ابن رشد… مرفق خارج التغطية

خدمات بطيئة وخصاص في الأطباء والممرضين وممارسات "السكيريتي" تعمق جراح المرضى "ما شفنا من المستعجلات غير السمية أما الواقع حاجة أخرى"، "اللي بغى اتعتق اتسنى يعني تا يفوت الفوت ويموت اللي غايموت"، "هاد المستعجلات راسها خاصها اللي ابطر بيها حيت الحالة ما كتبشرش بالخير"...قد يعتقد قارئ هذه العبارات أو سامعها، أن الأمر يتعلق بأحكام قيمة ضد مرفق عمومي يعد من أكبر الفضاءات الصحية ببلادنا، لكن يكفي القيام بجولة خاطفة للوقوف على حقائق مرعبة يصعب وصف مشاهدها بدقة، سوى بالاكتفاء بذرف دموع، إشفاقا لحال مرضى وجدوا أنفسهم أسرى لانتظار قاتل. وإذا كانت المستعجلات في المرافق الصحية تحيل على معنى واحد ووحيد، ألا وهو تقديم الإسعافات والعلاجات الضرورية للمرتفقين، خاصة أولئك الذين يكونون في حالات تستوجب سرعة التدخل لتفادي وقوع مضاعفات تؤدي بصاحبها إلى مفارقة الحياة، فإن مستعجلات ابن رشد بالعاصمة الاقتصادية الذي يعد أكبر مرفق في المغرب ويستقبل أفواجا من المرتفقين، مازال خارج التغطية، ما أدى به إلى التخلف عن تقديم الخدمات المنوطة به. "فوق طاقتك لا تلام" من بين المبررات التي أصبحت لازمة يرددها عدد من الأطقم الطبية والتمريضية كلما تعرضوا للعتاب والاحتجاج من قبل المرضى أو مرافقيهم الذين سئموا من طول الانتظار ليحين موعد استفادتهم من إسعافات مستعجلة، إذ كلما شرع المحتج في مطالبة الممرض أو الطبيب بالقيام باللازم لإسعاف قريبه الذي يعتصر ألما جراء حادثة سير خطيرة أو إصابة ناتجة عن حادث عرضي أو اعتداء جسدي أو مغص معوي ناتج عن تسمم، يُقابل بجواب مفاده "راني معذور ماعندي ماندير ليك، راك كتشوف فيا داير كثر من جهدي، راه البشر كثر من الأطباء والممرضين". زائر قسم المستعجلات، من الأصحاء لا بد له أن يعود إلى بيته مريضا منهك القوى محطم النفسية، كيف لا وهو عاش مشاهد رعب حقيقية، فهذا رجل فوق سرير متحرك ينتظر دوره في الفحص وكأنه ينتظر الموت، وهو يتنفس بصعوبة كبيرة، وغير بعيد منه سريران لحالات تلتحف بطانيات، وشباب يصرخ "عتقوني راني كنموت" ونسوة يبكين فلذات أكبادهن الذين كانوا يضعون رؤوسهم على صدر أمهاتهن في انتظار "موعد الفحص والإسعاف" اللذين قد يستغرقان وقتا طويلا يقدر بالساعات، دون الحديث عن حالات أخرى بضمادات على رؤوسها أو أيديها أو أرجلها، وكراس متحركة لمرضى لا يطمعون في شيء سوى الخروج من هذا المرفق وهم على قيد الحياة بعدما عاينوا صراخ مرتفقين يبكون وفاة أحد أقربائهم الذي وافته المنية داخل قاعة العناية المركزة بعد أن فات الأوان. "السكيريتي"...حراس برتبة إداريين وأطباء إذا كانت مهنة الحراسة الخاصة تتمثل في أن صاحبها مكلف بكل ما يتعلق بالجوانب الأمنية فقط، حماية للمرتفقين والأطباء والممرضين والعاملين، من انفلاتات قد تعرقل السير العادي للمؤسسة الصحية، فإنه بمستعجلات ابن رشد، يتمتع "السيكيريتي" بامتيازات خاصة، تجعله حارسا برتبة إداري وطبيب. وللتأكد من هذا الأمر، يكفي القيام بزيارة إلى الفضاء الصحي وباقي الفضاءات الأخرى بالعاصمة الاقتصادية وغيرها من المدن والأقاليم، لمعاينة كيف تحول حارس الأمن الخاص من مستخدم لتأمين المكان إلى الآمر الناهي به، حيث يمكن له منع فلان وترك علان يدخل، بل يتم التدخل في اختصاصات التوجيه التي تتعلق بمواعيد الفحص ونوعية التخصصات التي يمكن للمريض الاستفادة منها ومنع الشخص الذي لم يرقه من الدخول إلى الطبيب المختص بمبررات واهية، دون نسيان كيف يتحول "السكيريتي" إلى مساعد لسائقي سيارات الإسعاف وقيامه بأدوار "السخرة"، طمعا في الحصول على دريهمات معدودة من قبل أهالي المريض، شكرا على صنيعه. محمد بها

ابن رشد… مرفق خارج التغطية

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سقوط سارق أسلاك نحاسية ببني ملال

طنجة... معاناة بلا حدود

مقالات ذات صلة