكترثون بتبرعات الدم، فإن الوضع مختلف بالنسبة للمرضى الذين يعانون أمراضا مزمنة أو ضحايا حوادث السير وباقي المرضى وعائلاتهم، إذ يتحملون الانتظار الطويل الذي يتجاوز الدقائق إلى الساعات، وفي بعض الحالات التوافد ليومين أو ثلاثة أيام على المركز نفسه، بحثا عن كيس دم، أمام شح رهين بتخلف المتبرعين عن واجبهم الإنساني. ثقافة التبرع ساهم غياب ثقافة التبرع بالدم في صفوف المواطنين المغاربة، في تخلفهم عن القيام بالمبادرة، رغم طلبات حثهم على التبرع لإنقاذ حياة المرضى، وهو ما انعكس سلبا على مخزون الدم، الذي يعرف نقصا حادا، خاصة أن العاصمة الاقتصادية تتوفر على مستشفى جامعي يعرف توافد المرضى من مختلف المدن والأقاليم، ومصحات كثيرة، الأمر الذي يجعل استهلاك الدم ومشتقاته يكون بأعداد قياسية مقابل انخفاض عدد المتبرعين. ودفع شح الدم مرتفقي المركز الجهوي لتحاقن الدم خلال رمضان، إلى التخوف من أن يبقى الحال على ما هو عليه طيلة شهر الصيام، الذي تقل فيه مبادرات التبرع، باعتبار أن عددا من الصائمين يحرصون على صحتهم وآخرين يتقاعسون بعد الإفطار عن العملية لإصابتهم بالتخمة، مفضلين الاستلقاء ومتابعة المسلسلات والبرامج والسمر الرمضاني في المقاهي وفضاءات الترفيه. ومن خلال جولة قصيرة بمختلف فضاء المركز، يتضح أن هذا المركز يعاني الازدحام والاكتظاظ، نتيجة الأعداد المرتفعة التي تفد عليه للاستفادة من أكياس الدم، سواء من داخل العاصمة الاقتصادية أو خارجها من المدن المجاورة، بل حتى من أقاليم بعيدة، وهو ما يشكل عبئا مضاعفا على الأطر العاملة به، التي عليها تنظيم استقبال الأعداد المتزايدة من الطلبيات، وتوفير أكياس الدم والصفائح الدموية حسب الحالات المستعجلة، التي تفوق طاقة المرفق الصحي. محمد بها