زهير شرفي يفضح الأطباء

أول من قال "باراكا الخوت... عيقتو" في وجه المصحات قد تنسى وزارة الاقتصاد والمالية كل شيء إلا "حرب الاستئصال" التي شنتها "بعض"الهيآت الممثلة لقطاع الصحة الخاص على أحد رجالاتها في 2019، خلال أشغال المناظرة الوطنية للضرائب، وما بعدها بكثير. ففي حدود العاشرة من صباح 5 ماي من السنة نفسها، تقدم رجل نحيف برأس أصلع اسمه زهير شرفي، الذي كان يشغل منصب الكاتب العام للوزارة، إلى منصة الجلسة العمومية حول المهن الحرة، ووضع نظارته الطبية، وأعاد مراجعة أوراق صغيرة أمامه، ثم رفع رأسه في قاعة تعج بالضيوف وممثلي المنظمات والقطاعات والمؤسسات العمومية والخاصة، ونطق كلمة واحدة بصوت جهوري "كفى". ساد القاعة صمت رهيب، واشرأبت الأعناق من الصفوف الخلفية وأصبح الجميع، في لحظة، ممتطيا صهوة أعصابه، في انتظار ما سيعقب هذا التحذير المبطن الملفوف في كلمة "باسطا". ولم يطل الانتظار طويلا، إذ عاد شرفي إلى أوراقه الصغيرة، وقدم ما اعتبره عناصر لجريمة في حق الخزينة العامة وميزانية الدولة، يقترفها بعض الأطباء والمصحات. قال شرفي إن أغلب المهنيين في القطاع الصحي الخاص يتهربون من أداء ما بذمتهم من ضرائب، ويفتعلون أساليب مختلفة للتنصل من أداء هذا الواجب المالي مرة كل سنة، حسب مجموع مداخليهم وإقراراتهم الجبائية. كما قال إن أجهزة الدولة وضعت جميع الآليات والتسهيلات وطرق أداء مختلفة، دون أن تتمكن من إقناع هؤلاء أن عليهم مستحقات للخزينة ينبغي دفعها. وزاد شرفي من حدة كلامه حين لاحظ أن بعض الأطباء الحاضرين لم يرق لهم كلامه "قد نقبل أن تنقص التصريحات الموجبة للإدارة الضريبية بـ10 في المائة، لكن أن تصل إلى 90 في المائة لا يعقل، كما لا يعقل أن ترفض المصحات الشيك وتطالب الناس بالأداء نقدا والنوار. ماذا يعني ذلك؟ الرشوة، "باراكا"، يجب أن تتحمل الهيآت الممثلة للأطباء مسؤولياتها في إشاعة الأخلاقيات". لم تمر تصريحات الكاتب العام السابق في عهد الوزير بنشعبون مرور الكرام، إذ تحول الرجل إلى حقل للرماية على مدى أيام، وقال فيه بعض الأطباء، ومن يمثلهم من هيآت، ما لم يقله مالك في الخمر، بل هددوا بجرجرته أمام القضاء لتطاوله على المهنة. وعلى مدى شهر تقريبا، تحول رأس زهير شرفي، الأكثر طلبا في المغرب، وانقسم حوله المهنيون والنقابيون والجمعيات والمحامون والقضاة، بين من اعتبرها "ضربة معلم" من قبله قصمت ظهر مصحات خاصة راكمت ملايين الدراهم على مدة سنوات وتحول أصحابها من أعيان القوم، دون أن يؤدوا ما بذمتهم من ضرائب، وبين ما اعتبر ذلك مجرد مزايدات على قطاع يؤدي واجبه في توفير العلاج للمواطنين في ظرفية صعبة. ومرت الأيام، وغادر شرفي منصبه إلى أفق آخر، دون أن تنسى وزارة الاقتصاد والمالية أن هناك دينا على الأطباء يجب دفعه: اقتطاع من المنبع على الخدمات التي يؤديها الأطباء في المصحات، ومراقبة صارمة للمداخيل، ومحاربة لأشكال التملص والأداء بـ"النوار" الذي يفتح مسالك واسعة للتهرب. يوسف الساكت

زهير شرفي يفضح الأطباء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الضريبة... ريع وظلم

العائدات الضريبية ... قصور وعدم وضوح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات