سهـرات حـلال فـي أكاديـر

عبادة وتقوى بالمساجد وحفلات "شاخدة" بالمنازل والملاهي الليلية بالمنطقة الساحلية تتميز ليالي رمضان بأكادير بخاصية التسامح حد التناقض أحيانا، لارتباط المدينة بالعادات والتقاليد، إلى جانب هويتها وجهة سياحية عالمية، إذ ألف سكان المدينة، منذ عشرات السنين، وجود الآلاف من السياح الأجانب الذين يستمرون في التدفق عليها ولو خلال رمضان، فضلا عن آلاف المقيمين الأجانب بها. ومكن هذا التنوع الثقافي من اكتساب طقوس وعادات وتقاليد مميزة في رمضان، قد لا توجد بباقي المدن الأخرى، حيث تتنوع الحفلات والسهرات ليلا، بين العبادات داخل المساجد المنتشرة بجل أحياء المدينة، وما بين السهرات والجلسات العائلية بالمنازل، وما بين الحفلات «الحلال» والسمر الغنائي بالملاهي والعلب الليلية حتى مطلع الفجر. «الكورنيش» والتراويح يعتبر رمضان بأكادير، امتحانا واقعيا لمختلف مظاهر التنوع والاختلاف بالمدينة الذي يسكن بوعي أو بدونه داخل كل إنسان. ويجمع المتتبعون لمظاهر الحياة اليومية خلال رمضان بأكادير، وكذا المتعقبون للسلوكات اليومية لسكانها، بشكل عام، على وجود تيارات اجتماعية متناقضة، تؤثث أنشطة الحياة الاجتماعية اليومية خلال الشهر الكريم، تتعايش بشكل طبيعي وسط المجتمع السوسي. فبمجرد ما يحل رمضان حتى تنقلب حياة الكثيرين (ات)، رأسا على عقب، فيصبح الليل نهارا، والنهار ليلا. ويقضي جل سكان المدينة لياليهم الرمضانية في السهر والسمر حتى ساعات متأخرة من الليل، إما بالمساجد حيث يستمعون فوق سجاداتهم لكلام الفقهاء والوعاظ، وينهلون من دروس الوعظ والإرشاد، بعد أداء صلوات التراويح، وإما بالمنازل في جلسات عائلية، أمام شاشات التلفزيون، أو بالعلب الليلية والملاهي والمطاعم السياحية، يستمعون إلى الموسيقى ويدخنون الشيشة ويتناولون المشروبات «الحلال». فبينما تكسو الليالي الرمضانية بالأحياء الشعبية أجواء ربانية روحانية، تتجلى في سحنة البياض الذي يكسو أجساد رواد المساجد من الكبار والصغار والنساء والرجال الذين يزداد عددهم بهذه المناسبة، نجد أن الشريط الساحلي يستقبل بانتهاء صلوات التراويح، الآلاف من عشاق السهر والاستمتاع بعوالم المتعة واللذة والنشاط، إذ لا يتغير من مظاهر السهر المألوفة بهذا الشريط، غير سحب المشروبات الكحولية من فوق رفوف العلب والملاهي والكباريهات والمطاعم، لتستمر الأنشطة الاعتيادية ب»الكورنيش» بالمشروبات الحلال والشيشة وأشياء أخرى سرية لا تظهر للعيان. أسواق مفتوحة يلاحظ أن أغلب سكان الأحياء الشعبية يحرصون على الظهور بمظهر التقوى، متشبعين بالقيم الدينية، ومتشبثين بالعادات والتقاليد والسلوكات والممارسات والطقوس الرمضانية، التي تعتبر مكونا أساسيا خلال الشهر الكريم. ويحرص هذا التيار أشد الحرص على تغيير مظاهر حياته اليومية والليلية، شكلا ومضمونا، انطلاقا من طريقة اللباس ولغة التواصل اليومية المتسمة في الحديث عن فضائل رمضان. وتحرص هذه الفئة العريضة من المجتمع ذكورا وإناثا، أشد الحرص على البروز ليلا ونهارا بمساجد الحي لأداء الصلوات، وخاصة صلاة التراويح. كما يحرصون على القيام بجولات في المساء بأسواق الحي، للتزود بما تزخر به من أغذية ارتبط وجودها بشهر رمضان، خاصة أن طرقات المدينة وأزقتها، بمختلف الأحياء الشعبية تتحول إلى أسواق مفتوحة تعرض بها العديد من المأكولات والمشروبات على قارعة الطريق، ك»البغرير» و»الملوي» و»الرغايف» و»المسمن» و»البطبوط» و»سلو» و»الشباكية»، وأنواع العصير والفواكه الطازجة والجافة، إذ تغلق الطرقات والممرات في وجه حركات السير والجولان. النشاط والمتعة تستمر الحياة على وتيرتها شبه العادية بالشريط الساحلي ليلا، حيث يسترسل هواة السهر و»لنشاط» في التوافد على فضاءات المتعة واللذة والترفيه، مباشرة بعد انتهاء صلاة التراويح، إذ نجد شريحة كبيرة من الناس، تشد رحالها بعد الفطور متجهة صوب المقاهي والمطاعم وفضاءات الشيشة والملاهي الليلية المنتشرة بالشريط الساحلي للمدينة، يدخنون الشيشة ويتناولون القهوة والشاي. ورغم أن مجموعة من هذه الفضاءات حرصت هذه السنة على إغلاق أبوابها لتجديد هويتها البصرية وتجهيزاتها، استعدادا لعطلة الصيف، استمرت العشرات من هذه الفضاءات في عرض خدماتها «الحلال» طيلة شهر رمضان. وتحافظ على تنظيم سهراتها وحفلاتها، بجلب فنانين لاستقطاب الزبناء. وتظل هذه الفضاءت تستقبل روادها كباقي ليالي السنة، لتناول الشيشة وشرب المشروبات الحلال والرقص على أنغام الموسيقى بجميع أنواعها. أما المقاهي والمطاعم الشاطئية التي اعتادت على تنظيم حفلاتها على موائد العشاء أو المشروبات، فما زالت تقدم خدماتها الليلية كالمعتاد، حيث يقصدها زبناء من مختلف الأعمار والشرائح، والعائلات الذين يقضون لياليهم على أنغام الموسيقى وهم يحتسون القهوة أو المشروبات الغازية أو يتناولون وجبة العشاء. البحث عن اللذة تنطلق عملية هجرة مساكن المشتغلات في الجنس، اتجاه عشرات المقاهي والملاهي والعلب الليلية، عند انتهاء صلوات التراويح. وتجد هؤلاء كل الظروف المواتية لاستقبالهن، حيث يحرص الندل على إشعال الفحم وتنظيف قوارير الشيشة والأباريق والكؤوس، استعدادا لاستقبال العاملات في الجنس اللواتي يستقطبن الزبناء. ويحرصون على تلبية حاجاتهن من الشيشة والشاي والمياه المعدنية والمشروبات الغازية. وتلاحظ أن أغلب سيارات الأجرة الصغيرة تتجه صوب المنطقة السياحية، محملة بالمشتغلات في الجنس والباحثين عن اللذة. ورغم أن شهر رمضان يسجل انخفاضا في عدد المشتغلات في الجنس، لأن فئة منهن يهاجرن إلى مواطن عائلاتهن، فإن البقية الباقية منهن، لا يغير رمضان من طقوسهن، وبرامجهن الليلية، وهن يتنقلن ما بين العلب الليلية أو المراقص والملاهي أو المقاهي، في محاولة لجلب الزبناء وإغرائهم لشراء اللذة. وتظل ليالى المدينة وما تتميز به من سهرات وحفلات وجنس ومخدرات وشيشة، مشابهة لباقي ليالي أكادير الساهرة، التي تستمر على إيقاع الأنغام الغنائية على مدار ساعات الليل، إلى حين وقت الفجر، موعد التوقف عن تلبية شهوتي البطن والفرج. محمد إبراهمي (أكادير)

سهـرات حـلال فـي أكاديـر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قصة العشق

تحديث المنظومة القانونية وضمان شروط المحاكمة العادلة

مقالات ذات صلة