خبراء يناقشون تحديات الرقمنة

تنظيم ندوة دولية بمراكش حول الانتقال الرقمي بين التقنين والمنافسة حظيت الندوة الدولية حول موضوع "الانتقال الرقمي بين التقنين والتنافسية"، التي احتضنتها مراكش ما بين 9 نونبر الجاري و 10 منه، بمشاركة وازنة من قبل مسؤولين وخبراء دوليين ووطنيين في مجالات الرقمنة والتقنين والحكامة. وتناول المشاركون في هذه الندوة الدولية المنظمة من قبل مجلس المنافسة والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ووكالة التنمية الرقمية، بالبحث والتحليل رهانات التطور الهام الذي عرفته التكنولوجيا الرقمية، خلال السنوات الأخيرة على المستوى الدولي، وما يتطلبه من تعاون وتنسيق بين مختلف البلدان من أجل توحيد التشريعات، واعتماد المقتضيات القانونية الملائمة، التي تضمن المنافسة وحقوق المستهلكين والمستثمرين، وتمكن من التصدي الفعال لأي استغلال لهذه التكنولوجيات في الأنشطة غير المشروعة، مثل غسل الأموال وتهريبها وتمويل الإرهاب. إعداد: عبد الواحد كنفاوي / تصوير (عبد الرحمان المختاري) رحو: المنصات الرقمية تشكل تحديا للمقننين رئيس مجلس المنافسة شدد على أهمية تكييف جهاز تدبير المنافسة مع تطورات السوق اعتبر أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة، خلال الكلمة الافتتاحية للندوة الدولية التي احتضنتها مراكش أن النموذج الاقتصادي للمنصات الرقمية يشكل تحديا للمقننين وهيئات المنافسة، معتبرا أن الانتقال الرقمي يمارس تأثيرا عميقا على اشتغال الأسواق، سواء على مستوى العرض أو الطلب. وشدد رئيس مجلس المنافسة على أهمية تكييف جهاز تدبير المنافسة مع تطورات السوق في سياق الانتقال الرقمي، مشيرا إلى أن من شأن تسريع الانتقال الرقمي أن يشجع على تغيير أنماط الإنتاج، وولوج المواطنين إلى الخدمات الأساسية والشمول الاقتصادي والمالي للسكان. وأبرز رحو في كلمته العناية الملكية لقضية التحول الرقمي، مشيرا إلى الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، الذي أكد ضرورة التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتسهيل الولوج إلى العقار، وإلى الطاقات الخضراء، وكذا توفير الدعم المالي لحاملي المشاريع. وأشار رحو إلى أن النموذج التنموي الجديد، يعتبر الانتقال الرقمي بمثابة رافعة للتنمية والتغيير ومحفز للتحولات. جيني: الولوج إلى المعطيات عنصر منافسة رئيس لجنة المنافسة بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أكد ضرورة تقنين الولوج إلى المعطيات أفاد فريديريك جيني، رئيس لجنة المنافسة بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أن هذه المنظمة الدولية تولي اهتماما بالغا للاقتصاد الرقمي، مشيرا إلى أن الولوج إلى المعطيات أصبح عنصر منافسة يحظى بأهمية واهتمام كل المسؤولين والفاعلين الاقتصاديين على الصعيد الدولي. وأكد، بهذا الصدد، على ضرورة تقنين الولوج إلى المعطيات وضمان أمنها وسلامتها، مبرزا أن التقنين الجيد يتطلب فهما لكيفية اشتغال المنافسة بين جميع القطاعات الاقتصادية. وأبرز الادريسي الملياني، المدير العام لوكالة التنمية الرقمية، أن الوكالة تسعى إلى التمكين من الولوج العادل إلى المعطيات والبيانات، من خلال عدد من الأدوات الرقمية، بهدف ضمان منافسة سليمة ومساعدة مهن التقنين على تدبير الأسواق الجواهري: بروز منظومة التكنولوجيا المالية اعتبر عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال تدخله في الجلسة الافتتاحية، أن النموذج الاقتصادي للمنصات الرقمية، وتوليفاتها المرتبطة بوتيرة التغيير والبعد العالمي لبعض الفاعلين في السوق، يشكل تحديا للمقننين وهيآت المنافسة. وأكد أن بنك المغرب وضع الرقمنة في صميم مخططه الإستراتيجي الأخير (2019-2023)، من خلال تحويل عملياته وأنشطته الداخلية، خصوصا عبر إعادة الهندسة والاستغلال المتقدم للمعطيات، وكذا تطور دور البنك، باعتباره مقننا، في رقمنة الخدمات المالية وبروز منظومة التكنولوجيا المالية. وسلط والي بنك المغرب الضوء على دور البنك المركزي في النهوض بالمنافسة في القطاع البنكي بالمملكة. وأكد، بهذا الصدد، أن بنك المغرب يأخذ بعين الاعتبار النهوض بالمنافسة في القطاع البنكي، في إطار الدور الذي يطلع به في مجال التقنين، الذي ينعكس عبر تطبيق القواعد نفسها على جميع الفاعلين، دون تمييز بين وضع المساهمين،عموميين كانوا أم خواصا، مغاربة أم أجانب. وأشار، في هذا الجانب، إلى فتح القطاع البنكي أمام فاعلين جدد، لا سيما البنوك التشاركية ومؤسسات الأداء، إضافة إلى إطلاق نشاط التمويل التعاوني أو التمويل الجماعي، مستقبلا، الذي يتميز بتقوية العرض من المنتوجات والشمول المالي. وأضاف أن تعزيز شفافية الخدمات البنكية يعد من الاهتمامات الدائمة لبنك المغرب، مبرزا اعتماد البنك المركزي متطلبات تتعلق بعرض الشروط المطبقة على العمليات البنكية، ونقل الكشوفات البنكية للزبناء، والإبلاغ السنوي للاقتطاعات المفروضة وإخبار المقاولات بخصوص طلبات القروض. وأكد أن هذه الشفافية ستتعزز أكثر من خلال وضع القطاع البنكي، تحت إشراف بنك المغرب، آلية لمقارنة تعريفات البنوك وتواريخ الاستحقاق، ما سيسهل على الزبناء اختيار البنك الذي يلبي احتياجاتهم بشكل أفضل. وأوضح، في السياق نفسه، أن بنك المغرب بصفته جهة للتقنين، يتعين عليه مواكبة الانتقال الرقمي للقطاع البنكي، مع السهر على تحديد التحديات ذات الصلة بتدبير المخاطر والاستجابة لها، وعلى الاستقرار المالي وحماية المستهلكين، مسجلا أن البنك المركزي قام بعدة مبادرات بالتعاون مع شركائه، خصوصا إحداث "خدمة الشباك الوحيد، الذي تتمثل مهمته في مواكبة التكنولوجيا المالية في الجوانب المتعلقة بالتنظيم البنكي، و"مختبرات الابتكار" الذي يسمح بتجريب الحلول التي تقترحها التكنولوجيا المالية في ما يتعلق بأنشطتها. وأفاد الجواهري أن البنك المركزي شرع، في إطار لجنة وطنية تضم جميع الأطراف المشاركة، في إعداد الإطار القانوني للأصول المشفرة، والتفكير في الإصدار المحتمل لعملة رقمية للبنك المركزي، مبرزا أن من شأن هذه الأوراش أن تعزز الابتكار والمنافسة داخل السوق. واعتبر الجواهري أن دينامية جديدة للسوق تلوح في الأفق، مع إدماج، في المستقبل، للخدمات البنكية المفتوحة، والتي تشكل رافعة قوية للابتكار والبحث والتطوير في المجال البنكي. ضمان الحقوق المجاورة للانتقال الرقمي للصحافة مشاركون شددوا على اعتماد التمييز الإيجابي لفائدة المقاولات الإعلامية أمام الشركات الكبرى للتواصل الاجتماعي استعرض بونوا كوري، رئيس هيأة المنافسة بفرنسا، تجربة هذه الهيأة ومهامها واختصاصاتها، لاسيما الاستشارية و"المنازعاتية"، مشيرا إلى أن إنتاج الثروة وإعادة توزيعها في المجال الصحافي يتخذ أبعادا عديدة، أهمها البعدان القانوني والمجتمعي، الذان يعتبران الصحافة سلطة قائمة الذات. وسلط الضوء، خلال تدخله بورشة نقاش حول الصحافة والحقوق المجاورة، على السبل الكفيلة بتعزيز استدامة المقاولات الصحافية، من قبيل احترام التعددية والعمل على إبراز صحافة ذات جودة، مع الامتثال للإطار القانوني المنظم للقطاع بفرنسا، واستشهد بالعنصر المحوري المساعد على توطيد الاستقلالية المالية للمقاولات الصحافية، الذي يتجلى في تقديم أجر ملائم تبعا لحق إعادة الإنتاج. واعتبر أن تشعب المجال يرجع إلى بروز فاعلين جدد، مثل الناشرين، ووكالات الأنباء، والموزعين، وصعوبة تبني نموذج اقتصادي بمستطاعه بيع المحتوى وحسن تسويقه، ورسملة المحتويات الإعلامية، مشيرا إلى الممارسات المنافية والمخالفة للقانون التي واجهتها العدالة الفرنسية بحزم، على غرار قضية "غوغل" وتبعاتها الوخيمة على القطاع بفرنسا، خلال 2020. وأكد المشاركون في هذه الورشة أن ضمان الحقوق المجاورة يعد شرط نجاح الانتقال الرقمي في ميدان الصحافة والإعلام، وعاملا مساعدا على الرقي بالخدمات التي تقدمها المقاولات الصحافية في العصر الراهن. وشدد المشاركون، خلال هذه الورشة، على ضرورة شمل المجال الصحافي بكل سبل النجاح، مع التركيز على الجوانب القانونية والمهنية والتنظيمية، حتى يضطلع بمهامه على الوجه الأمثل، لافتين الانتباه إلى مبدأ "التمييز الإيجابي" لفائدة المقاولات الإعلامية، أمام الشركات الكبرى المختصة في التواصل الاجتماعي، من قبيل "غوغل" و"آبل" و"أمازون" و"فيسبوك"، والتي "ما تفتأ تتقوى وتجني لوحدها ثمار الطفرة التكنولوجية . وأجمعوا على أهمية رص صفوف المقاولات الإعلامية، كمرحلة أولية من أجل توحيد الرؤى بخصوص الإشكاليات التي تعرفها، وتتجلى أساسا في "ضعف الموارد المالية، ومعضلة التكوين المستمر للصحافيين والصحافيات، وعدم جاذبية المحتويات"، مشيرين، في المقابل، إلى مفهوم الحقوق المجاورة المتعلق بالملكية الأدبية والفنية، والذي يعد "مجموعة الحقوق التي يتمتع بها فنانو الأداء ومنتجو التسجيلات السمعيـة أو السمعية - البصرية والهيآت الإذاعية والتلفزية. واستعرض مصطفى أمدجار، عن وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بدوره، الجهود التي تبذلها الوزارة لتنظيم القطاع وتسهيل ولوجه إلى العالم الرقمي، مؤكدا أن المشهد الإعلامي مدعو إلى مواجهة التحديات التي يعرفها القطاع. واعتبر أن السياسات العمومية المنظمة للمجال تسعى إلى تحيين النصوص ذات الصلة، لاسيما الخاصة بحقوق الملكية الفكرية في مجال الصحافة، مسجلا الحاجة إلى تحصين المجال أمام كبريات الشركات، على اعتبار أن الأمر يتسق مع قضايا السيادة، ضمانا لحماية المعطيات الشخصية التي تعد مكونا هاما في 'باقة' الحقوق والحريات. وأكد متدخلون ضرورة بلورة عقود برامج بين الدولة و الفاعلين في القطاع، بما يخدم القيم النبيلة للسلطة الرابعة وعوائدها الإيجابية على الفرد والمجتمع، مطالبين بتحيين النصوص القانونية حتى تساير التغيرات الطارئة حاليا. وسجلت التدخلات الحاجة إلى ضمان مزيد من الاستدامة لفائدة المقاولات الصحافية مع الامتثال لأخلاقيات المهنة، داعية إلى الاستثمار في المجال الإعلامي، على اعتبار أن القطاع تغلب عليه المقاولات الفردية، كما اعتبرت أن هناك ضرورة لإعادة تنظيمه.

خبراء يناقشون تحديات الرقمنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قافلة طبية بآيت داوود بالصويرة

النصب باسم رئاسة النيابة العامة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات