انتحار خوفا من الفضيحة
فتاة تواطأت مع ابن عمها لتلفيق تهمة الاغتصاب لخطيبها
ارتفعت، في السنوات الأخيرة، بمحاكم الشمال، نسبة قضايا البلاغات الكاذبة والكيدية، أو ما يعرف بجريمة “الافتراء”، خاصة المتعلقة بهتك العرض أو فض البكارة والحمل، التي تلفقها في الغالب نسوة وفتيات قاصرات لأبرياء إما من أجل الانتقام، أو للتغطية عن فضائحهن الأخلاقية، وذلك باللجوء إلى وضع شكايات لدى الدوائر الأمنية، التي تقوم بإيقاف المشتكى بهم رغم إنكارهم لكل التهم الموجهة لهم، وتأكيدهم على أن الشكايات ملفقة لأسباب مختلفة، وهو ما أصبح يمس في العمق بمصداقية التحريات ويجعل بعض الأحكام تحوم حولها الشكوك.
وتعد استئنافية طنجة، من بين محاكم الجهة التي تعج بقضايا من هذا النوع، إذ غالبا ما يتشبث الأظناء، أثناء محاكمتهم، بعدم اقترافهم للأفعال المنسوبة إليهم، مؤكدين أن قضيتهم “كيدية ومفبركة”، معللين أقوالهم بقرائن تثبت أن علاقتهم بالضحايا المفترضين كانت قائمة ومتينة قبل أن يتم إيقافهم ومتابعتهم باتهامات لا تمت للحقيقة بصلة، غير أن هيأة المحكمة لا تأخذ في غالب الحالات بذلك، وتعتمد في قراراتها على محاضر الضابطة القضائية لتدينهم بعقوبات حبسية وغرامات.
ومن بين القضايا المثيرة، التي حظيت بمتابعة واسعة من قبل جمعيات حقوقية مهتمة بقضايا المرأة، نقف على قضية “فتاة بني عروس”، التي كانت نهايتها مأساوية بعد أن قامت بالانتحار رفقة ابن عمها بعد أن افتضح أمرها وافتراؤها على شاب تقدم لخطبتها، الذي اتهمته بفض بكارتها داخل منزل أسرتها، وأدين ظلما بثلاث سنوات حبسا نافذا، ما اعتبره حقوقيون أمرا خطيرا يمس بمصداقية التحريات والقضاء في المغرب بصفة عامة.
وتعود وقائع تلك القضية إلى سنة 2019، حينما ادعت فتاة لم تتجاوز عقدها الثاني، بأن خطيبها تنكر لها وتراجع عن وعده بالزواج بها بعد أن اغتصبها وفض بكارتها داخل منزل أسرتها، ليتم إيقافه وتقديمه أمام العدالة بتهمة تتعلق بـ “الاغتصاب الناتج عنه افتضاض البكارة والهجوم على مسكن الغير”.
ومثل المتهم، البالغ من العمر 32 سنة، أمام المحكمة وهو في حالة اعتقال، وأنكر كل التهم المنسوبة إليه، مؤكدا أنه كانت تربطه مع الهالكة علاقة غرامية ووعد بالزواج، إلا أنه تراجع عن وعده بعد أن اكتشف أنها ليست عذراء، وباحت له بأنها اغتصبت مكرهة من قبل ابن عمها، الذي مارس معها الجنس لعدة مرات وافتض بكارتها، ما دفع بأسرتها إلى تقديم شكاية كيدية ضده بعد أن تخلى عنها نهائيا.
وأوضح المتهم، أنه بعد أن شاع خبر ابن عمها وأصبح متداولا بين سكان المنطقة، استسلمت الهالكة لأزمتها النفسية وانتحرت شنقا داخل بيت أسرتها خوفا من الفضيحة، وهو مصير ابن عمها، الذي قرر هو الآخر وضع حد لحياته شنقا خوفا من المتابعة.
وأمام تلك التصريحات المثيرة، تشبث الدفاع ببراءة موكله من تهمة الاغتصاب وفض بكارة الهالكة، معللا طلبه بعدم وجود خبرة طبية تؤكد ذلك، محملا المسؤولية كاملة للضابطة القضائية التي تأخرت في إنجاز الخبرة قبل وفاة الهالكة، رغم أن المتهم طالب بها مباشرة بعد تقديم شكاية ضده، ملتمسا في الوقت نفسه إعادة تكييف التهم الموجهة إلى موكله وتحويلها من جناية إلى جنحة مع تخفيف العقوبة عليه.
ورفضت النيابة العامة الملتمس جملة وتفصيلا، وطالبت بإنزال أشد العقوبات على المتهم، وحرمانه من ظروف التخفيف نظرا لاقترافه جرما، أدى إلى انتحار شخصين وخلف آثارا نفسية عميقة لدى أسرتيهما، فقررت الهيأة إدخال الملف للمداولة وأصدرت بعدها قرارا بإدانة المتهم، وحكمت عليه بثلاث سنوات حبسا نافذا وتعويض لفائدة المطالبين بالحق المدني حددته في 30 ألف درهم.
المختار الرمشي (طنجة)