محاكمات غير عادية 2 امرأة أدلت بعقد أنجز بعد يومين من وفاة العريس المزعوم هي قضايا غير عادية، ليست بسبب موضوعها أو خطورة الجرم المرتكب أو حساسيتها، وغيرها من الأسباب التي يمكن أن تطبع المحاكمة وتجعلها تخرج عن المألوف. المثير في هذه القضايا أن بطلاتها نساء، إما ضحايا أو مذنبات، تفنن في طريقة تدبيرها بنكهة خاصة اختلط فيها المكر والذكاء، لأجل الدفاع عن حقوقهن بشتى الوسائل، كما تمكن من شد الانتباه إليهن، وظلت قاعات المحاكم وذاكرة قضاة ومحامين وباقي ممتهني العدالة شاهدة عليها. كريمة مصلي هي قصة قريبة من الخيال، تلك التي وقعت أخيرا، بعدما ظهرت أرملة مفترضة لميت خلال مراسيم العزاء الخاصة به، لم يكن أحد من عائلة المتوفى على علم بزواجه منها. في بداية الأمر وبسبب حالة الحزن التي كانت تعانيها العائلة لم تعر عائلة الميت للأمر أهمية، أو بالأحرى لم ترد إثارة الفوضى و»الشوشرة»، في المحيط، في انتظار انتهاء مراسيم العزاء لطردها. كانت الزوجة المفترضة ترتدي لباسا أبيض، تخبر كل من يصادفها أنها أرملة الميت ليضطر شقيقه إلى طردها، إلا أنها أشهرت في وجهه عقد الزواج، الذي يحمل البيانات الخاصة بها وبأخيه. صعق في البداية من الأمر واتهمها بالتزوير، غير أنها ظلت ثابتة على موقفها، بل لوحت بمقاضاتهم لأجل الحصول على حقها من تركة زوجها. أمام ذلك الإصرار لم يجد الأخ بدا من مجاراتها لاستلام نسخة من عقد الزواج، الذي ما إن دقق فيه حتى اكتشف أن إنجاز عقد الزواج تم بعد يومين من وفاة شقيقه، لتكون تلك النقطة التي ساعدته في الكشف عن حقيقة الأمر. تقدم شقيق الزوج المفترض بشكاية إلى النيابة العامة، يفيد فيها أنه خلال مراسيم العزاء الخاصة بشقيقه الذي توفي في حادثة سير، تفاجأ رفقة عائلته بحضور امرأة ترتدي لباسا أبيض، ادعت أنها أرملة أخيه، رغم علمه اليقين بأن شقيقه الذي توفي في حادثة سير لم يكن متزوجا، وواجهته بعقد قران تبين أنه أنجز بعد وفاة شقيقه بيومين، مشيرا إلى أنه كان يعلم بأن أخاه كان ينوي الزواج وشرع في إجراءاته إلا أنه لم يكملها. بعد اكتشاف الأرملة المفترضة هذا التباين بين تاريخ عقد القران وتاريخ الوفاة اتجهت صوب العدلين، اللذين حررا العقد وادعت أنهما أخطآ في تاريخ العقد، وعليهما إصلاحه، ولم تتوقف عند ذلك بل وجهت لهما وابلا من السب والشتم عن الخطأ الذي اقترفاه، إلا أن العدلين أكدا لها أنهما لا يمكن أن يخطئا في التاريخ، خاصة أن لديهما مذكرة الحفظ التي يتم تدوين فيها جميع الإجراءات، وأخبراها أنهما سيعلمان الوكيل العام بالواقعة لتضطر إلى كتابة اعتراف خطي تفيد فيه بالفعل أنها حضرت لديهما في التاريخ المحدد في العقد رفقة شخص، غير الذي اسمه مضمن بالإذن، وأحضرت معها الإذن بالزواج الذي منحه القاضي لها للزواج بالشخص المتوفى. وبناء على الشكاية التي قدمها شقيق الزوج المفترض، أصدرت النيابة العامة بالقنيطرة تعليماتها إلى الشرطة لأجل الاستماع إلى المتهمة، التي أنكرت المنسوب إليها، مشيرة إلى أن العقد صحيح وأنها فعلا تزوجت من الشخص المتوفى بناء على الإذن بالزواج، الذي سبق أن حصلا عليه من قبل القاضي المكلف بمنحه، نافية أن تكون قد عمدت إلى كتابة أي اعتراف للعدول، أو أنها أحضرت شخصا آخر غير زوجها المتوفى، وهو التصريح نفسه الذي أفادت به خلال الاستماع إليها أمام النيابة العامة بعد إحالتها في حالة اعتقال، إذ تشبثت بأقوالها بشأن صحة العقد وصحة الزواج المبرم بينها وبين زوجها، الذي توفي في حادثة سير.