غموض وفوضى وأساليب عتيقة للعمل والتواصل تهدد مشروع التغطية الصحية ومهنيون غاضبون "ما بقينا فاهمين والو، كثرو علينا الوراق والكودات والطبيع والبونات وسير واجي"، يكتب قريب مريض على صفحته في "فيسبوك"، وتنهال عليه الإيموجينات وعلامات التأييد والتعليقات، أقواها من ممرضين وتقنيين وإداريين بمستشفيات عمومية، قالوا "ماشي غير نتا للي مفاهم والو، حنا للي خدامين في السبيطار توضرنا مع هادي شي". يلتحق مهنيون آخرون بالنقاش الافتراضي نفسه، ويؤكدون أن مصالح استقبال حاملي بطاقة "راميد" تعرف اكتظاظا غير مسبوق، سواء في أقسام المستعجلات، أو المصالح التخصصات الطبية، أو في الإدارات، حيث يتجمهر مواطنون لطلب معلومات إضافية، أو فهم مساطر وإجراءات لم يكن معمولا بها في السابق. تصعد التدوينة بسرعة في سلم "تريند"، وتستقطب مزيدا من "ضحايا" الانتقال العسير بين نظام المساعدة الطبية (راميد)، ونظام آخر مختلف، يسمح للمريض، نظريا، بالاستفادة من العلاج والتطبيب والأدوية في جميع المؤسسات العمومية والمصحات الخاصة. "المشكل ماشي في الهضرة والنوايا، وفي التصاور والإشهارات والبوزات، المشكل واش الميساج واصل اليوم للناس المعنيين، وأغلبهم من كبار السن دون تعليم، أو ماواصلش"، يعلق مواطن بغضب، مسترسلا في تعليق آخر "أنا يالله خارج من السبيطار أنا والوليدة، من الصباح وهما كيديو ويجيبو فينا، بلا فايدة، حتى عيينا ومشينا فحالنا". المواطنون يطالبون فقط بحقهم في الفهم والتواصل الجيد ومصالح استقبال ومرافقة وتتبع في المستشفيات العمومية والمصحات، خصوصا في هذه المرحلة الأولى التي لم يستوعب فيها أغلب حاملي بطاقة "راميد" طبيعة المشروع من أساسه، حتى أن بعضهم تمنى عودة الراحل صلاح الدين الغماري من قبره، حتى يتمكنوا من استيعاب الإجراءات الجديدة بجمل بسيطة ودارجة يفهمها الجميع. خارج صفحات التواصل الاجتماعي، تبدو الصورة أكثر قتامة، إذ تسير مصالح استقبال مرضى "راميد" بالمؤسسات العمومية بإيقاع بطيء، بسبب الإجراءات الجديدة التي وضعتها إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للتأكد من تواريخ البطائق والشروط التي ينبغي أن تتوفر في أصحابها حتى يتمكنوا من الولوج الأوتوماتيكي لنظام "أمو"، أو العكس. ينطلق العمل بمصالح "راميد" في الثامنة صباحا، إذ تشرف مجموعات من التقنيين على استقبال المرضى وإدخال المعطيات في أنظمة معلوماتية، ومقارنة المعطيات الموجودة في البطاقة مع المعطيات الموجودة في قاعدة البيانات. ويحصل صاحب البطاقة، في حال نجاح عملية الانتقال الأوتوماتيكي (حق مفتوح)، على نسختين من ورقة واحدة لنظام "أمو"، يطلب منه إرفاق نسخة منهما ببطاقة راميد، وأخرى بورقة الكشف الطبي، مع وجوب الإدلاء بهذه الوثائق إلى مصلحة العلاج المعنية التي تعد ملفا بهذا الأمر. أما في الحالة التي يرفض فيها النظام المعلوماتي قبول المعلومات الخاصة بالمريض، فتظهر خانة "حق مغلق"، التي تعني أن صاحب البطاقة لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة، إذ يحصل، فقط، على تأشيرة خاصة بـ"راميد" التي تضمن له العلاج وفق النظام السابق. ولا يسمح للفئة الثانية بحق الانتقال إلى النظام الجديد والاستفادة من امتيازاته، إلا بعد تسوية الملف الإداري لدى السلطات العمومية، ووضع طلب للتسجيل في السجل الاجتماعي، وقبله السجل العام للسكان، للتأكد من توفر المعايير المخولة للاستفادة من مشروع الحماية الاجتماعية. يوسف الساكت