الكتانـي : الاضطـراب النفسـي درجـات

طبيب الأمراض النفسية والعصبية أوضح أن الاضطرابات مرتبطة بالأحداث اليومية ولا تصل درجة الحمق قال الدكتور سعيد الشريف الكتاني، طبيب اختصاصي في الأمراض النفسية والعصبية، إن الأرقام التي تقول إن 50 في المائة من المغاربة يعانون اضطرابات نفسية ليست أمرا مبالغا فيه، مشيرا إلى أن الاضطرابات النفسية مرتبطة بجميع الأشخاص، وتظهر حسب الظروف التي يعيشها الشخص. وأوضح الدكتور الكتاني في حوار مع «الصباح»، الفرق بين الاضطراب النفسي الذي يكون بسبب قلة النوم أو للانزعاج من سلوك ما أو مرتبطا بوقائع وأحداث تصادف الإنسان في حياته اليومية، وبين المرض العقلي الذي يكون فيه الشخص المعني عرضة للتهيؤات ويبدأ في تخيل أشياء غير موجودة في الواقع ويدخل في الهذيان ويفقد السيطرة على أعصابه. في ما يلي تفاصيل الحوار : < في ما يخص هذه الأرقام لا أظن أنها مبالغ فيها، ولكن يمكن أن تختلف حسب التعريف الذي نمنحه للاضطراب النفسي، فذلك الوعاء التعريفي يكون حسب الحجم الذي نمنحه، والذي يمكن أن يتسع لأكثر أو أقل. وبصفة عامة يمكن القول إن الاضطرابات النفسية هي مرتبطة بجميع الأشخاص، وتظهر حسب الظروف التي يعيشها الشخص، إذ ليس هناك إنسان مرتاح نفسيا بنسبة مائة في المائة في جميع الأوقات، إذ لا بد أن تكون هناك لحظات أو مدة زمنية معينة في وضع نفسي غير جيد. < يمكن التأكيد على أن أسباب الاضطرابات النفسية لدى المغاربة متعددة، وتكون رد فعل على الأحداث التي يعيشها أو يصادفها في حياته اليومية، من بينها تداعيات البطالة وغلاء الأسعار أمام ضعف الموارد المالية وأزمة التنقل التي تتوزع ما بين الاختناق المروري أو صعوبة إيجاد وسيلة نقل في المستوى المطلوب من وسائل النقل الحضري من حافلات وسيارات الأجرة، أو التعرض لمواقف مربكة كالتحرش أو السرقة أو الاعتداءات من قبل أشخاص آخرين وغيرها من الوقائع. وهناك الاضطرابات النفسية التي لها علاقة بما هو بنيوي، أي البنية النفسية التي تختلف من شخص لآخر كما هو الحال بالنسبة إلى اختلاف البنية الجسمانية للإنسان، إذ هناك البنية النفسية التي يزداد بها الشخص عند حلوله بهذه الدنيا، أو العامل الوراثي، فهناك من الأشخاص من يتميزون ببنية نفسية أكثر هشاشة وأكثر عرضة للاضطرابات من الآخرين، في حين هناك ما هو مكتسب نعيش على إيقاعه أو ما نصطدم به في حياتنا اليومية. ولهذا يمكن القول إن عوامل الاضطرابات النفسية متعددة، إذ حينما تكون هناك صدمات كبيرة نتعرض لها في هذه الحياة، من بينها فقدان شخص عزيز في ظروف مباغتة أو مأساوية، أو التعرض لظلم شديد أو صعوبات قاهرة في الحياة، فإن تلك الوقائع تكون لها انعكاسات نفسية على حالة الشخص المعني، وهو ما يتحول إلى رد فعل من خلال ظهور اضطرابات أو أمراض نفسية. < في الحقيقة السؤال الذي يتمحور حول ما إن كان الشخص المعني بهذه الاضطرابات أحمق أم لا، هو سؤال مهم يطرح كثيرا لدى عامة الناس إلى درجة الخلط بين الحالات. ولهذا لا بد من التوضيح بأن الاضطراب النفسي يتضمن درجات متفاوتة، فهناك الاضطرابات البسيطة التي يكون فيها الشخص غير مرتاح بسبب قلة النوم أو للانزعاج من سلوك ما أو لا يجد راحته في مكان أو فضاء معين، أو لا يشعر بالفرح والأمان في هذه الحياة، حيث يكون أسيرا للخوف والشك في عدة أشياء. وهناك الإنسان الذي يكون عرضة للتهيؤات ويبدأ في تخيل أشياء غير موجودة في الواقع ويدخل في الهذيان ويفقد السيطرة على أعصابه، وهو الهذيان الذي يمكن أن يتطور ويترجم إلى سلوكات وتصرفات عدوانية لا يفهمها الأسوياء الذين لا يستطيعون استيعاب ما يدور في مخيلته وتهيؤاته غير المرئية. ويمكن القول إن هذه الحالات التي يتم فيها فقدان التحكم في العقل والقيام بردود أفعال غير سوية، تسمى حالة مرضية عقلية، وهي أمراض تتوزع ما بين النفسي والعقلي وتتضمن عددا من الأشياء. وخلاصة القول إن الاضطرابات النفسية العادية الناتجة عن الضغط اليومي وصعوبات الحياة لا علاقة لها بالحمق. < صحيح أن هذا التخوف نابع من أفكار مغلوطة وأحكام قيمة مبنية على الجهل بالمفاهيم التي تفرق بين الاضطرابات النفسية العادية وبين الخلل العقلي الذي يترجم إلى الحمق وفقدان التحكم في السلوكات والتصرفات. ولكن رغم ذلك يمكن القول إن العقلية لدى المجتمع المغربي تغيرت، والناس بدؤوا يستوعبون المفاهيم المرتبطة بالاضطرابات النفسية وهو ما يجعلهم يتقبلون فكرة التوجه إلى الطبيب المختص في الأمراض النفسية والعصبية، بل أضحى هناك إقبال كبير على عيادات الأطباء النفسيين للخضوع للفحص الطبي لتشخيص الحالة أو حصص علاجية لعلاج أعراض القلق النفسي. ومرد هذا الإقبال يعود إلى حقيقة أن مكونات المجتمع تعاني فعلا اضطرابات وتسعى للحصول على العلاج المناسب، حتى تتخلص من ذلك المشكل الذي يعرقل عيشها حياتها اليومية بشكل عاد. واليوم هناك وعي كبير لدى عامة الناس، يسير في الاتجاه الصحيح، ومرد ذلك إلى الدور الكبير الذي تلعبه مختلف وسائل الصحافة والإعلام في التوعية والتثقيف، وكذا الندوات والمؤتمرات المنظمة من قبل أطر تربوية وطبية، والتي تتطرق إلى هذا الموضوع من أجل تصحيح المفاهيم بأن الاضطراب النفسي هو مسألة عادية يمكن أن يتعرض لها الإنسان، كما الحال إلى الإصابات المرتبطة بوعكة صحية أو إصابات جسدية، وهي الحالة المرضية التي تستدعي عرض الشخص المضطرب لدى الطبيب المختص للحصول على العلاج المناسب وفي الوقت الأنسب. أجرى الحوار: محمد بها

الكتانـي : الاضطـراب النفسـي درجـات

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غلاء الأسعار يفاقم الوضع

مبادرة إنسانية لفائدة مهاجرين بالبيضاء

مقالات ذات صلة