تبددت العديد من الاستثمارات التي كانت في طريقها لآسفي، وكأن القائمين على الشأن العام بهذا الإقليم، يأبون أن تتحرك عجلة التنمية بهذا الإقليم، الذي يعاني شتى صور التهميش والإقصاء. وظلت العديد من الأجيال تتساءل عن سبب وضع "حواجز" أمام المستثمرين في قطاع العقار، وعدم ولوجهم لمدينة آسفي، إذ أن العديد من الملفات التي وضعت على طاولة مسؤولين بالمدينة، ظلت تواجه بالعديد من العراقيل، ما جعل الكثير منهم يقرر عدم التفكير في الاستثمار بآسفي. بعض العارفين بخبايا الأمور، يؤكدون أن الأمر يتعلق بلوبيات تستفيد من قطاع العقار، وتأبى أن يفتح الباب أمام مستثمرين آخرين من خارج المدينة، لما يشكله ذلك من منافسة لهم. وتؤكد مصادر مهتمة بالشأن المحلي، أن من بين أسباب تعثر الاستثمار بآسفي، مشروع تصميم التهيئة، الذي يمنع مثلا البناء ببعض المناطق كالحي الصناعي بآسفي، إذ أن هذا الحي الذي كان يضم العشرات من معامل التصبير والتعليب، يصعب اليوم الحصول في شأنه على رخص البناء. ورغم أن آسفي تتوفر على المركبات الكيماوية والمحطة الحرارية لاستخراج الطاقة وميناءين، فإنها تفتقد لحد الآن لمنطقة صناعية تتوفر فيها شروط جذب الاستثمار، إذ يعتبر هذا العامل (بالإضافة إلى عامل غياب الوعاء العقاري، الذي استولت على أغلبه جهات نافذة لها تمثيلية في المؤسسات المنتخبة) من بين المعيقات او العراقيل التي تواجه كل من فكر في الاستثمار بآسفي.. "هذا الوضع لا يمكن بالمرة أن يجلب مستثمرين، لأن المستثمر الذي يصطدم بغياب الوعاء العقاري، لا يمكن أن يستثمر بهذه المدينة، فضلا عن غياب التسويق الإيجابي لهذا الإقليم"، يؤكد عضو باتحاد أرباب المقاولات بآسفي. وتشير مصادر مطلعة، إلى أنه رغم توفر الأملاك المخزنية على عقارات مهمة جدا بوسط المدينة، وفي مواقع إستراتيجية، فإن العديد من المستثمرين الذين كانت لهم الرغبة في اقتناء تلك العقارات بأثمنة مشجعة، من أجل القيام بمشاريع استثمارية، فوجئوا برفض طلباتهم، بالمقابل، تتم الموافقة على مشاريع نافذين آخرين، ممن يقطعون الطريق على المستثمرين، ويقتنون تلك العقارات تحت ذريعة إنجاز مشاريع ما، دون أن تجد هذه المشاريع طريقها نحو الإنجاز. ويرى متتبعون أن السلطات الإقليمية بآسفي، فشلت في توفير الوعاء العقاري لمستثمرين خواص، من أجل إنجاز مشاريع، خصوصا في ظل المشاريع الكبرى التي خرجت إلى الوجود بآسفي، ومنها المحطة الحرارية. وفي الوقت الذي تلقت عمالة آسفي، إشارات من وزارة الداخلية، بضرورة إحداث منطقة صناعية بتراب جماعة سيدي التيجي، التي تتوفر على أكبر احتياطي من الجبس في إفريقيا، تم عقد عدة اجتماعات في مقر العمالة لمناقشة تصميم التهيئة للمنطقة الصناعية، التي سيتم إحداثها والتي تبعد عن آسفي بحوالي 46 كيلومترا. وقال الحسين شينان، عامل آسفي، إن هذا المشروع سيعطي دينامية جديدة للاستثمار في مادة الجبس، وإحداث فرص للشغل، كما سيشكل قيمة مضافة عالية للاقتصاد المحلي، وتشجيع الاستثمار، وتعزيز التموقع الاقتصادي للإقليم قطبا لوجيستيكيا مؤهلا لاحتضان المشاريع التنموية الكبرى عبر تقديم مجموعة من التحفيزات، وهو الأمر نفسه الذي أكده مدير الوكالة الحضرية لآسفي واليوسفية، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيمتد على مساحة تقارب 330 هكتارا، وسيتم إحداث حزام أخضر يمتد على مساحة 33 هكتارا، موضحا أن الأبحاث الجيولوجية أظهرت أن المنطقة تتوفر على مخزون هام من الجبس ذي جودة عالية يقدر ب 5 ملايير طن، مع وجود 39 مقلعا. غير أن المفاجأة الكبرى، أن المجلس الجماعي لسيدي التيجي، رفض خلال دورة لمجلسه، إحداث منطقة صناعية بتراب الجماعة، تحت ذريعة الآثار الجانبية والسلبية لمثل هذه المشاريع، بيد أن الجماعة تتوفر على العشرات من المقالع والتي يشتغل بعضها بشكل عشوائي، ولا يتم احترام الشروط الصحية والبيئية. محمد العوال (آسفي)