إضراب المحامين… أهداف مبطنة

عقلاؤهم عجزوا عن إقناع المضربين بوقف سياسة التصعيد عزم مع سبق إصرار على شل المحاكم وتضييع حقوق المتقاضين لم يقتنع المحامون بأي وصفة من الوصفات التي قدمت إليهم في اجتماعات رسمية جمعتهم مع مسؤولين حكوميين لوقف الإضراب عن العمل، كما لم تقنعهم حتى التوافقات التي وردت في اجتماع نقبائهم برئيس الحكومة ووزيري العدل والميزانية، وصعدوا من احتجاجهم ومقاطعتهم للجلسات، وتمادوا في ضرب مصالح المتقاضين عرض الحائط. ورغم تدخل عقلاء المحامين، في اجتماع استثنائي، عقد مطلع الأسبوع الجاري، خصص لقدماء المحامين فقط، وتم الاستماع إلى دفوعاتهم المنطقية والعقلانية، أكدوا عدم مشروعية الإضراب ومخالفته لقانون المهنة ولأنه يمس بحقوق المتقاضين، ناهيك عن أن القانون المنظم للمهنة لا يعطي الحق لمجلس الهيأة لاتخاذ قرار الإضراب، إلا أن ما طبع تدخلات المحامين، خاصة منهم الشباب، في اجتماع لاحق، أنها كانت مخالفة للتوجه وتشبثت بالتصعيد ومواصلة التأجيج الذي يزكيه بعض المحسوبين على جماعة العدل والإحسان المحظورة. من جهته، خرج مصطفى الرميد، وزير العدل الأسبق، بصفته محاميا، ليدلو بدلوه، في تدوينة تنبأ فيها بما سيتعرض له من هجوم بسبب موقفه. ودعا الرميد نساء ورجال المهنة إلى أن يتحملوا مسؤوليتهم ويؤدوا أمانتهم ويواجهوا بأمانة الحقيقة، ولا يتركوا الأمور تسير إلى أن يقع المحظور...". وقال مضيفا "تأكدوا أن المقاطعة لن تحرك شعرة في رأس مسؤول واحد، وكونوا على يقين أنها لن تضر إلا المحامين والمواطنين الذين وضعوا ثقتهم فيكم". وخاطب المحامين قائلا: "تحملوا مسؤوليتكم وأنقذوا مهنتكم، وتأكدوا أن التاريخ القريب سينصف كل من واجه المحامين الشباب بالحقيقة التي يكرهون سماعها... نعم للتظاهر والاحتجاج في إطار ما يسمح به القانون... نعم لممارسة طعن دستوري... نعم لكل شيء، إلا المقاطعة...". وبدا الإضراب المتواصل للمحامين ومقاطعتهم الجلسات، رفضا مبطنا للحوار، إذ خرج ممثلو المحامين من اجتماع توافقي مع المسؤولين الحكوميين، إلا أنهم انقلبوا على ما تم الاتفاق عليه، بدءا بذريعة توثيق الاتفاقات وانتهاء برفض المقترحات، رغم أنها كانت محل توافق وصدرت بشأنها بلاغات، ما يحول الموضوع إلى عزم مع سبق إصرار على شل المحاكم وتضييع حقوق المتقاضين، أو بالأحرى تصميم على الإضراب، وفق التعنت الذي تختصره المقولة الشعبية "ولو طارت معزة". معتقلون احتياطيا ينتظرون آخر الجلسات لتحديد مصيرهم، يتم تأخير آمالهم في الحرية، ودعاوى متوقفة، وقضايا استعجالية اضطر مواطنون إلى الاستغناء فيها عن محاميهم ومباشرة مساطرها شخصيا، ومحامون أحرجوا مع موكليهم من شركات وبنوك وغيرها من المؤسسات الاقتصادية، ومطلقات تأخرت أحكام نفقاتهن وأولادهن، بسبب مسايرة إيقاع احتجاجات لم تضع لمطالبها سقفا، بل رفضت حتى الأسقف التي حددتها اجتماعات رسمية. سلبيات كثيرة أظهرتها المقاطعة أهمها تعذر وجود مخاطب أو مخاطبين، في مستوى الأحداث ولهم القدرة على الإقناع بالواقع الذي لا مناص منه، في ظل بلد يرتقي نحو دولة المؤسسات ويكون فيه التطلع للحقوق مثل تنفيذ الواجبات. ياسين قطيب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو

التعصيب ... الحق المعلق

الإجهاض... جدل محتدم

مقالات ذات صلة