عقارب خضراء داخل الصف الإسلامي

انحرافات الحركات الإسلامية 8 منهج تنظيمي وإداري حركي قائم على أسلوب المناورة والخداع في التعاطي للشأن الإسلامي يعد الدكتور فريد الأنصاري، رحمة الله عليه، من الشخصيات التي بصمت مجال الدعوة للمجهودات التي بذلها لترسيخ العقيدة الحقة وحرصه على أن يظل العمل الإسلامي خالصا لله بعيدا عن التجاذبات والاستغلال الانتهازي.وما كان له أن يظل صامتا أمام هذه الانحرافات، فألف «البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي»، أعقبه ببحث آخر حول «الأخطاء الستة للحركات الإسلامية بالمغرب»، الذي يحدد أوجه الانحراف الذي عرفته الحركات الإسلامية. ولأن الأخطاء والانحرافات التي حاول رحمة الله عليه تصحيحها في هذا الكتاب ما تزال قائمة، ارتأت «الصباح» أن تعيد نشر أهم ما جاء فيه لكل غاية مفيدة. عبد الواحد كنفاوي ينتقل الكاتب إلى الحديث عن طبيعة المنهج التنظيمي والإداري لدى الحركات الإسلامية، ويركز في هذا الباب على المقاربة المعتمدة، من قبل عبد الكريم مطيع، المؤسس الرئيس والقائد الأول لحركة الشبيبة الإسلامية، التي تأسست بالمغرب أوائل السبعينات من القرن الماضي. وأشار، بهذا الصدد، إلى المنهج المعتمد من قبل مطيع القائم على أسلوب المناورة والخداع في التعاطي للشأن الإسلامي من الناحية التنظيمية والإدارية، موضحا أنه كان للنظريات اليسارية التي تأثر بها الأستاذ مطيع، باعتباره قياديا سابقا في أحد الأحزاب الاشتراكية، أكبر الأثر في طبع منهجه الحركي بهذا الأسلوب الخطير المناقض للثوابت الشرعية في الدين. وأكد الدكتور الأنصاري، رحمة الله عليه، أنه رغم الانهيار التنظيمي للشبيبة الإسلامية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وتمزقه إلى شظايا تنشط هنا وهناك، فقد ورث بعض الأفراد الصفة المطيعية في تدبير الأمور الحركية في العمل الإسلامي، مضيفا أنه بالنظر إلى أن تلك الشظايا قد أسهمت في تكوين أغلب التنظيمات الإسلامية الناشئة في ما بعد، فإنما نقلت العدوى إلى كثير منها على تفاوت في ما بينها، وكانت سببا في تفريخ العقارب الخضراء داخل الصف الإسلامي. ولم تعد العقلية "المطيعية" خاصة بمن أدرك الشبيبة الإسلامية وتطبع بأخلاقها فحسب، بل صارت صفة تتجلى، بعد ذلك، في كل من سار على المنهج نفسه من الأجيال الناشئة في الحركة الإسلامية. واعتبر الكاتب أن التضخم السياسي، الذي رسخته العقلية المطيعية في "حركة التوحيد والإصلاح" وآل في النهاية إلى التجسد في صورة "حزب العدالة والتنمية"، كان أحد الأسباب الرئيسية في إفشال الوحدة الداخلية للحركة، التي دشنتها مجموعة من الجمعيات الإسلامية بالمغرب ذات الخفيات الاجتهادية المختلفة. واعتبر أن التضخم السياسي لحركة التوحيد والإصلاح والانتفاخ السرطاني لحزب العدالة والتنمية، الذي باء بإثمه التيار المطيعي، والتهجير الجماعي للشباب من الحركة إلى الحزب وعوامل أخرى، أدت إلى الموت السريع للعمل التربوي، وانهيار كل الوظائف الأساسية لحركة التوحيد والإصلاح المقررة في أدبياتها الإجماعية المتمثلة في الأركان الوظيفية الثلاث "الدعوة والتربية والتكوين"، فصارت اللجن المختصة بها لا تجد مخاطبا في الحركة ولا خارجها، إذ لم تعد لها القدرة النفسية على مخاطبة العموم بشيء من ذلك، فآلت ملفاتها إلى رفوف الإهمال، فلا دعوة، بعد، في الحركة ولا تربية و لا تكوين. وفي غياب الغطاء التربوي والخطاب الإيماني، وتمرد كثير من الأعضاء، فسد دين بعض العاملين في الصف الإسلامي، وانتشرت العقارب الخضراء في كل جهة وقطاع، حتى صارت مواعد اجتماع بعض المؤسسات الحركية، مثل مجلس الشورى أو الجمع العام أو جموع القطاع الطلابي، مناسبات لإشعال حرب الكلام واحتطاب الآثام. وعندما تحركت عجلة الاستحقاقات السياسية بالمغرب، غرق حزب العدالة والتنمية فيها إلى أذنيه، وغرقت معه كل الطاقات العاملة في الحركة، التي لم يبق من هياكلها في الوجود إلا الأسماء.

عقارب خضراء داخل الصف الإسلامي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السرعة تقتل

نقط لفهم ما جرى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات