بلاغ رسمي يتحدث عن «المس» و»الحالة» يثير التساؤلات لم تسلم وزارة التربية والتعليم من أفكار الرقاة، ومن توظيف قاموسهم وعباراتهم، للتوضيح بخصوص حادثة وقعت بإحدى المؤسسات التعليمية بالمديرية الإقليمية للناظور، إذ سقط البلاغ الرسمي في لغة الدجل، والترويج لأفكار أقرب ما تكون إلى الشعوذة والعقلية السحرية، أكثر من التربية والتعليم. ويتعلق الأمر بإحدى المؤسسات الثانوية بالناظور، التي شهدت حادثا وصفه البعض في البداية أنه محاولة انتحار تلميذة، بعدما أصيبت بجرح في يدها، ما دفع المؤسسة إلى إصدار بيان توضيحي، تشرح فيه ملابسات القضية، وهنا سقطت في لغة الرقاة. وقال البيان إن التلميذة لم تحاول الانتحار، إنما قامت بحركة لا إرادية أدت إلى ارتطام يدها بزجاج نافذة إحدى الحجرات، سبب لها جرحا، تطلب تدخل الإسعاف ونقلها إلى المستشفى. وفي سياق شرح ما وقع للتلميذة، قال البيان إنه "في مساء الأربعاء الماضي، وقعت حادثة عادية للتلميذة (ب. ل) في حصة التربية الإسلامية، حيث أن التلميذة شعرت بنفسها في حالة تحتاج إلى الخروج من الفصل، فطلبت الإذن من الأستاذ فسمح لها بذلك، وخرجت رفقة اثنتين من زميلاتها، وأثناء مرورها بجانب حجرة أخرى في طريقها للمرافق الصحية، جاءتها الحالة، فضربت يدها بزجاج النافذة بشكل لا إرادي، الذي تسبب لها بجرح في يدها". وبغض النظر عن لغة البيان غير السليمة، فإن البيان تحدث عن "جاءتها الحالة"، دون شرح ما معنى "الحالة"، وكيف تعرف كاتب البيان على طبيعة المرض أو الأزمة التي ألمت بالتلميذة، وهل قام بتشخيص طبي معين، واكتشف مرضا جديدا يدعى "الحالة". واسترسل البيان، إلى أن وصل نقطة أخرى، قال فيها "وللتوضيح فالتلميذة تعاني المس منذ سنوات، حسب تصريحات عائلتها، والإدارة التربوية وهيأة التدريس تعلم بحالتها، وتتعامل معها بالشكل المطلوب". وكتبت جملة التعامل معها بالشكل المطلوب، بخط عريض، هنا يطرح السؤال ما هو الشكل المطلوب الذي يتعامل به الأساتذة مع التلميذة المصابة بالمس منذ سنوات؟ وماذا يقصد بالمس وهل يمكن الإحاطة به علميا ودراسته وتشخيصه وعلاجه؟ وهل أستاذ التربية الإسلامية الذي كانت في فصله كان يقوم بالمطلوب عندما شعرت بأنها لا تستطيع إكمال الحصة؟ وإذا كانت الوزارة المسؤولة عن تربية الأجيال، التي تدعي تدريس العلوم التجريبية، وتشجع على استعمال العقل، وتمحيص المعرفة واستعمال السؤال، تستعمل عبارات "الحالة" و"المس" دون أدنى حرج، فماذا ننتظر من منظومة التربية، التي لم تتخلص من أفكار ومعتقدات لا علاقة لها بالعلم والتجريب؟. عصام الناصيري