أسواق الجملة… مغارة علي بابا

فضاءات كبرى يحكمها الريع والمضاربون وتفتقد شروط الشفافية والمراقبة أعاد ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، سؤال الاختلالات التي تعرفها منظومة أسواق الجملة، وهيمنة الوسطاء والمضاربين، على سلاسل التسويق المختلفة، إلى الواجهة، بسبب مساهمتها في إشعال لهيب الأسعار، التي يكتوي بنيرانها الفلاح المنتج والمستهلك على حد سواء. ونبه تقرير خاص للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى اختلالات أسواق الجملة، مطالبا السلطات المعنية بإعادة النظر في تدبيرها، وتغيير القانون المنظم لها، واسـتبدال نظـام الريـع بنظـام عصري مفتـوح أمام المنافسـة. الغلاء يعري اختلالات التسويق قانون منظم متجاوز يكرس الريع ويعمق الهشاشة وسوء التدبير وهدر المال العام يجمع المتتبعون لمنظومة تسويق الخضر والفواكه، على وجود اختلالات عميقة في مختلف سلاسل التسويق، بدءا من الضيعات، مرورا بالأسواق الجملة، وصولا إلى البائع بالتقسيط، سواء في الأسواق المعتمدة أو في المساحات الكبرى، أو لدى الباعة المنتشرين في الأزقة والشوارع، في ما يسمى أسواق القرب. وفي الوقت الذي كان من المفروض أن تلعب أسواق الجملة دورها باعتبارها المنصة التي تمكن من تزويد الباعة والتجار بكل الخضر والفواكه التي ينتجها الفلاحون في الحقول، في ضبط السوق، وضمان توفره على المنتوجات التي يطلبها المستهلك في كل الأوقات، تحولت هذه الأسواق، بسبب سوء التدبير والفوضى، التي باتت تعيشها، إلى فضاء للفوضى والتهرب من أداء الواجبات الضريبية، وانتعاش للمضاربة، في غياب أي دور للسلطات أو الجماعات المحلية، التي تشرف على تدبيرها. ومن بين المشاكل التي تعتري تدبير الأسواق، النظام المؤطر لاشتغالها، والذي يتمثل في مرسوم خاص بتحديد مهام وكلاء أسواق الجملة، والذي يمنح لوزير الداخلية أو نائبه مهمة تعيين وكلاء أسواق الجملة للفواكه والخضر وأسواق السمك بالجماعات الحضرية. وحدد وزير الداخلية، بموجب قرار الشروط الخاصة بكناش التحملات المعتبرة بمثابة قانون أساسي للوكلاء ونظام لأسواق الجملة، كما حدد الشروط المؤهلة لشغل منصب الوكيل، ومسطرة التعيين ومدة الوكالة ومقدار الأداء المرخص به وكيفيات تسديد أجرة الوكيل والقواعد المطبقة على استغلال سوق الجملة والمراقبة الإدارية والعقوبات الإدارية. وتوزع المناصب الشاغرة إنصافا بين المقاومين والقطاع الحر، كما تخصص المناصب المحتفظ بها للصنف الأول، إما بالمكتب الوطني للمقاومين، الذي يتولى توزيعها بين أعضائه، وإما مباشرة بالمقاومين الذين يعينهم المكتب، ويتعين أن تتوفر فيهم وأولئك شروط الأهلية المنصوص عليها في القرار الوزاري. وعمق النظام المعمول به في تدبير أسواق الجملة ممارسات الريع والفساد والمحسوبية، وساهم في إشاعة كل الممارسات المخلة من مضاربة واحتكار، والتي سبق لتقارير المجلس الأعلى للحسابات رصدها، في مناسبات عديدة، وأوصى بإعادة دراسة جدوى الامتيازات والمنافع المخولة، خاصة ما يتعلق بنظام الوكلاء، وتشجيع الحلول ذات القيمة المضافة، التي تتيح رفع جاذبية الأسواق عبر تحسين الخدمات، بهدف رفع مداخيلها في علاقة مباشرة مع أرقام المعاملات الفعلية. كما أوصى المجلس بإرساء نظام للرقابة ينخرط فيه جميع المتدخلين ذوو الصلة، بما يتيح ضبط السلع والمعاملات والأسعار داخل وخارج الأسواق، والحد من ظاهرة الأسواق غير النظامية بحلول عملية ومتفق بشأنها، وإيجاد صيغة توافقية للمتاجر والأسواق الكبرى، التي لا تتزود عن طريق أسواق الجملة. وأكد تقرير المجلس الأعلى أن الأسواق تواجه عدة معيقات تحد من أدائها ومن القيام بالدور المنوط بها، والمرتبطة، في مقام أول، في أن بعض مقتضيات الترسانة القانونية ذات الصلة، والتي يعود بعضها لستينات القرن الماضي، أصبحت متجاوزة، خصوصا في ما يتعلق بإلزامية ولوج الخضر والفواكه عبر الأسواق، والاستمرار في العمل بنظام الوكلاء والمقتضيات المتعلقة بالأداء. وتتحمل الجماعات المحلية والوكلاء المسؤولية في تراجع المراقبة داخل الأسواق، وعدم ضبط الكميات المتداولة وأثمان الخضر والفواكه، ورداءة الخدمات، بالإضافة إلى احتلال الفضاءات وغياب النظام داخل وخارج الأسواق، كما أضحت البنية التحتية لأسواق الجملة متهالكة مع انعدام معايير النظافة. كما أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقرير سابق، ضرورة الإسراع بإصلاح أسـواق الجملـة، واسـتبدال نظـام الريـع، بنظـام مفتـوح أمـام المنافسـة، وجعـل الولـوج لتدبير المرفق العمومي مشروطا باحتـرام دفتـر تحمـلات، في إطـار مقاربـة شـاملة تسـاهم فيهـا مختلـف الأطـراف الفاعلـة، من حكومة ومهنيـين، ومجالس جهـات وجماعـات، وقطـاع الخـاص، مع ضرورة اعتمــاد قانــون جديــد لتنظيم تلك الأسـواق، وفق معايير الشفافية والتدبير العصري، بما يمكنها من لعب دورها كاملا في ضبط وتموين السوق. اقتراح إيقاف العمل بالنظام الحالي اقترح مرصد العمل الحكومي إيقاف العمل بالنظام الحالي لأسواق الجملة بالمغرب، لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الأساسية، والتي يؤطرها نص قانوني يعود إلى 1962. وأوصى المرصد بتجنيب المستهلكين أداء الهوامش الربحية الريعية. كما دعا إلى فرض قواعد مؤقتة تلغي المكوس والإتاوات الحالية، مؤكدا على ضرورة الإصلاح الشامل للنظام القانوني لأسواق الجملة، الذي يعود إلى 1962، بمعايير حديثة وبدفاتر تحملات واضحة، تلغي أي إمكانية لاستمرار الريع المشكل للنظام الحالي. واقترح المرصد إنشاء مؤسسة وطنية للتسويق تمكن المنتجين والمستهلكين، من التوفر على معروض يستجيب للطلب الحقيقي دون الدخول في سلسلة المضاربات وهوامش الربح الريعية. كما دعا إلى إعادة النظر بشكل كامل في المنظومة، وذلك بهدف التقليل من الوسطاء والمحتكرين والمضاربين بين الفلاح والمستهلك. برحو بوزياني

أسواق الجملة… مغارة علي بابا

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عصابة تتربص بممثلات مغربيات

التحقيق مع أعضاء بجماعة تاونات

مقالات ذات صلة