75 في المائة من مداخيل الخزينة العامة من العقود الموثقة

الاختلالات التي تتسرب إلى العقود تتطلب مقاربة جديدة تمنح المزيد من الضمانات لقياس الكفاءة اللازمة ومستوى الشفافية كثيرا ما يطرح مفهوم الأمن التعاقدي، ومدى القدرة على ترجمته على أرض الواقع، خاصة أمام التخوفات التي أضحت تطبع علاقة الموثق بالزبون وعلاقته بالقضاء، بالإضافة إلى العديد من الإكراهات التي حاول المتدخلون في اللقاء الدولي حول الأمن التعاقدي وتحديات التنمية ، الذي نظم يومي الجمعة والسبت الماضيين بقصر المؤتمرات بالصخيرات من قبل حكمة النقض وبشراكة مع الهيأة الوطنية للموثيقين، الإجابة عنها والاقتراب بشكل واضح من معوقات تحقيقها، على اعتبار أن الجميع مشرعين وقضاة ومهنيي القانون أصبحوا مطالبين أكثر من أي وقت مضى، دستوريا وقانونيا وأخلاقيا، بضمان الأمن القانوني للأفراد والجماعات مواطنين كانوا أو أجانب وحماية حقوقهم وحرياتهم.كانت البداية مع الاختلاف المفاهيمي للأمن التعاقدي والذي حاول المتدخلون في الجلسة الأولى الوقوف عليه، بالنظر إلى التداخل لهذا المفهوم مع مفاهيم تتداخل وتتقاطع معه وذلك من أجل ضبطها ورسم الحدود الفاصلة بين مختلف المصطلحات ذات الصلة بالموضوع وخصوصا الأمن القانوني والأمن التعاقدي والعدالة التعاقدية. ودعا المتدخلون إلى الارتقاء بمفهوم الأمن التعاقدي إلى مصاف الحقوق الأساسية المضمونة دستوريا ودوليا، والتشديد على ضرورة تعزيز الترسانة القانونية للعقد بما يسمح بتجاوز أوجه القصور التشريعي التي تجعله عاجزا عن القيام بدوره في تأطير العلاقات التجارية والاقتصادية، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن المعالجة التشريعية لا تكفي وحدها لتحقيق هذه الغاية، ما يتطلب تعبئة شاملة لكافة مهنيي القانون في تبني مقاربة الجودة على اختلاف أبعادها، حتى تكون المهنة في مستوى الانتظارات.التنافسية في المجال التعاقدي، كانت حاضرة هي الأخرى في المناقشات الدائرة إذ خلص المتدخلون إلى تبني مقاربة تجمع بين التنافسية في مفهومها الإيجابي عن طريق الرفع من سقف جودة الخدمات مع تكريس مفهوم التكامل والتضامن بين المهن القانونية والقضائية خدمة للتنمية بمفهومها الشمولي، بالإضافة إلى التأكيد على الدور المتميز للعمل القضائي في الاجتهاد والرأي والتأويل، بحكم أنه أصبح اليوم مؤشرا من المؤشرات الأساسية في التنمية، فقد أجمعت كافة التدخلات على تأكيد دوره في ضمان فعالية العقود من خلال استحضاره للبعد التنموي بالشكل الذي يسمح باستمرار تنفيذ المشاريع الاقتصادية، مع التأكيد على ضرورة الاجتهاد لتبني الجزاءات المدنية البديلة عن تلك المقررة قانونا لإنهاء العقود.وخصصت الجلسة الثانية لتدارس أوجه مساهمة الأمن التعاقدي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال مؤشرين أساسيين هما الولوج إلى الملكية، والولوج إلى التمويل. واهتمت المداخلات بقطاعات مختلفة أهمها القطاع البنكي، والمقاولات العقارية والمحافظة العقارية، وإدارة الضرائب، وحماية المستهلك، والموثقين، والخبراء الدوليين، وخلص النقاش إلى القول إن "الجاذبية القانونية وحدها غير كافية لتحقيق النمو الاقتصادي وجذب الاستثمار المنتج بل هناك جوانب أخرى لا تقل عنها أهمية كالجانب المالي والضريبي والأبناك، ومكتب الصرف، والتكلفة، والمساطر الإدارية، والحق في المعلومة، والشفافية".هذه الأهمية، حسب المتدخلين تقتضي من الموثق الكثير من الحرص لضمان سلامة العقد شكلا ومضمونا وجعله أكثر توازنا بما يكفل غاية المشرع وفلسفته في حماية المستهلك بصفة عامة، خاصة وأن رسوم تسجيل العقود الموثقة تدر على خزينة الدولة أربعة ملايير وثمانمائة وعشرين مليون درهم، أي ما يشكل 75 في المائة من مداخيل ميزانية الدولة من رسوم التسجيل التي تبلغ سنويا 6،5 ملايير درهم. أما الجلسة الثالثة فخصصت للأدوار الجديدة للموثق خصوصا نطاق تدخله في تفعيل السياسات العمومية في الشأن الاجتماعي والاقتصادي، وحث الدولة على تبني سياسة تشريعية من شأنها إضفاء الرسمية على المزيد من العقود التي تبرم في المجالات الحيوية (اقتصاديا واجتماعيا) ضمانا لجودتها وفعاليتها وحماية للاستقرار والثقة في المعاملات. وفي السياق نفسه تمت مناقشة شروط ومستلزمات قيام الموثق بدور تفعيل السياسات العمومية، وأشار المتدخلون إلى ضرورة تمكين الموثق من كل الأدوار اللازمة لذلك، خصوصا الحق في الحصول على المعلومات القانونية بيسر ومرونة، وانتهاج مقاربة تشاركية في بلورة كل السياسات العمومية التي تتطلب تدخل الموثق، مع التشديد على أن التكوين هو الوسيلة الأساسية لضمان قدرة الموثق على التفعيل الحقيقي لسياسات الدولة في مختلف المجالات.وشهدت الجلسة الأخيرة مناقشة الأمن التعاقدي والضمانات المهنية كموضوع أصبح يفرض نفسه انطلاقا من بلورة القناعة بأن تحرير العقود من طرف مهنيين محترفين، وإن كان يشكل في حد ذاته ضمانة أساسية لتحقيق الأمن التعاقدي، إلا أن الاختلالات التي قد تتسرب إلى هذه العقود بشكل إرادي أحيانا وغير إرادي أحيانا كثيرة، يعبر عن الحاجة إلى مقاربة جديدة تمنح المزيد من الضمانات لقياس الكفاءة اللازمة لإبرام العقود ومستوى الشفافية في التعامل بشأن الودائع والأتعاب، وبالخصوص التأمين على المسؤولية المهنية للموثق في جوانبها التأديبية والزجرية والضريبية والمدنية، مع تفعيل دور صندوق ضمان الموثقين في كل حالة من الحالات التي لا يغطيها التأمين. كريمة مصلي

75 في المائة من مداخيل الخزينة العامة من العقود الموثقة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

23 تـوصـية لأجـل الأمـن التعــاقــدي

الخضراوي : محكمة النقض تتعامل بصرامة لمواجهة المتلاعبين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات