“وزيعة” العالم القروي

جمعيات تشتغل في الانتخابات وتستفيد من الدعم ومحاسبتها آخر هم السياسيين كيف ما كان فساد المدن يبقى قزما أمام فضائح العالم القروي، البعيد عن المركز وعن عدسات الكاميرات، وهو ما وجدت فيه الجمعيات بيئة خصبة للتكاثر وبسط السيطرة، إلى درجة أن بعضها يتحكم في الموارد المائية للسكان، بتحالف مع رؤساء الجماعات، رغم رداءة الخدمات، ووجود شبهات فساد في مالية هذه الجمعيات. وفي هذا السياق، يقول عمر أوزياد، ناشط اجتماعي بإقليم أزيلال، إن هناك جمعيات جادة ونشيطة، تقوم بأنشطة مهمة، ولكن عددها قليل، والتي لا تحصل على الدعم من الجماعات، ومنها التي تستفيد من النزر القليل. وأما أغلب الجمعيات بالإقليم، حسب أزياد، "فنجدها تستنزف المال العام، بشكل مبالغ فيه، إذ تحصل على الدعم بالملايين، وبالمقابل لا تجد لها أثرا في الواقع نهائيا، وأحيانا تجد هذه الجمعيات تعيد الأنشطة نفسها، وتشتغل بدورها بشكل موسمي، لأن جلها تابع للسياسيين والمنتخبين، خاصة أنها تظهر في الحملات الانتخابية، وتساهم في توجيه الناخبين بطريقتها لخدمة حزب معين". ويضيف الخبير في شؤون العالم القروي، أن هناك نوعية ثالثة من هذه الجمعيات، التي تحصل بدورها على الدعم، وتقوم بممارسات تسيء للوطن، لأن بعضها يقوم بجمع الملابس البالية والمستعملة من السكان، من أجل توزيعها على الفقراء، مبرزا أنها لا تقف عند هذا الحد، بل تنشر الصور على مختلف المنصات، لهذه الأنشطة البئيسة، حسب قوله. وأشار أزياد إلى وجوب "فتح تحقيق قضائي مع هذه الفئة بالضبط، لأنها في الفترة الأخيرة زرعت بعض الأفكار والمبادئ الغريبة على المنطقة، إذ علموا الناس التسول، وأصبح الجميع متسولا، وهذا يسيء للسكان"، موضحا أنه رغم وجود مجهود تنموي نسبيا، إلا أن هؤلاء يتاجرون بالمعاناة، والتي تستغل من قبل أعداء الوطن، وبعض "المعارضين" خارج الوطن، لأن الجمعيات تصور الناس على أنهم فقراء وضعفاء، والواقع أن الإقليم لا يسكنه فقراء فقط، بل يستعملون نسبة الفقراء الموجودة ورقة للكسب وتلقي المساعدات. ويقول أزياد أنه من الضروري أن "نشير أيضا إلى نوعية أخرى من الجمعيات تشتغل في مجال محاربة الأمية، وتتلقى ملايين من الدعم، غير أن أثرها في الواقع منعدم، وأعطي مثالا بإحدى الجمعيات، التي نظمت نشاطا لتوزيع شهادات محاربة الأمية لعدد من النساء، وكان مسؤول كبير من بين موزعي الجوائز، وخطر على باله أن يسأل إحداهن أن تقرأ له ما هو مكتوب في الشهادة، وتبين في الأخير أن المرأة عاجزة عن القراءة، وأن مجموعة من الأسماء وهمية، وتستغل فقط للحصول على الدعم". ولا يمكن الحديث عن الجمعيات في العالم القروي، دون ذكر تلك التي تسير مشاريع تزويد السكان بالماء الصالح للشرب، وفقا لأزياد، ففي ظل عجز الجماعات على القيام بهذه الخدمة، نجد أن كل دوار يفوت لجمعية. ورغم أن السكان يشكون رداءة الخدمات، إلا أن لا أحد يهتم، مبرزا أن هناك نموذج لجمعية لم يجدد مكتبها 6 سنوات، وهناك مستشارون جماعيون صرحوا بأن تلك الأموال التي تستخلصها الجمعيات من السكان، لا توضع في حساب الجمعية، وهو ما يخدم السياسيين، لأنهم يستفيدون من هذه الجمعيات، مقابل غض الطرف عنها، وتركها تجمع الأموال من السكان، فقط لأنها موالية لرئيس معين، حسب الخبير نفسه دائما. ونبه المتحدث ذاته، إلى نوع آخر من الجمعيات، إذ قال "أعطي مثالا بإحداها تسيير مأوى للمشردين، والتي تحصل تقريبا على 16 مليون سنتيم سنويا، وبين الفينة والأخرى، يلتقط رئيسها صورا للنزلاء، ولا أعرف لماذا لم تتدخل النيابة العامة لفتح تحقيق، حول التشهير بهذه الفئة، خاصة أنه يترتب عنها مس بأعراض الأسر، إذ يفتح عليها النار لأن الناس يعرفونها، والكثير يتحدث عنها بالسوء في وسائل التواصل الاجتماعي، والغريب أن الرئيس هو من يصور وينشر صور هذه الفئة المغلوب عن أمرها، بحضور سياسيين وممثلي أحزاب". عصام الناصيري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو

قنطرة بـ"أكياس الرمل" بتاونات

"أنا الملك"... الخير والشر في بعد تجريدي

مقالات ذات صلة