أطبـاء فـي أحضـان الجريمـة

من جنح الإجهاض والتزوير إلى جنايات اختطاف الرضع والاتجار بالبشر يقبع أطباء في السجون، ليس بفعل أخطاء مهنية سقطوا فيها، بل نتيجة جرائم مختلفة، تنتمي إلى ما يطلق عليه الحق العام، ارتكبوها عن قصد، وتوبعوا بسببها في حالة اعتقال، وبعضهم أدين من أجلها. ولعل المجتمع لا يستسيغ سقوط الطبيب في مثل هذه الجرائم، إذ أن مهنته الشريفة ترفعه فوق كل الشبهات، لكن واقع الحال، أثبت نوازل تحول فيها أطباء إلى مجرمين، وتورطوا في قضايا من قبيل الارتشاء والاستيلاء على عقارات الأجانب، والتزوير، سيما الشهادات الطبية، للزج بالأبرياء في السجن، أو اختطاف رضيع، التي أدين من أجلها طبيب بمراكش، ناهيك عن جناية الاتجار في البشر التي تدور أطوارها بالبيضاء، وانتهى قاضي التحقيق من إجراء الأبحاث التفصيلية فيها. في الملف التالي نستعرض جرائم طفت على سطح الأحداث بمختلف المدن، وتورط فيها أطباء، لم يشفع لهم قسم أبي بقراط في تجنبها، بعد وقوعهم في المحظور، وتلطيخهم سجلهم القضائي. المصطفى صفر جناة وسط فضائح الشهادات المزورة أحدهم منحها لأشخاص في عداد الموتى وآخرون سلموا شهادات عجز خيالية تتفجر بطنجة ومدن الشمال عامة، بين الفينة والأخرى، فضائح مدوية تتعلق بإنشاء شهادات طبية مخالفة للحقيقة بغرض تضليل العدالة، تجر مرتكبيها إلى ردهات المحاكم، بعضها ينتهي التحقيق فيها باتخاذ قرار حفظ القضية أو الشكوى لصعوبة الإثبات، وبعضها الآخر صدرت فيها أحكام سالبة للحرية وغرامات مالية متفاوتة ضد المتورطين، وذلك طبقا للفصل 364 من القانون الجنائي، الذي يحمل المسؤولية الجنائية لكل طبيب صدر عنه، خلال مزاولته لمهنته، إقرار أو بيانات كاذبة عن مرض أو حابى شخصا وقدم له إقرارا كاذبا بشأن العجز. ومن قضايا المحاكم حكاية طبيب يعمل بمستشفى محمد الخامس بطنجة، الذي سقط في فخ الشهادات الطبية، حين وجد نفسه أمام النيابة العامة في مواجهة تهمة التزوير، بعد أن نصب نفسه طرفا في نزاع بين زوجين في حال خصام، ومنح للطرفين شهادتين طبيتين يطغى عليهما طابع المجاملة، وحدد مدة عجز لكل منهما تتراوح بين 25 يوما و30 بناء على وقائع غير صحيحة وكاذبة، من أجل ربح أحكام قضائية. الطبيب المعني، سلم للزوجة شهادة طبية مدة عجز فيها تصل 30 يوما، وقد أرفقتها الزوجة بشكاية قدمتها ضد زوجها، تتهمه فيها بالاعتداء عليها بالضرب والجرح، وهو ما يستدعي، حسب القوانين الجاري بها العمل، اعتقال المعتدي وتقديمه أمام العدالة. الزوج وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه، وأخذ يفكر في حيلة للخروج من الورطة التي وضعه فيها الطبيب بتسليمه شهادة طبية لزوجته تتضمن بيانات كاذبة، فلجأ إلى الطبيب نفسه، وتمكن من الحصول على شهادة طبية موقعة باسمه وخاتمه، تثبت عجزه لمدة تصل إلى 25 يوما رغم أنه لم يتعرض لأي اعتداء يذكر. وكانت هذه الشهادة الطبية، التي قدمها الزوج أمام النيابة العامة للدفاع عن نفسه، بمثابة طعن في شهادة الزوجة المشتكية، التي صرحت بأنها تعرضت للضرب، سيما بعد أن مثل الزوج أمام النيابة في حالة صحية جيدة عكس ما هو مثبت بالشهادة الطبية، ليتبين أن الطبيب قدم شهادتين مزورتين في القضية ذاتها من أجل المجاملة، فأمر وكيل الملك لدى ابتدائية المدينة مصالح الأمن بالاستماع إلى الطبيب المعني في محضر رسمي، ومتابعته في حالة سراح من أجل تهم تتعلق بالارتشاء والتزوير. كما شهدت القصر الكبير، قضية مشابهة تورط فيه رئيس قسم المستعجلات بالمستشفى المحلي بالمدينة، الذي أوقعته مواطنة في فخ الرشوة، بعدما نصبت له كمينا تحت إشراف المصالح الأمنية، وضبط متلبسا بتسلمه أوراقا نقدية بقيمة 500 درهم، سبق تسجيل أرقامها التسلسلية من قبل النيابة العامة، ومنحه مقابل ذلك شهادة طبية مدة العجز فيها تصل إلى 40 يوما، ليتم اعتقاله والحكم عليه بأربعة أشهر حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها ألف درهم. وأوقعت المواطنة الطبيب في فخ الرشوة، بعد أن تقدمت جارتها بشكاية ضدها معززة بشهادة طبية مسلمة من قبل الطبيب نفسه، مدة العجز فيها 22 يوما، ما دفع بالمعنية إلى توثيق عملية الرشوة، رد فعل في مواجهة الطبيب الذي اعتبرته مسؤولا عن متابعتها، بدعوى أنه سلم شهادة مزورة ضدها. وغير بعيد عن طنجة، شهدت تطوان، عدة قضايا مشابهة عرضت على القضاء وصدرت في حق المتورطين فيها أحكام وغرامات متفاوتة، ومن بينها قضية طبيب يعمل بمستشفى سانية الرمل بالمدينة، الذي كان بطلا لفضائح مثيرة بتسليمه شهادات طبية مزورة لأشخاص هم في عداد الموتى، تمكن بواسطتها أشخاص آخرون من إبرام عقود للبيع والشراء وعقود الزواج، بالإضافة إلى منحه شهادات عجز خيالية تصل بعضها إلى 120 يوما، حيث أدانته الغرفة التلبسية الابتدائية بشهرين حبسا موقوف التنفيذ، إضافة إلى تغريمه 1500 درهم. المختار الرمشي (طنجة)

أطبـاء فـي أحضـان الجريمـة

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طنجة ينتخب رئيسا في 20 دقيقة

يقلبون الحقائق

مقالات ذات صلة