استعادت زوارها بعد التخلص من تبعات الوباء ورهان على أسواق أخرى تعيش جهة مراكش آسفي حالة انتعاش على المستوى السياحي، ما مكنها من السير نحو استعادة التوازن والتخلص من مخلفات أزمة كورونا التي كان لها تأثير سلبي بالغ على مهنييها. ويعمل الساهرون على تدبير شؤون القطاع بالجهة، على وضع خطط لتطويره، ونهج أساليب جديدة للترويج لوجهاته، من أجل تعزيز مكانة مراكش، الوجهة السياحية الأولى في المغرب وإفريقيا. إنجاز: عادل بلقاضي (مراكش ) تداعيات كورونا تأثر قطاع السياحة بشكل بالغ، بسبب تداعيات وباء كورونا، إذ كان القطاع الأكثر تضررا، سيما داخل مراكش التي يعتمد سكانها بشكل كبير على السياحة، وترتبط أنشطة أغلب منشآتها الاقتصادية، بالسياح، إذ عانت المؤسسات السياحية من تراكم الديون والقروض، فيما كانت صدمة العاملين بالقطاع كبيرة بعد أن تعودوا وعودوا أسرهم على نمط عيش كريم، قبل أن يجدوا أنفسهم يحصلون على راتب شهري لا يتجاوز ألفي درهم، ما دفع أغلبهم إلى تغيير المهنة، فيما خلفت الأزمة لدى الكثيرين مشاكل اجتماعية وأسرية قاسية. بعد حالة ركود دامت أكثر من سنتين، كان خلالها الإغلاق بسبب القيود التي فرضها انتشار جائحة كورونا، بدأ النشاط السياحي منذ منتصف السنة الماضية، يستعيد عافيته شيئا فشيئا، في انتظار التعافي بشكل تام. وأكد العديد من المهنيين أن الأنشطة المرتبطة بالسياحة، تشهد انتعاشا متواصلا، غير أنهم يعتبرون أن تجاوز مخلفات الأزمة يتطلب وقتا إضافيا، لذا يفكر المسؤولون في أساليب جديدة لتطوير القطاع. وجهات جهوية أكد مصدر مطلع على حال السياحة بعاصمة النخيل، أن فترة كورونا كانت مناسبة للتخطيط لما بعد الأزمة، فكان الاشتغال على تهيئة وجهات جهوية جديدة، بعد نجاح تجربة منطقة أكفاي ضواحي مراكش، التي باتت تعرف إقبالا كبيرا تستهوي نجوما عالميين من كل المجالات، وداع صيتها على الصعيد الوطني والعالمي. وكشف المصدر أن التركيز منصب على تأهيل وجهات أخرى داخل جهة مراكش آسفي، بعد أكفاي، من قبيل شيشاوة والرحامنة وآسفي، بهدف التنويع بين سياحة الجبل والبحر والصحراء التي تمتد لمسافة 35 كيلومترا في منطقة أكفاي. الانفتاح على ألمانيا أكد مصدر "الصباح" أن مخطط تطوير قطاع السياحة بجهة مراكش آسفي، تضمن العمل على الانفتاح على أسواق جديدة، من قبيل ألمانيا وبريطانيا وغيرهما. وأوضح المصدر أن السوق الألماني استراتيجي لجهة مراكش آسفي، ما دفع المسؤولين إلى المشاركة بقوة في المعرض الدولي للسياحة ببرلين الفترة ما بين 07 و 09 مارس الجاري. وشارك المجلس الجهوي للسياحة بجهة مراكش آسفي، في النسخة 54 من المعرض المذكور الذي يعد من أكبر المعارض السياحة في العالم، بشراكة مع المكتب الوطني المغربي للسياحة، وبدعم السلطات المنتخبة، عبر وفد كبير من ممثلي مهنيي مختلف القطاعات السياحية، بهدف تمتين العلاقات مع المهنيين الألمان، ولتسويق أفضل لجهة مراكش آسفي. ويعتبر معرض برلين من أكبر المعارض السياحية، إذ يستقبل أكثر من 10000 عارض من أكثر من 60 دولة، وحوالي 160 ألف زائر محترف، ويعد من أهم ملتقيات مهنيي السياحة، ما حفز المغرب على الحضور في المعرض من خلال جناح بمساحة 473 مترا مربعا لجميع مناطق المغرب، ومنها مراكش والصويرة من خلال واجهة عرض خاصة. الاتفاقية الجديدة... بشرى خير استبشرالعاملون بقطاع السياحة بجهة مراكش خيرا، بعد توقيع اتفاقية لتنزيل خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة، بميزانية تفوق 6 ملايير درهم، خلال الفترة 2023 -2026، والتي ترمي إلى استقطاب حوالي 17 مليون سائح، وتحقيق 120 مليار درهم من المداخيل بالعملة الصعبة، وتوفير 200 ألف فرصة شغل جديد مباشر وغير مباشر، في أفق 2026. وباعتبار مراكش هي الوجهة السياحية الأولى في المغرب، فإن مهنيي القطاع بالمدينة، يعتبرون أن الاتفاقية وسيلة لتعزيز مكانة المدينة على الصعيد الوطني والعالمي، سيما أن بنودها تتضمن حلولا لبعض الإكراهات التي تواجهها السياحة بالجهة، من قبيل وضع مخطط لمضاعفة سعة النقل الجوي، وتعزيز الترويج والتسويق مع إيلاء اهتمام خاص للرقمنة، وتنويع منتجات التنشيط الثقافي والترفيهي، مع انبثاق نسيج من المقاولات الصغرى والمتوسطة النشطة والعصرية، وتأهيل الفنادق وإحداث قدرات إيوائية جديدة، وتعزيز الرأسمال البشري، عبر إطار جذاب للتكوين وتدبير الموارد البشرية، من أجل الارتقاء بجودة القطاع وفتح آفاق مهنية أفضل للشباب. الإكراهات... "حتى زين ما خطاتو لولة" رغم مكانة مراكش الرائدة على الصعيد الوطني والقاري والدولي، من الناحية السياحية، فإن ثمة إكراهات ومعيقات، تخدش وجهها وتتطلب تضافر جهود كل المتدخلين من أجل الحد منها. ويرى مهتمون بالقطاع أن غياب الوازع الأخلاقي لدى بعض المتدخلين في النشاط السياحي، من قبيل أصحاب سيارات الأجرة، يسيء إلى القطاع، كما أن كثرة الدراجات وتهور بعض سائقيها، يعطي نظرة غير لائقة عن المدينة، في حين تحتاج بعض المآثر التاريخية والحدائق والمنتزهات، إلى إعادة هيكلة مرافقها، مع ضرورة إحداث مكاتب للإرشاد السياحي في كل النقط البارزة في المدينة، فضلا عن ضرورة تقليص هامش اشتغال بعض الأفراد بشكل عشوائي، من قبيل أصحاب الشقق المفروشة والمرشدين السياحيين غير المرخص لهم. كما يتطلب التوجه الجديد الرامي إلى إحداث وجهات سياحية جهوية، تقوية الشبكة الطرقية بين مراكش والمدن والمناطق المجاورة، مثل آسفي، إضافة إلى فتح خطوط مباشرة مع دول تعتبر أسواقا جديدة وواعدة، بالنسبة إلى مراكش. 4 أسئلة إلى * حميد بن الطاهر بـن الطاهـر: مؤشـرات إيجابيـة < يسير القطاع بثبات نحو التخلص من تداعيات الوباء، ففي الشهور الأولى من 2023، كان الوضع أحسن مما كان عليه الحال في 2019، بعد أن بدأ القطاع يسترجع عافيته منذ الشهور الأخيرة من السنة الماضية. صحيح ملازلنا لم نصل إلى الوضع الذي كنا عليه قبل فترة الإغلاق، غير أن هناك مؤشرات إيجابية، سيما في ظل الطلب الكبير على المغرب، عامة ومراكش، بصفة خاصة. < أثارت الأزمة رغبة في السفر لدى الجميع، لأن فن العيش، أصبح مرغوبا فيه، أكثر من السعي إلى تملك الأشياء، سيما أن السفر يساعد على اكتساب أفكار جديدة، ولقاء أناس آخرين بثقافات مختلفة. نفتخر بأن مراكش هي الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا، وتصنف ضمن الوجهات العشر الأولى في العالم، المرغوب في زيارتها، وهو تصنيف مشرف، وذلك يدل على أن العمل المنجز يعطي نتائجه، وبطبيعة الحال، ينتظرنا الكثير من أجل تحسين مقام الزوار المغاربة والأجانب، فصناعة السياحة والاستقبال والسفر، شيء مهم جدا، ولدينا مؤهلات كبيرة. صحيح الجهة معروفة في أسواق كثيرة، غير أننا مطالبون بالانفتاح على مجموعة من الدول الأخرى، وجلب سياح جدد ممن يحول غياب الخطوط الجوية المباشرة، دون زيارتهم لمراكش، فعلى سبيل المثال أصبح لدينا محبون من البرازيل والأرجنتين والهند ودول أخرى، بعد نتائج المنتخب الوطني لكرة القدم في كأس العالم، لذا يجب أن نكون مرتبطين جويا بهذه الدول. < يجب مواصلة الاعتناء بالزوار الذين يقصدون الجهة، سواء مغاربة أو أجانب، بهدف الحفاظ على المكتسبات، لأن كل زائر هو بمثابة سفير للجهة بالعالم، ويجب التعامل معه بحكمة وذكاء، كي ينوب عنا في التعريف بالجهة، لذا "خاصو يدي ما يعاود"، ويكون سببا في إقناع آخرين بالقدوم. أعتقد أننا في تطور ونسعى إلى المزيد، من خلال الانفتاح على أسواق جديدة، ما يحتم تقوية الخطوط الجوية مع دول جديدة، فهناك سياح من دول كثيرة، يحبون المغرب ويودون زيارته، غير أن غياب الخطوط المباشرة يشكل عائقا أمامهم، كما أن التسويق يتطلب مجهودا إضافيا، إلى جانب ضرورة التسريع بإخراج بعض المشاريع المهيكلة، إلى حيز الوجود، أولها قصر المؤتمرات الذي سيساعدنا على جلب سياح خارج فترة العطل ونهاية الأسبوع، في إطار سياحة الأعمال، من أجل التنويع، فضلا عن مشروع محطة أوكايمدن الذي يجب التسريع بإنجازه، لما لهذه المنطقة من مؤهلات سياحية مهمة، وأظن أن هناك انسجاما بين السلطة المحلية والمنتخبين والمهنيين، وهناك رغبة في تطوير النهضة السياحية بالجهة، وليس لدي شك أن الأفكار والنية موجودة، فقط ينقص تسريع وتيرة العمل. < هي خطة طريق وبرنامج تم التوقيع عليه مع رئيس الحكومة وخمسة وزراء، واتفاقية مهمة الهدف منها جلب 17 مليون سائح في أفق 2026، ما يشكل خارطة طريق للتسريع بالنمو السياحي ببلادنا، ففي السنوات الماضية وصلت نسبة النمو ما بين 3 و4 في المائة، ونسعى إلى أن تصل هذه النسبة إلى 10 أو 12 في المائة، لذا اشتغلنا اليد في اليد مع وزارة السياحة وجميع المهنيين، ووضعنا برنامجا تم الاتفاق عليه وعلى تمويله، بميزانية مهمة فاقت 6 ملايير درهم، كميزانية إضافية للتسويق والطيران، ما سيساعد ويعطي الثقة ل 2.5 مليون مغربي يشتغلون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في قطاع السياحة، والذين كانوا ينتظرون هذا القرار الذي سيعود بالخير على المغرب، وبطبيعة الحال جهة مراكش آسفي ستستفيد من هذا الدعم المهم. * رئيس المجلس الجهوي للسياحة بجهة مراكش آسفي الرميلي : نواكب عودة الانتعاش قالت إيمان الرميلي، رئيسة الجمعية الجهوية لأرباب المطاعم بجهة مراكش آسفي، إن القطاع يسير نحو تجاوز الأزمة التي عاشها خلال فترة وباء كورونا، والتي كانت مؤثرة وصعبة على قطاع المطاعم الذي يعتمد على السياحة بشكل كبير. وأوضحت الرميلي، في تصريح ل"الصباح"، أن "الأزمة خلفت مشاكل كثيرة للمهنيين، إذ تراكمت عليهم الديون، وظهر نقص في اليد العاملة، بعد أن اضطر الكثير من العاملين في القطاع إلى تغيير المهنة خلال فترة الجائحة، غير أن ذلك لم يحبطنا، إذ بادرنا إلى حل المشاكل، شيئا فشيئا، وبدأنا نستعيد انتعاشنا، ولو بشكل جزئي، في انتظار التعافي بشكل تام. وبخصوص الإستراتيجية التي اعتمدتها الجمعية، من أجل تجاوز مخلفات الأزمة، أوضحت الرميلي "الحمد لله تجددت ثقة أرباب المطاعم في الجمعية، وعملنا على إعادة هيكلتها من الناحية الإدارية، إذ غيرنا انتماءنا من وزارة التجارة إلى وزارة السياحة، ما مكن العاملين في القطاع من الحصول على الدعم المخصص للعاملين في قطاع السياحة، بدعم من الفدرالية الوطنية التي أتشرف برئاستها، وخلال السنة الحالية دأبنا على عقد اجتماعات دورية مع الجمعيات، وقوينا علاقتنا مع السلطات التي تثق فينا وتتواصل معنا، من أجل العمل يدا في يد وفي احترام تام للقانون". وعن ماهية الدروس المستخلصة من فترة "كوفيد"، قالت الرميلي "تعلمنا أنه يجب العمل بشكل مختلف، اليوم نحن نركز على ما هو رقمي، لا يمكن لأي مطعم العمل دون حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي وموقع خاص به، لذا عملنا على خلق موقع للجمعية بروابط للمواقع الخاصة بالأعضاء، مع تنشيط متواصل لصفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتماد تطبيق للحجز بشكل مباشر بأي مطعم، كما نحرص على أن يكون قطاع المطاعم على تواصل مع القطاعات السياحية الأخرى، بهدف تطوير النشاط السياحي بالجهة، وقد أسعدنا كثيرا، الإعلان عن خارطة الطريق التي وضعتها الوزارة، أخيرا، ونأمل أن يستفيد منها أرباب المطاعم، وأن يتم اعتبار المطاعم وفن الطهو تراثا لاماديا للمغرب، لأن الكثير من السياح يأتون من أجل ذلك". وفي ما يتعلق بمحهودات الجمعية في مواكبة سياسة إحداث وجهات سياحية جديدة بالجهة، قالت الرميلي "حقيقة هناك نقص في المطاعم المصنفة بهذه الوجهات، نحن لدينا استعداد لمساعدة المستثمرين في القطاع من أجل الاستثمار بهذه المناطق، من خلال مواكبتهم من الناحية الادارية وتذليل الصعاب أمامهم، غير أن بعض المناطق رغم أن هناك مخططا لإقلاعها وجعلها وجهات سياحية كبرى، ما زالت لم تصل بعد لتكون مؤهلة لاختضان مطاعم مصنفة، لأن هناك معايير يجب توفرها، غير أن ذلك ممكن جدا مع تطور هذه المناطق، على غرار منطقة أكفاي التي يمكن اعتبارها مؤهلة لاحتضان مطاعم من المستوى الكبير، وبدأ بعض المستثمرين يفكرون في مشاريع بها، رغم أن ثمة مشاكل مرتبطة بالعقار بهذه المنطقة". وأضافت المتحدثة ذاتها "نواكب الانتعاش السياحي الحالي، وتطور كل الجهات، من أجل المساهمة في تقويتها من ناحية البنيات التحتية السياحية، كما نثمن مجهودات المسؤولين عن قطاع السياحة، من أجل التسويق بشكل جيد للجهة، إذ ظهر ذلك من خلال تزايد عدد السياح من وجهات جديدة، من قبيل البريطانيين والأمريكيين والاسرائيليين، ونحن منفتحون ومستعدون لكل الشراكات، التي من شأنها تطوير قطاع السياحة بالجهة".