مرة أخرى، ولن تكون الأخيرة، يتأكد بالصورة والصوت أن خلاف الجزائر مع المغرب لم يعد مقتصرا فقط على معاكستها لمصالح المغرب ودعم الميليشيا الانفصالية بالمال والعتاد، بل تعداه إلى ما هو أخطر. ويظهر إلى أي حد أن "العصابة" الحاكمة في قصر المرادية، ماضية بإصرار في مخططها الإجرامي والعدائي، الرامي إلى استنبات الحقد والكراهية في أوساط أبناء الشعب الجزائري ضد أشقائهم المغاربة. ولا أدل على ذلك أكثر مما تعرضت له عناصر المنتخب الوطني المغربي للناشئين من اعتداءات وحشية، مباشرة بعد نهاية المباراة الأخيرة من بطولة كأس العرب لأقل من 17 سنة في نسختها الرابعة، التي استضافتها وهران في الفترة الممتدة ما بين 23 غشت الماضي و8 شتنبر الجاري، في سابقة من نوعها في تاريخ البطولات الرياضية عبر العالم، من حيث سوء التنظيم وغياب الأمن وجودة الملاعب الرياضية، إذ أن المباراة النهائية التي جمعت بين المنتخب الجزائري ونظيره المغربي بملعب وهران الأولمبي، والتي عادت نتيجتها إلى فوز المنتخب الجزائري بالضربات الترجيحية (4/2) بعد التعادل الإيجابي (1/1) عند نهاية الوقت القانوني، عرفت للأسف أحداثا همجية ولا أخلاقية، إذ أنه عوض الاحتفال بالفوز غير المستحق، أبى المنتخب الجزائري، مدعوما بعدد من الصعاليك والمجرمين الذين اقتحموا رقعة الملعب وحولوه إلى مجزرة، إلا أن يذيقوا لاعبي المنتخب المغربي الذين ليس لهم من ذنب عدا أنهم يحملون الجنسية المغربية، مختلف ألوان الرفس واللكم أمام مرأى ومسمع من المسؤولين ورجال الأمن... وما أثار حفيظة الشعب المغربي بجميع مكوناته، وأدى إلى اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بالتنديد واستنكار هذه الأفعال الوحشية، أنه فضلا عن انتشار مقاطع "فيديو" توثق لتلك المشاهد المخجلة، سارع الرئيس الصوري عبد المجيد تبون والرئيس الفعلي السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الجزائري ووزير الشباب والرياضة عبد القادر سبقاق، إلى تهنئة المنتخب الجزائري بكثير من الفخر والاعتزاز، وكأنهم يباركون لهم ما قاموا به من أعمال دنيئة تستحق التوبيخ بدل التنويه، إذ قال الأول: "أشبال ولكن في الميدان أسود... شكرا يا أبطال على ما قدمتموه... مبروك للجزائر الكأس العربية للناشئين"، بينما قال الثاني: "مبروك يا أبطال العرب. إن تتويجكم بكأس العرب للناشئين 2022 بكل جدارة واستحقاق، جاء ثمرة للتحضيرات والروح البطولية العالية، التي تحليتم بها طيلة هذه المنافسة العربية" فيما قال الثالث: "فوز منتخب الجزائر هو هدية باسم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الشعب الفلسطيني". من هنا، وبقراءة متأنية لمثل هذه التهاني والتبريكات أمام بشاعة الصور اللارياضية التي جابت العالم عبر القنوات التلفزيونية وشبكات التواصل الاجتماعي، يمكن لنا أن نفهم عقلية هؤلاء "الكابرانات" الذين يريدون بأي شكل من الأشكال تحقيق الانتصار في معاركهم ضد المغرب للتغطية على هزائمهم الدبلوماسية المتوالية، وأبانوا في أكثر من مناسبة أن لا عقيدة لهم عدا معاداة المغرب واستفزازه، وأنهم لا يحسنون من شيء سوى تبديد أموال الشعب في القضايا الخاسرة وتخريب عقول الأطفال الأبرياء وتكميم أفواه الشرفاء. إن "مذبحة" الخميس الأسود التي هيأت لها "العصابة" الظروف المناسبة على مستوى التعبئة والتجييش ضد شباب في عمر الزهور، ستظل شاهدة على زيف ادعاءات تبون وشنقريحة ومن يدور في فلكهما وحقيقة ما يضمرون من شرور للمغرب وجميع أبنائه، في وقت لم يعد يفصلنا عن موعد انعقاد القمة العربية بالجزائر سوى بضعة أسابيع. فأين نحن من شعار "لم الشمل العربي" الذي يتباهون به؟ ثم أي نظام في العالم يغذي أبناءه "قيم" البغض والحقد عبر جرعات؟ وهل يتخذ الاتحاد العربي العبرة من هذه الأحداث المأساوية التي أضرت كثيرا بصورة الكرة العربية، ويكون صارما في منح شرف تنظيم مثل هذه التظاهرات الرياضية للدول التي تستجيب للمعايير المعتمدة من حيث جودة الملاعب وتأمينها...؟ اسماعيل الحلوتي